القول في تأويل قوله (
ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ( 63 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : ألم يعلم هؤلاء المنافقون الذين يحلفون بالله كذبا للمؤمنين ليرضوهم ، وهم مقيمون على النفاق أنه من يحارب الله ورسوله ، ويخالفهما فيناوئهما بالخلاف عليهما (
فأن له نار جهنم ) في الآخرة ( خالدا فيها ) يقول : لابثا فيها ، مقيما إلى غير نهاية . (
ذلك الخزي العظيم ) يقول : فلبثه في نار جهنم وخلوده فيها هو الهوان والذل العظيم .
وقرأت القرأة : ( فأن ) بفتح الألف من " أن " بمعنى : ألم يعلموا أن لمن حاد الله ورسوله نار جهنم ، وإعمال " يعلموا " فيها كأنهم جعلوا " أن " الثانية مكررة على الأولى ، واعتمدوا عليها ، إذ كان الخبر معها دون الأولى .
وقد كان بعض نحويي
البصرة يختار الكسر في ذلك على الابتداء ، بسبب دخول " الفاء " فيها ، وأن دخولها فيها عنده دليل على أنها جواب الجزاء ، وأنها إذا كانت للجزاء جوابا كان الاختيار فيها الابتداء .
[ ص: 331 ] قال
أبو جعفر : والقراءة التي لا أستجيز غيرها فتح الألف في كلا الحرفين ، أعني " أن " الأولى والثانية ؛ لأن ذلك قراءة الأمصار ، وللعلة التي ذكرت من جهة العربية .