القول في
تأويل قوله ( ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ( 21 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله ورسوله من أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم : لا تكونوا ، أيها المؤمنون ، في مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كالمشركين الذين إذا سمعوا كتاب الله يتلى عليهم قالوا : " قد سمعنا " ، بآذاننا " وهم لا يسمعون " ، يقول : وهم لا يعتبرون ما يسمعون بآذانهم ولا ينتفعون به ، لإعراضهم عنه ، وتركهم أن يوعوه قلوبهم ويتدبروه . فجعلهم الله ، إذ لم ينتفعوا بمواعظ القرآن وإن كانوا قد سمعوها بآذانهم ، بمنزلة من لم يسمعها . يقول جل ثناؤه لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكونوا أنتم في الإعراض عن أمر رسول الله ، وترك الانتهاء إليه وأنتم تسمعونه بآذانكم ، كهؤلاء المشركين الذين يسمعون مواعظ كتاب الله بآذانهم ، ويقولون : " قد سمعنا " ، وهم عن الاستماع لها والاتعاظ بها معرضون كمن لا يسمعها . * * *
وكان
ابن إسحاق يقول في ذلك ما : -
15853 - حدثنا
ابن حميد قال ، حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : (
ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ) ، أي : كالمنافقين الذين يظهرون له الطاعة ، ويسرون المعصية .
15854 - حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
[ ص: 459 ] عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : ( وهم لا يسمعون ) ، قال : عاصون .
15855 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله . * * *
قال
أبو جعفر : وللذي قال
ابن إسحاق وجه ، ولكن قوله : (
ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ) ، في سياق قصص المشركين ، ويتلوه الخبر عنهم بذمهم ، وهو قوله : (
إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ) ، فلأن يكون ما بينهما خبرا عنهم ، أولى من أن يكون خبرا عن غيرهم . * * *