القول في
تأويل قوله ( وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين ( 31 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : واذا تتلى على هؤلاء الذين كفروا آيات كتاب الله الواضحة لمن شرح الله صدره لفهمه ، قالوا جهلا منهم ، وعنادا للحق ، وهم يعلمون أنهم كاذبون في قيلهم " لو نشاء لقلنا مثل هذا " ،
[ ص: 503 ] الذي تلي علينا " إن هذا إلا أساطير الأولين " ، يعني : أنهم يقولون : ما هذا القرآن الذي يتلى عليهم إلا أساطير الأولين .
و" الأساطير " جمع " أسطر " ، وهو جمع الجمع ، لأن واحد " الأسطر " " سطر " ، ثم يجمع " السطر " ، " أسطر " و" سطور " ، ثم يجمع " الأسطر " " أساطير " و" أساطر " .
وقد كان بعض أهل العربية يقول : واحد " الأساطير " ، " أسطورة " . * * *
وإنما عنى المشركون بقولهم : " إن هذا إلا أساطير الأولين " ، إن هذا القرآن الذي تتلوه علينا ، يا
محمد ، إلا ما سطره الأولون وكتبوه من أخبار الأمم ! كأنهم أضافوه إلى أنه أخذ عن بني آدم ، وأنه لم يوحه الله إليه . * * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك :
15977 - حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثني
حجاج قال ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قوله : "
وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا " ، قال : كان
النضر بن الحارث يختلف تاجرا إلى
فارس ، فيمر بالعباد وهم يقرأون الإنجيل ويركعون ويسجدون . فجاء
مكة ، فوجد
محمدا صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه وهو يركع ويسجد ، فقال
النضر : " قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا ! " ، للذي سمع من العباد . فنزلت : "
وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا [ ص: 504 ] " ، قال : فقص ربنا ما كانوا قالوا
بمكة ، وقص قولهم : إذ قالوا : " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك " ، الآية .
15978 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن المفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : كان
النضر بن الحارث بن علقمة ، أخو
بني عبد الدار ، يختلف إلى
الحيرة ، فيسمع سجع أهلها وكلامهم . فلما قدم
مكة ، سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن ، فقال : "
قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين " ، يقول : أساجيع
أهل الحيرة .
15979 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال ، حدثنا
محمد بن جعفر قال ، حدثنا
شعبة ، عن
أبي بشر ، عن
سعيد بن جبير قال :
قتل النبي من يوم بدر صبرا : عقبة بن أبي معيط ، وطعيمة بن عدي ، والنضر بن الحارث . وكان المقداد أسر النضر ، فلما أمر بقتله ، قال المقداد : يا رسول الله ، أسيري ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه كان يقول في كتاب الله ما يقول ! فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله ، فقال المقداد : أسيري ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اغن المقداد من فضلك ! " فقال المقداد : هذا الذي أردت ! وفيه نزلت هذه الآية : " وإذا تتلى عليهم آياتنا " ، الآية .
15980 - حدثني
يعقوب قال ، حدثنا
هشيم قال ، أخبرنا
أبو بشر ، عن
سعيد بن جبير :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل يوم بدر ثلاثة رهط من قريش صبرا : المطعم بن عدي ، والنضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط . قال : فلما أمر بقتل النضر ، قال المقداد بن الأسود : أسيري ، يا رسول الله ! قال : إنه كان يقول في كتاب الله وفي رسوله ما كان يقول ! قال : فقال ذلك مرتين أو ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم أغن المقداد من فضلك ! وكان المقداد أسر النضر .
[ ص: 505 ]