[ ص: 305 ] القول في تأويل قوله ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ( 60 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : ما الصدقات إلا للفقراء والمساكين ، ومن سماهم الله - - جل ثناؤه - - .
ثم اختلف أهل التأويل في
صفة " الفقير " " والمسكين " .
فقال بعضهم : " الفقير " المحتاج المتعفف عن المسألة ، " والمسكين " المحتاج السائل .
ذكر من قال ذلك :
16818 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
جرير عن
أشعث عن
الحسن : (
إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) قال : " الفقير " الجالس في بيته " والمسكين " الذي يسعى .
16819 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله قال : حدثنا
معاوية عن
علي عن
ابن عباس قوله : (
إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) قال : " المساكين " الطوافون ، " والفقراء " فقراء المسلمين .
16820 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
أبو أسامة عن
جرير بن حازم قال : حدثني رجل ، عن
جابر بن زيد : أنه سئل عن " الفقراء " ، قال : " الفقراء " المتعففون ، " والمساكين " الذين يسألون .
[ ص: 306 ] 16821 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
معقل بن عبيد الله الجزري قال : سألت
الزهري عن قوله : (
إنما الصدقات للفقراء ) قال : الذين في بيوتهم لا يسألون ، " والمساكين " الذين يخرجون فيسألون .
16822 - حدثنا
الحارث قال : حدثنا
القاسم قال : حدثنا
يحيى بن سعيد عن
عبد الوارث بن سعيد عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد قال : " الفقير " الذي لا يسأل ، " والمسكين " الذي يسأل .
16823 - حدثنا
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) قال : " الفقراء " الذين لا يسألون الناس ، أهل حاجة ، " والمساكين " الذين يسألون الناس .
16824 - حدثنا
الحارث قال : حدثني
عبد العزيز قال : حدثنا
عبد الوارث عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد قال : " الفقراء " الذين لا يسألون ، " والمساكين " الذين يسألون .
وقال آخرون : " الفقير " هو ذو الزمانة من أهل الحاجة ، " والمسكين " هو الصحيح الجسم منهم .
ذكر من قال ذلك :
16825 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور عن
معمر عن
قتادة : (
إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) قال : " الفقير " من به زمانة " والمسكين " الصحيح المحتاج .
[ ص: 307 ] 16826 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة قوله : (
إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) أما " الفقير " فالزمن الذي به زمانة ، وأما " المسكين " فهو الذي ليست به زمانة .
وقال آخرون : " الفقراء " فقراء المهاجرين ، " والمساكين " من لم يهاجر من المسلمين ، وهو محتاج .
ذكر من قال ذلك :
16827 - حدثنا
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
جرير بن حازم عن
علي بن الحكم عن
الضحاك بن مزاحم : (
إنما الصدقات للفقراء ) قال : فقراء المهاجرين " والمساكين " الذين لم يهاجروا .
16828 - . . . . . . قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
سفيان عن
منصور عن
إبراهيم : (
إنما الصدقات للفقراء ) المهاجرين . قال
سفيان : يعني ولا يعطى الأعراب منها شيئا .
16829 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثني أبي ، عن
سفيان عن
منصور عن
إبراهيم قال : كان يقال : إنما الصدقة لفقراء
المهاجرين .
16830 - . . . . . . قال : حدثنا
جرير عن
منصور عن
إبراهيم قال : كانت تجعل الصدقة في فقراء المهاجرين ، وفي سبيل الله .
16831 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
يعقوب عن
جعفر عن
سعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=15983وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قالا : كان ناس من المهاجرين لأحدهم الدار ، والزوجة ، والعبد ، والناقة يحج عليها ويغزو ، فنسبهم الله إلى أنهم فقراء ، وجعل لهم سهما في الزكاة .
16832 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
[ ص: 308 ] سفيان عن
منصور عن
إبراهيم قال : كان يقال : إنما الصدقات في فقراء
المهاجرين ، وفي سبيل الله .
وقال آخرون : " المسكين " الضعيف الكسب .
ذكر من قال ذلك :
16833 - حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية قال : أخبرنا
ابن عون عن
محمد قال : قال
عمر : ليس الفقير بالذي لا مال له ، ولكن الفقير الأخلق الكسب . قال
يعقوب : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية : " الأخلق " المحارف عندنا .
16834 - حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور عن
معمر عن
أيوب عن
ابن سيرين : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رحمه الله - قال : ليس المسكين بالذي لا مال له ، ولكن المسكين الأخلق الكسب .
وقال بعضهم : " الفقير " من المسلمين ، " والمسكين " من أهل الكتاب .
ذكر من قال ذلك :
16835 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
عمر بن نافع قال : سمعت
عكرمة في قوله : (
إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) قال : لا تقولوا لفقراء المسلمين " مساكين " إنما " المساكين " مساكين أهل الكتاب .
قال
أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال : " الفقير "
[ ص: 309 ] هو ذو الفقر أو الحاجة ، ومع حاجته يتعفف عن مسألة الناس والتذلل لهم في هذا الموضع ، " والمسكين " هو المحتاج المتذلل للناس بمسألتهم .
وإنما قلنا إن ذلك كذلك - وإن كان الفريقان لم يعطيا إلا بالفقر والحاجة دون الذلة والمسألة - لإجماع الجميع من أهل العلم أن " المسكين " إنما يعطى من الصدقة المفروضة بالفقر ، وأن معنى " المسكنة " عند العرب الذلة ، كما قال الله - جل ثناؤه - : (
وضربت عليهم الذلة والمسكنة ) [ سورة البقرة : 61 ] . يعني بذلك : الهون والذلة لا الفقر . فإذا كان الله - جل ثناؤه - قد صنف من قسم له من الصدقة المفروضة قسما بالفقر ، فجعلهم صنفين ، كان معلوما أن كل صنف منهم غير الآخر . وإذ كان ذلك كذلك ، كان لا شك أن المقسوم له باسم " الفقير " غير المقسوم له باسم الفقر " والمسكنة " ، والفقير المعطى ذلك باسم الفقير المطلق هو الذي لا مسكنة فيه . والمعطى باسم المسكنة والفقر هو الجامع إلى فقره المسكنة ، وهي الذل بالطلب والمسألة .
فتأويل الكلام - إذ كان ذلك معناه - : إنما الصدقات للفقراء : المتعفف منهم الذي لا يسأل ، والمتذلل منهم الذي يسأل .
وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحو الذي قلنا في ذلك خبر .
16836 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
إسماعيل بن جعفر عن
شريك بن أبي نمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810585 " ليس المسكين بالذي ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان ، إنما المسكين المتعفف . اقرءوا إن شئتم : ( لا يسألون الناس إلحافا ) [ سورة البقرة : 273 ] .
[ ص: 310 ] ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810586إنما المسكين المتعفف " على نحو ما قد جرى به استعمال الناس من تسميتهم أهل الفقر " مساكين " لا على تفصيل المسكين من الفقير .
ومما ينبئ عن أن ذلك كذلك انتزاعه - صلى الله عليه وسلم - بقول الله : اقرءوا إن شئتم : (
لا يسألون الناس إلحافا ) وذلك في صفة من ابتدأ الله ذكره ووصفه بالفقر فقال : (
للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا ) [ سورة البقرة : 273 ] .
وقوله : (
والعاملين عليها ) وهم السعاة في قبضها من أهلها ، ووضعها في مستحقيها ، يعطون ذلك بالسعاية ، أغنياء كانوا أو فقراء .
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
16837 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17119معقل بن عبيد الله قال : سألت
الزهري : عن " العاملين عليها " فقال : السعاة .
16838 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة : (
والعاملين عليها ) قال : جباتها الذين يجمعونها ويسعون فيها .
16839 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد :
[ ص: 311 ] (
والعاملين عليها ) الذي يعمل عليها .
ثم اختلف أهل التأويل في
قدر ما يعطى العامل من ذلك .
فقال بعضهم : يعطى منه الثمن .
ذكر من قال ذلك :
16840 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
حميد بن عبد الرحمن عن
حسن بن صالح عن
جويبر عن
الضحاك قال : للعاملين عليها الثمن من الصدقة .
16841 - حدثت عن
nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد في قوله : (
والعاملين عليها ) قال : يأكل العمال من السهم الثامن .
وقال آخرون : بل يعطى على قدر عمالته .
ذكر من قال ذلك :
16842 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
عبد الوهاب بن عطاء عن
الأخضر بن عجلان قال : حدثنا
عطاء بن زهير العامري عن أبيه أنه لقي
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص فسأله عن الصدقة : أي مال هي ؟ فقال : مال العرجان والعوران والعميان ، وكل منقطع به . فقال له : إن للعاملين حقا والمجاهدين ! قال : إن المجاهدين قوم أحل لهم ، والعاملين عليها على قدر عمالتهم . ثم قال : لا تحل الصدقة لغني ، ولا لذي مرة سوي
[ ص: 312 ] 16843 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد : يكون للعامل عليها إن عمل بالحق . ولم يكن
عمر - رحمه الله تعالى - ولا أولئك يعطون العامل الثمن ، إنما يفرضون له بقدر عمالته .
16844 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
جرير عن
أشعث عن
الحسن : (
والعاملين عليها ) قال : كان يعطى العاملون .
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : يعطى العامل عليها على قدر عمالته وأجر مثله .
وإنما قلنا : ذلك أولى بالصواب ؛ لأن الله - جل ثناؤه - لم يقسم صدقة الأموال بين الأصناف الثمانية على ثمانية أسهم ، وإنما عرف خلقه أن الصدقات لن تجاوز هؤلاء الأصناف الثمانية إلى غيرهم . وإذ كان كذلك - بما سنوضح بعد ، وبما قد أوضحناه في موضع آخر - كان معلوما أن من أعطى منها حقا ، فإنما يعطي على قدر اجتهاد المعطى فيه . وإذا كان ذلك كذلك ، وكان العامل عليها إنما يعطى على عمله ، لا على الحاجة التي تزول بالعطية ، كان معلوما أن الذي أعطاه من ذلك إنما هو عوض من سعيه وعمله ، وأن ذلك إنما هو قدر يستحقه عوضا من عمله الذي لا يزول بالعطية ، وإنما يزول بالعزل .
وأما "
والمؤلفة قلوبهم " فإنهم قوم كانوا يتألفون على الإسلام ، ممن لم تصح نصرته ، استصلاحا به نفسه وعشيرته
nindex.php?page=showalam&ids=12026كأبي سفيان بن حرب وعيينة بن بدر [ ص: 313 ] والأقرع بن حابس ونظرائهم من رؤساء القبائل .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
16845 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
والمؤلفة قلوبهم ) وهم قوم كانوا يأتون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أسلموا ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرضخ لهم من الصدقات ، فإذا أعطاهم من الصدقات فأصابوا منها خيرا قالوا : هذا دين صالح ! وإن كان غير ذلك عابوه وتركوه .
16846 - حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور عن
معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير : أن المؤلفة قلوبهم من
بني أمية :
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان بن حرب ومن
بني مخزوم :
الحارث بن هشام وعبد الرحمن بن يربوع ومن
بني جمح :
صفوان بن أمية ومن
بني عامر بن لؤي :
nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو nindex.php?page=showalam&ids=2207وحويطب بن عبد العزى ومن
بني أسد بن عبد العزى :
حكيم بن حزام ومن
بني هاشم :
سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ومن
بني فزارة :
عيينة بن حصن بن بدر ومن
بني تميم :
الأقرع بن حابس ومن
بني نصر :
مالك بن عوف ومن
بني سليم :
العباس بن مرداس ومن
ثقيف :
العلاء بن حارثة أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - كل رجل منهم مائة ناقة ، إلا
عبد الرحمن بن يربوع nindex.php?page=showalam&ids=2207وحويطب بن عبد العزى فإنه أعطى كل رجل منهم خمسين .
16847 - حدثنا
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
[ ص: 314 ] عيسى قال : حدثنا
محمد بن ثور عن
معمر عن
الزهري قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810587قال صفوان بن أمية : لقد أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه لأبغض الناس إلي ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي .
16848 - حدثنا
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد قال : ناس كان يتألفهم بالعطية
عيينة بن بدر ومن كان معه .
16849 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
عبد الصمد بن عبد الوارث عن
حماد بن سلمة عن
يونس عن
الحسن : (
والمؤلفة قلوبهم ) : الذين يؤلفون على الإسلام .
16850 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة : وأما "
والمؤلفة قلوبهم " فأناس من الأعراب ومن غيرهم ، كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يتألفهم بالعطية كيما يؤمنوا .
16851 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17119معقل بن عبيد الله قال : سألت
الزهري عن قوله : (
والمؤلفة قلوبهم ) فقال : من أسلم من يهودي أو نصراني . قلت : وإن كان غنيا ؟ قال : وإن كان غنيا .
16852 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
معقل بن عبيد الله الجزري عن
الزهري : (
والمؤلفة قلوبهم ) قال : من هو يهودي أو نصراني .
[ ص: 315 ] ثم اختلف أهل العلم في
وجود المؤلفة اليوم وعدمها ، وهل يعطى اليوم أحد على التألف على الإسلام من الصدقة ؟
فقال بعضهم : قد بطلت المؤلفة قلوبهم اليوم ، ولا سهم لأحد في الصدقة المفروضة إلا لذي حاجة إليها ، وفي سبيل الله ، أو لعامل عليها .
ذكر من قال ذلك :
16853 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
جرير عن
أشعث عن
الحسن : (
والمؤلفة قلوبهم ) قال : أما " المؤلفة قلوبهم " فليس اليوم .
16854 - حدثنا
أحمد قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
إسرائيل عن
جابر عن
عامر قال : لم يبق في الناس اليوم من المؤلفة قلوبهم ، إنما كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
16855 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
هشيم قال : حدثنا
عبد الرحمن بن يحيى عن
حبان بن أبي جبلة قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - : وأتاه
عيينة بن حصن : (
الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) [ سورة الكهف : 29 ] ، أي : ليس اليوم مؤلفة .
168856 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
مبارك عن
الحسن قال : ليس اليوم مؤلفة .
16857 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
إسرائيل عن
جابر عن
عامر قال : إنما كانت المؤلفة قلوبهم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما ولي
أبو بكر - رحمة الله تعالى عليه - انقطعت الرشا .
وقال آخرون : " المؤلفة قلوبهم " في كل زمان ، وحقهم في الصدقات .
ذكر من قال ذلك :
16858 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
[ ص: 316 ] إسرائيل عن
جابر عن
أبي جعفر قال : في الناس اليوم : المؤلفة قلوبهم .
16859 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
إسرائيل عن
جابر عن
أبي جعفر مثله .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي : أن الله جعل الصدقة في معنيين : أحدهما : سد خلة المسلمين ، والآخر : معونة الإسلام وتقويته . فما كان في معونة الإسلام وتقوية أسبابه فإنه يعطاه الغني والفقير ؛ لأنه لا يعطاه من يعطاه بالحاجة منه إليه ، وإنما يعطاه معونة للدين . وذلك كما يعطى الذي يعطاه بالجهاد في سبيل الله ، فإنه يعطى ذلك غنيا كان أو فقيرا للغزو لا لسد خلته . وكذلك المؤلفة قلوبهم ، يعطون ذلك وإن كانوا أغنياء ؛ استصلاحا بإعطائهموه أمر الإسلام وطلب تقويته وتأييده . وقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعطى من المؤلفة قلوبهم بعد أن فتح الله عليه الفتوح ، وفشا الإسلام وعز أهله . فلا حجة لمحتج بأن يقول : " لا يتألف اليوم على الإسلام أحد ؛ لامتناع أهله بكثرة العدد ممن أرادهم " وقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعطى منهم في الحال التي وصفت .
وأما قوله : (
وفي الرقاب ) فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه .
فقال بعضهم ، وهم الجمهور الأعظم : هم المكاتبون يعطون منها في فك رقابهم .
ذكر من قال ذلك :
16860 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة عن
ابن إسحاق عن
الحسن بن دينار عن
الحسين : أن مكاتبا قام إلى
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري - رحمه الله تعالى - وهو يخطب الناس يوم الجمعة ، فقال له : أيها الأمير ، حث الناس علي ! فحث
[ ص: 317 ] عليه
أبو موسى فألقى الناس عليه عمامة وملاءة وخاتما ، حتى ألقوا سوادا كثيرا ، فلما رأى
أبو موسى ما ألقي عليه قال : اجمعوه فجمع ، ثم أمر به فبيع . فأعطى المكاتب مكاتبته ، ثم أعطى الفضل في الرقاب ، ولم يرده على الناس ، وقال : إنما أعطى الناس في الرقاب .
16861 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17119معقل بن عبيد الله قال : سألت
الزهري عن قوله : ( وفي الرقاب ) قال : المكاتبون .
16862 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : ( وفي الرقاب ) قال : المكاتب .
16863 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
سهل بن يوسف عن
عمرو عن
الحسن : ( وفي الرقاب ) قال : هم المكاتبون .
وروي عن
ابن عباس أنه قال : لا بأس أن تعتق الرقبة من الزكاة .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي قول من قال : " عنى بالرقاب في هذا الموضع المكاتبون " ؛ لإجماع الحجة على ذلك ، فإن الله جعل الزكاة حقا واجبا على من أوجبها عليه في ماله ، يخرجها منه ، لا يرجع إليه منها نفع من عرض الدنيا ولا عوض . والمعتق رقبة منها راجع إليه ولاء من أعتقه ، وذلك نفع يعود إليه منها .
وأما " الغارمون " فالذين استدانوا في غير معصية الله ، ثم لم يجدوا قضاء في عين ولا عرض .
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 318 ] 16864 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
سفيان عن
عثمان بن الأسود عن
مجاهد قال : " الغارمون " من احترق بيته ، أو يصيبه السيل فيذهب متاعه ، ويدان على عياله ، فهذا من الغارمين .
16865 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
الثوري عن
عثمان بن الأسود عن
مجاهد في قوله : (
والغارمين ) قال : من احترق بيته ، وذهب السيل بماله ، وادان على عياله .
16866 - حدثنا
أحمد قال : حدثنا
إسرائيل عن
جابر عن
أبي جعفر قال : " الغارمين " المستدين في غير سرف ، ينبغي للإمام أن يقضي عنهم من بيت المال .
16867 - . . . . . . قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17119معقل بن عبيد الله قال : سألنا
الزهري عن " الغارمين " قال : أصحاب الدين .
16868 - . . . . . . قال : حدثنا
معقل عن
عبد الكريم قال : حدثني خادم
nindex.php?page=showalam&ids=16673لعمر بن عبد العزيز خدمه عشرين سنة قال : كتب
عمر بن عبد العزيز : أن يعطى الغارمون ، قال
أحمد : أكثر ظني من الصدقات .
16869 - . . . . . . قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
سفيان عن
جابر ، عن
أبي جعفر قال : " الغارمون " المستدين في غير سرف .
16870 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة : أما " الغارمون " فقوم غرقتهم الديون في غير إملاق ، ولا تبذير ولا فساد .
16871 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد : " الغارم " الذي يدخل عليه الغرم .
16872 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
يحيى بن يمان عن
عثمان بن الأسود عن
مجاهد : ( والغارمين ) قال : هو الذي يذهب السيل والحريق بماله ، ويدان على عياله .
[ ص: 319 ] 16873 - . . . . . . قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان عن
جابر عن
أبي جعفر قال : المستدين في غير فساد .
16874 - . . . . . . قال : حدثني أبي ، عن
إسرائيل عن
جابر عن
أبي جعفر قال : " الغارمون " الذين يستدينون في غير فساد ، ينبغي للإمام أن يقضي عنهم .
16875 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان عن
عثمان بن الأسود عن
مجاهد : هم قوم ركبتهم الديون في غير فساد ولا تبذير ، فجعل الله لهم في هذه الآية سهما .
وأما قوله : (
وفي سبيل الله ) فإنه يعني : وفي النفقة في نصرة دين الله وطريقه وشريعته التي شرعها لعباده ، بقتال أعدائه ، وذلك هو غزو الكفار .
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
16876 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
وفي سبيل الله ) قال : الغازي في سبيل الله .
16877 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810588لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : رجل عمل عليها ، أو رجل اشتراها بماله ، أو في سبيل الله ، أو ابن السبيل ، أو رجل كان له جار تصدق عليه فأهداها له .
[ ص: 320 ] 16878 - . . . . . . قال : حدثنا أبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى عن
عطية عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810589لا تحل الصدقة لغني إلا لثلاثة : في سبيل الله ، أو ابن السبيل ، أو رجل كان له جار فتصدق عليه ، فأهداها له .
وأما قوله : ( وابن السبيل ) فالمسافر الذي يجتاز من بلد إلى بلد .
" والسبيل " : الطريق ، وقيل للضارب فيه : " ابن السبيل " للزومه إياه ، كما قال الشاعر :
أنا ابن الحرب ربتني وليدا إلى أن شبت واكتهلت لداتي
وكذلك تفعل العرب ، تسمي اللازم للشيء يعرف به : " ابنه " .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
16879 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
سفيان عن
جابر عن
أبي جعفر قال : " ابن السبيل " المجتاز من أرض إلى أرض .
16880 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
[ ص: 321 ] مندل عن
ليث عن
مجاهد : ( وابن السبيل ) قال : لابن السبيل حق من الزكاة وإن كان غنيا ، إذا كان منقطعا به .
16881 - حدثنا
أحمد قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17119معقل بن عبيد الله قال : سألت
الزهري عن " ابن السبيل " قال : يأتي علي ابن السبيل ، وهو محتاج . قلت : فإن كان غنيا ؟ قال : وإن كان غنيا .
16882 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة : ( وابن السبيل ) الضيف جعل له فيها حق .
16883 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال [
ابن زيد ] : " ابن السبيل " المسافر من كان غنيا أو فقيرا ، إذا أصيبت نفقته ، أو فقدت ، أو أصابها شيء ، أو لم يكن معه شيء ، فحقه واجب .
16884 - حدثنا
أحمد قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
هشيم عن
جويبر عن
الضحاك أنه قال : في الغني إذا سافر فاحتاج في سفره ، قال : يأخذ من الزكاة .
16885 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان عن
جابر عن
أبي جعفر قال : " ابن السبيل " المجتاز من الأرض إلى الأرض .
وقوله : (
فريضة من الله ) ) يقول - جل ثناؤه - : قسم قسمه الله لهم ، فأوجبه في أموال أهل الأموال لهم ( والله عليم ) بمصالح خلقه فيما فرض لهم ، وفي غير ذلك لا يخفى عليه شيء . فعلى علم منه فرض ما فرض من الصدقة وبما فيها من المصلحة ( حكيم ) في تدبيره خلقه ، لا يدخل في تدبيره خلل .
[ ص: 322 ] واختلف أهل العلم في
كيفية قسم الصدقات التي ذكرها الله في هذه الآية ، وهل يجب لكل صنف من الأصناف الثمانية فيها حق ، أو ذلك إلى رب المال ؟ ومن يتولى قسمها ، في أن له أن يعطي جميع ذلك من شاء من الأصناف الثمانية .
فقال عامة أهل العلم : للمتولي - قسمها ووضعها في أي الأصناف الثمانية شاء . وإنما سمى الله الأصناف الثمانية في الآية إعلاما منه خلقه أن الصدقة لا تخرج من هذه الأصناف الثمانية إلى غيرها ، لا إيجابا لقسمها بين الأصناف الثمانية الذين ذكرهم .
ذكر من قال ذلك :
16886 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
هارون عن
الحجاج بن أرطاة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو عن
زر بن حبيش عن
حذيفة في قوله : (
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ) قال : إن شئت جعلته في صنف واحد ، أو صنفين ، أو لثلاثة .
16887 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
أبو معاوية عن
الحجاج عن
المنهال عن
زر عن
حذيفة قال : إذا وضعتها في صنف واحد أجزأ عنك .
16888 - . . . . . . قال : حدثنا
جرير عن
ليث عن
عطاء عن
عمر : (
إنما الصدقات للفقراء ) قال : أيما صنف أعطيته من هذا أجزأك .
16889 - . . . . . . قال : حدثنا
ابن نمير عن
عبد المطلب عن
عطاء : (
إنما الصدقات للفقراء ) الآية ، قال : لو وضعتها في صنف واحد من هذه الأصناف أجزأك . ولو نظرت إلى أهل بيت من المسلمين فقراء متعففين فجبرتهم بها ، كان أحب إلي .
16890 - . . . . . . قال : أخبرنا
جرير عن
عطاء عن
سعيد بن جبير : ( " إنما الصدقات للفقراء والمساكين وابن السبيل " ) فأي صنف أعطيته من هذه الأصناف أجزأك .
[ ص: 323 ] 16891 - . . . . . . قال : حدثنا
عمران بن عيينة عن
عطاء عن
سعيد بن جبير عن
ابن عباس مثله .
16892 - . . . . . . قال : حدثنا
جرير عن
مغيرة عن
إبراهيم : (
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ) قال : إنما هذا شيء أعلمه ، فأي صنف من هذه الأصناف أعطيته أجزأ عنك .
16893 - . . . . . . قال : حدثنا أبي ، عن
شعبة عن
الحكم عن
إبراهيم : (
إنما الصدقات للفقراء ) قال : في أي هذه الأصناف وضعتها أجزأك .
16894 - . . . . . . قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان عن
عطاء بن السائب عن
سعيد بن جبير قال : إذا وضعتها في صنف واحد مما سمى الله أجزأك .
16895 - . . . . . . قال : حدثنا أبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11960أبي جعفر الرازي عن
الربيع بن أنس عن
أبي العالية قال : إذا وضعتها في صنف واحد مما سمى الله أجزأك .
16896 - . . . . . . قال : حدثنا
خالد بن حيان أبو يزيد عن
جعفر بن برقان عن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران : (
إنما الصدقات للفقراء ) قال : إذا جعلتها في صنف واحد من هؤلاء أجزأ عنك .
16897 - . . . . . . قال : حدثنا
محمد بن بشر عن
مسعود عن
عطاء عن
سعيد بن جبير : (
إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) الآية ، قال : أعلم أهلها من هم .
16898 - . . . . . . قال : حدثنا
حفص عن
ليث عن
عطاء عن
عمر : أنه كان يأخذ الفرض في الصدقة ، ويجعلها في صنف واحد .
وكان بعض المتأخرين يقول : إذا تولى رب المال قسمها كان عليه وضعها في ستة أصناف ، وذلك أن المؤلفة قلوبهم عنده قد ذهبوا ، وأن سهم العاملين
[ ص: 324 ] يبطل بقسمه إياها . ويزعم أنه لا يجزيه أن يعطي من كل صنف أقل من ثلاثة أنفس . وكان يقول : إن تولى قسمها الإمام كان عليه أن يقسمها على سبعة أصناف ، لا يجزئ عنده غير ذلك .