القول في
تأويل قوله ( ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين ( 18 ) )
قال
أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : ( ذلكم ) ، هذا الفعل من قتل المشركين ورميهم حتى انهزموا ، وابتلاء المؤمنين البلاء الحسن بالظفر بهم ، وإمكانهم من قتلهم وأسرهم فعلنا الذي فعلنا (
وأن الله موهن كيد الكافرين ) ، يقول : واعلموا أن الله مع ذلك مضعف " كيد الكافرين " ، يعني : مكرهم ، حتى يذلوا وينقادوا للحق ، أو يهلكوا .
وفى فتح " أن " من الوجوه ما في قوله : (
ذلكم فذوقوه وأن للكافرين ) ، [ سورة الأنفال : 14 ] ، وقد بينته هنالك .
وقد اختلفت القرأة في قراءة قوله : ( موهن ) .
فقرأته عامة قرأة
أهل المدينة وبعض
المكيين والبصريين : " موهن " بالتشديد ، من : " وهنت الشيء " ، ضعفته .
[ ص: 450 ]
وقرأ ذلك عامة
قرأة الكوفيين : ( موهن ) ، من أوهنته فأنا موهنه " ، بمعنى : أضعفته .
قال
أبو جعفر : والتشديد في ذلك أعجب إلي ، لأن الله تعالى كان ينقض ما يبرمه المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، عقدا بعد عقد ، وشيئا بعد شيء ، وإن كان الآخر وجها صحيحا .