القول في
تأويل قوله ( إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين ( 4 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : (
وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله ) ، إلا من عهد الذين عاهدتم من المشركين ، أيها المؤمنون (
ثم لم ينقصوكم شيئا ) ، من عهدكم الذي عاهدتموهم (
ولم يظاهروا عليكم أحدا ) ، من عدوكم ، فيعينوهم بأنفسهم وأبدانهم ، ولا بسلاح ولا خيل ولا رجال (
فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم ) ، يقول : ففوا لهم بعهدهم الذي عاهدتموهم عليه ، ولا تنصبوا لهم حربا إلى انقضاء أجل عهدهم الذي بينكم وبينهم (
إن الله يحب المتقين ) ، يقول : إن الله يحب من اتقاه بطاعته ، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه .
16471 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم ) ، يقول : إلى أجلهم .
16472 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : (
إلا الذين عاهدتم من المشركين ) ، : أي العهد الخاص إلى الأجل المسمى (
ثم لم ينقصوكم شيئا ) ، الآية .
[ ص: 133 ]
16473 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا ) ، الآية ، قال : هم مشركو
قريش ، الذين عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن
الحديبية ، وكان بقي من مدتهم أربعة أشهر بعد يوم النحر ، فأمر الله نبيه أن يوفي لهم بعهدهم إلى مدتهم ، ومن لا عهد له إلى انسلاخ المحرم ، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده ، وأمره بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأن لا يقبل منهم إلا ذلك .
16474 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قال : مدة من كان له عهد من المشركين قبل أن تنزل "براءة" أربعة أشهر ، من يوم أذن ببراءة إلى عشر من شهر ربيع الآخر ، وذلك أربعة أشهر ، فإن نقض المشركون عهدهم ، وظاهروا عدوا فلا عهد لهم . وإن وفوا بعهدهم الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يظاهروا عليه عدوا ، فقد أمر أن يؤدي إليهم عهدهم ويفي به .