[ ص: 329 ] القول في تأويل قوله ( يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ( 62 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - للمؤمنين به وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - : يحلف لكم - أيها المؤمنون - هؤلاء المنافقون بالله ؛ ليرضوكم فيما بلغكم عنهم من أذاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكرهم إياه بالطعن عليه والعيب له ، ومطابقتهم سرا أهل الكفر عليكم - بالله والأيمان الفاجرة : إنهم ما فعلوا ذلك ، وإنهم لعلى دينكم ، ومعكم على من خالفكم ، يبتغون بذلك رضاكم . يقول الله - جل ثناؤه - : (
والله ورسوله أحق أن يرضوه ) بالتوبة والإنابة مما قالوا ونطقوا - (
إن كانوا مؤمنين ) يقول : إن كانوا مصدقين بتوحيد الله ، مقرين بوعده ووعيده .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
16906 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة قوله : ( يحلفون بالله لكم ليرضوكم ) الآية ، ذكر لنا أن رجلا من المنافقين قال : والله إن هؤلاء لخيارنا وأشرافنا ، وإن كان ما يقول محمد حقا لهم شر من الحمير . قال : فسمعها رجل من المسلمين فقال : والله إن ما يقول محمد حق ، ولأنت شر من الحمار ، فسعى بها الرجل إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إلى الرجل فدعاه فقال له : ما حملك على الذي قلت ؟ فجعل يلتعن ، ويحلف بالله ما قال ذلك . قال : وجعل الرجل المسلم يقول : اللهم صدق الصادق ، وكذب [ ص: 330 ] الكاذب ! فأنزل الله في ذلك : ( يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ) .