القول في
تأويل قوله ( ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون ( 17 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ما ينبغي للمشركين أن يعمروا مساجد الله وهم شاهدون على أنفسهم بالكفر . يقول : إن المساجد إنما تعمر لعبادة الله فيها ، لا للكفر به ، فمن كان بالله كافرا ، فليس من شأنه أن يعمر مساجد الله .
وأما شهادتهم على أنفسهم بالكفر ، فإنها كما : -
16552 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله : (
ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر ) ، يقول : ما ينبغي لهم أن يعمروها . وأما (
شاهدين على أنفسهم بالكفر ) ، فإن النصراني يسأل : ما أنت؟ فيقول : نصراني واليهودي ، فيقول : يهودي والصابئ ، فيقول : صابئ والمشرك يقول إذا سألته : ما دينك؟ فيقول : مشرك ! لم يكن ليقوله أحد إلا العرب .
16553 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
عمرو العنقزي ، عن
أسباط ، عن
[ ص: 166 ] nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله ) ، قال : يقول : ما كان ينبغي لهم أن يعمروها .
16554 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
عمرو ، عن
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
شاهدين على أنفسهم بالكفر ) ، قال : النصراني يقال له : ما أنت؟ فيقول : نصراني واليهودي يقال له : ما أنت؟ فيقول : يهودي والصابئ يقال له : ما أنت؟ فيقول : صابئ .
وقوله : (
أولئك حبطت أعمالهم ) ، يقول : بطلت وذهبت أجورها؛ لأنها لم تكن لله بل كانت للشيطان (
وفي النار هم خالدون ) ، يقول : ماكثون فيها أبدا ، لا أحياء ولا أمواتا .
واختلفت القرأة في قراءة قوله : (
ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله ) ، فقرأ ذلك عامة قرأة
أهل المدينة والكوفة : (
مساجد الله ) ، على الجماع .
وقرأ ذلك بعض
المكيين والبصريين : ( مسجد الله ) ، على التوحيد ، بمعنى
المسجد الحرام .
قال
أبو جعفر : وهم جميعا مجمعون على قراءة قوله : (
إنما يعمر مساجد الله ) ، على الجماع ، لأنه إذا قرئ كذلك ، احتمل معنى الواحد والجماع ، لأن العرب
[ ص: 167 ] قد تذهب بالواحد إلى الجماع ، وبالجماع إلى الواحد ، كقولهم : "عليه ثوب أخلاق" .