القول في تأويل قوله : (
وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون ( 54 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وما منع هؤلاء المنافقين ، يا
محمد ، أن تقبل منهم نفقاتهم التي ينفقونها في سفرهم معك ، وفي غير ذلك من السبل ، إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ، ف"أن" الأولى في موضع نصب ، والثانية في موضع رفع؛ لأن معنى الكلام : ما منع قبول نفقاتهم إلا كفرهم بالله (
ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ) ،
[ ص: 295 ] يقول : لا يأتونها إلا متثاقلين بها؛ لأنهم لا يرجون بأدائها ثوابا ، ولا يخافون بتركها عقابا ، وإنما يقيمونها مخافة على أنفسهم بتركها من المؤمنين ، فإذا أمنوهم لم يقيموها ( ولا ينفقون ) ، يقول : ولا ينفقون من أموالهم شيئا (
إلا وهم كارهون ) ، أن ينفقونه في الوجه الذي ينفقونه فيه ، مما فيه تقوية للإسلام وأهله .