القول في
تأويل قوله ( ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ( 58 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ومن المنافقين الذين وصفت لك ، يا
محمد ، صفتهم في هذه الآيات (
من يلمزك في الصدقات ) ، يقول : يعيبك في أمرها ، ويطعن عليك فيها .
يقال منه : "لمز فلان فلانا يلمزه ، ويلمزه" إذا عابه وقرصه ، وكذلك "همزه" ، ومنه قيل : "فلان همزة لمزة ، ومنه قول
رؤبة :
قاربت بين عنقي وجمزي في ظل عصري باطلي ولمزي
[ ص: 301 ] ومنه قول الآخر :
إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة وإن أغيب فأنت العائب اللمزه
(
فإن أعطوا منها رضوا ) يقول : ليس بهم في عيبهم إياك فيها ، وطعنهم عليك بسببها الدين ، ولكن الغضب لأنفسهم ، فإن أنت أعطيتهم منها ما يرضيهم رضوا عنك ، وإن أنت لم تعطهم منهم سخطوا عليك وعابوك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 302 ] 16813 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
ابن نمير ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
ومنهم من يلمزك في الصدقات ) قال : يروزك .
16814 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد قوله : (
ومنهم من يلمزك في الصدقات ) يروزك ويسألك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وأخبرني
داود بن أبي عاصم قال : قال
أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بصدقة فقسمها هاهنا وهاهنا حتى ذهبت . قال : ورآه رجل من الأنصار فقال : ما هذا بالعدل ؟ فنزلت هذه الآية .
16815 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
ومنهم من يلمزك في الصدقات ) يقول : ومنهم من يطعن عليك في الصدقات . وذكر لنا
nindex.php?page=hadith&LINKID=812254أن رجلا من أهل البادية حديث عهد بأعرابية أتى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم ذهبا وفضة ، فقال : يا محمد ، والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ما عدلت ! فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : ويلك ! فمن ذا يعدل عليك بعدي ! ثم قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : احذروا هذا وأشباهه فإن في أمتي أشباه هذا ، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، فإذا خرجوا فاقتلوهم ، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم . وذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " والذي نفسي بيده ما أعطيكم شيئا ولا أمنعكموه ، إنما أنا خازن .
16816 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة : (
ومنهم من يلمزك في الصدقات ) قال : يطعن .
16817 - . . . . . . قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
الزهري [ ص: 303 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=810584عن أبي سعيد قال : بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم قسما إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التميمي ، فقال : اعدل ، يا رسول الله ! فقال : ويلك ، ومن يعدل إن لم أعدل ؟ ! فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه ! قال : دعه ، فإن له أصحابا يحتقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فينظر في قذذه فلا ينظر شيئا ، ثم ينظر في نصله ، فلا يجد شيئا ، ثم ينظر في رصافه فلا يجد شيئا ، قد سبق الفرث والدم ، آيتهم رجل أسود ، إحدى يده أو قال : يديه مثل ثدي المرأة ، أو مثل البضعة تدردر ، يخرجون على حين فترة من الناس . قال : فنزلت : ( ومنهم من يلمزك في الصدقات . ) قال أبو سعيد : أشهد أني سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن عليا - رحمة الله عليه - حين قتلهم جيء بالرجل على النعت الذي نعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
16817 م - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في
[ ص: 304 ] قوله : (
ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ) قال : هؤلاء المنافقون قالوا : والله ما يعطيها
محمد إلا من أحب ، ولا يؤثر بها إلا هواه ! فأخبر الله نبيه ، وأخبرهم أنه إنما جاءت من الله ، وأن هذا أمر من الله ليس من
محمد : (
إنما الصدقات للفقراء ) الآية .