القول في تأويل قوله : (
ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم ( 99 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : ومن الأعراب من يصدق الله ويقر بوحدانيته ، وبالبعث بعد الموت ، والثواب والعقاب ، وينوي بما ينفق من نفقة في جهاد المشركين ، وفي سفره مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (
قربات عند الله ) " والقربات " جمع " قربة " وهو ما قربه من رضا الله ومحبته (
وصلوات الرسول ) يعني بذلك : ويبتغي بنفقة ما ينفق مع طلب قربته من الله ، دعاء الرسول واستغفاره له .
وقد دللنا - فيما مضى من كتابنا - على أن من معاني " الصلاة " الدعاء بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
17095 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو صالح قال : حدثنا
معاوية عن
علي [ ص: 433 ] عن
ابن عباس قوله (
وصلوات الرسول ) يعني : استغفار النبي - عليه الصلاة والسلام - .
17096 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة قوله : ( ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ) قال : دعاء الرسول : قال : هذه ثنية الله من الأعراب .
17097 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
مجاهد قوله : (
ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ) قال : هم
بنو مقرن ، من
مزينة ، وهم الذين قال الله فيهم : (
ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ) [ سورة التوبة : 92 ] . قال : هم
بنو مقرن ، من
مزينة . قال : حدثني
حجاج قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قوله : (
الأعراب أشد كفرا ونفاقا ) ثم استثنى فقال : (
ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ) الآية .
17098 - حدثنا
أحمد قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
جعفر عن
البختري بن المختار العبدي قال : سمعت
عبد الرحمن بن معقل قال : كنا عشرة ولد
مقرن ، فنزلت فينا : (
ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ) إلى آخر الآية .
[ ص: 434 ] قال
أبو جعفر : قال الله : (
ألا إنها قربة لهم ) يقول - تعالى ذكره - : ألا إن صلوات الرسول قربة لهم من الله .
وقد يحتمل أن يكون معناه : ألا إن نفقته التي ينفقها كذلك قربة لهم عند الله (
سيدخلهم الله في رحمته ) يقول : سيدخلهم الله فيمن رحمه فأدخله برحمته الجنة ( إن الله غفور ) لما اجترموا ( رحيم ) بهم مع توبتهم وإصلاحهم أن يعذبهم .