القول في
تأويل قوله ( ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم ( 42 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ولكن الله جمعهم هنالك ، ليقضي أمرا كان مفعولا "
ليهلك من هلك عن بينة " . * * *
وهذه اللام في قوله : " ليهلك " مكررة على " اللام " في قوله : " ليقضي " ، كأنه قال : ولكن ليهلك من هلك عن بينة ، جمعكم . * * *
ويعني بقوله : "
ليهلك من هلك عن بينة " ، ليموت من مات من خلقه ، عن حجة لله قد أثبتت له وقطعت عذره ، وعبرة قد عاينها ورآها " ويحيا من حي عن بينة " ، يقول : وليعيش من عاش منهم عن حجة لله قد أثبتت له وظهرت لعينه فعلمها ، جمعنا بينكم وبين عدوكم هنالك . * * *
وقال
ابن إسحاق في ذلك بما : -
16149 - حدثنا
ابن حميد قال ، حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : "
ليهلك من هلك عن بينة " ، [ أي ليكفر من كفر بعد الحجة ] ، لما رأى من الآية والعبرة ، ويؤمن من آمن على مثل ذلك . * * *
[ ص: 569 ]
وأما قوله : " وإن الله لسميع عليم " ، فإن معناه : " وإن الله " ، أيها المؤمنون ، " لسميع " ، لقولكم وقول غيركم ، حين يري الله نبيه في منامه ويريكم ، عدوكم في أعينكم قليلا وهم كثير ، ويراكم عدوكم في أعينهم قليلا " عليم " ، بما تضمره نفوسكم ، وتنطوي عليه قلوبكم ، حينئذ وفي كل حال .
يقول جل ثناؤه لهم ولعباده : فاتقوا ربكم ، أيها الناس ، في منطقكم : أن تنطقوا بغير حق ، وفي قلوبكم : أن تعتقدوا فيها غير الرشد ، فإن الله لا يخفى عليه خافية من ظاهر أو باطن . * * *