القول في
تأويل قوله ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ( 18 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : (
إنما يعمر مساجد الله ) ، المصدق بوحدانية الله ، المخلص له العبادة ( واليوم الآخر ) ، يقول : الذي يصدق ببعث الله الموتى أحياء من قبورهم يوم القيامة ( وأقام الصلاة ) ، المكتوبة ، بحدودها وأدى الزكاة الواجبة عليه في ماله إلى من أوجبها الله له (
ولم يخش إلا الله ) ، يقول : ولم يرهب عقوبة شيء على معصيته إياه ، سوى الله (
فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) ، يقول : فخليق بأولئك الذين هذه صفتهم ، أن يكونوا عند الله ممن قد هداه الله للحق وإصابة الصواب .
16555 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثنا
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : (
إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ) ، يقول : من وحد الله ، وآمن باليوم الآخر . يقول : أقر بما أنزل
[ ص: 168 ] الله ( وأقام الصلاة ) ، يعني الصلوات الخمس (
ولم يخش إلا الله ) ، يقول : ثم لم يعبد إلا الله قال : (
فعسى أولئك ) ، يقول : إن أولئك هم المفلحون ، كقوله لنبيه : (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) ، [ سورة الإسراء : 79 ] : يقول : إن ربك سيبعثك مقاما محمودا ، وهي الشفاعة ، وكل "عسى" ، في القرآن فهي واجبة .
16556 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق قال : ثم ذكر قول
قريش : إنا أهل الحرم ، وسقاة الحاج ، وعمار هذا البيت ، ولا أحد أفضل منا! فقال : (
إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ) ، أي : إن عمارتكم ليست على ذلك ، (
إنما يعمر مساجد الله ) ، أي : من عمرها بحقها (
من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله ) فأولئك عمارها (
فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) ، و"عسى" من الله حق .