القول في تأويل قوله : (
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ( 100 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : والذين سبقوا الناس أولا إلى الإيمان بالله ورسوله ( من المهاجرين ) الذين هاجروا قومهم وعشيرتهم ، وفارقوا منازلهم وأوطانهم ( والأنصار ) الذين نصروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أعدائه من أهل الكفر بالله ورسوله (
والذين اتبعوهم بإحسان ) يقول : والذين سلكوا سبيلهم في الإيمان بالله ورسوله ، والهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام طلب رضا الله (
رضي الله عنهم ورضوا عنه ) .
[ ص: 435 ] واختلف أهل التأويل في المعني بقوله : (
والسابقون الأولون ) .
فقال بعضهم : هم الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة الرضوان ، أو أدركوا .
ذكر من قال ذلك :
17099 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
محمد بن بشر ، عن
إسماعيل عن
عامر : (
والسابقون الأولون ) قال : من أدرك بيعة الرضوان .
17100 - . . . . . . قال : حدثنا
ابن فضيل عن
مطرف عن
عامر قال : ( المهاجرون الأولون ) من أدرك البيعة تحت الشجرة .
17101 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
يحيى قال : حدثنا
إسماعيل بن أبي خالد عن
الشعبي قال : ( المهاجرون الأولون ) الذين شهدوا بيعة الرضوان .
17102 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
سفيان عن
مطرف عن
الشعبي قال : " المهاجرون الأولون " من كان قبل البيعة إلى البيعة ، فهم
المهاجرون الأولون ، ومن كان بعد البيعة فليس من
المهاجرين الأولين .
17103 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
هشيم قال : أخبرنا
إسماعيل ومطرف عن
الشعبي قال : (
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) هم الذين بايعوا بيعة الرضوان .
17104 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال : حدثنا
هشيم عن
داود عن
عامر قال : فصل ما بين الهجرتين بيعة الرضوان ، وهي بيعة
الحديبية .
17105 - حدثني
المثني قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال : أخبرنا
هشيم قال : أخبرنا
إسماعيل بن أبي خالد ومطرف ، عن
الشعبي قال : هم الذين بايعوا بيعة الرضوان .
17106 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
عبثر [ ص: 436 ] أبو زبيد عن
مطرف عن
الشعبي قال :
المهاجرون الأولون ، من أدرك بيعة الرضوان .
وقال آخرون : بل هم الذين صلوا القبلتين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ذكر من قال ذلك :
17107 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم عن
قيس عن
عثمان الثقفي عن
مولى لأبي موسى عن
أبي موسى قال :
المهاجرون الأولون من صلى القبلتين مع النبي - صلى الله عليه وسلم - .
17108 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
قيس بن الربيع عن
عثمان بن المغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12007أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن
مولى لأبي موسى قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري عن قوله : (
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) قال : هم الذين صلوا القبلتين جميعا .
17109 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
أبي هلال عن
قتادة قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=15990لسعيد بن المسيب : لم سموا " المهاجرين الأولين " ؟ قال : من صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - القبلتين جميعا فهو من
المهاجرين الأولين .
17110 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
يحيى بن سعيد عن
ابن أبي عروبة عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال :
المهاجرون الأولون الذين صلوا القبلتين .
17111 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قوله : (
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) قال : هم الذين صلوا القبلتين جميعا .
17112 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14747عباس بن الوليد قال : حدثنا
[ ص: 437 ] يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب مثله .
17113 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال : أخبرنا
هشيم عن بعض أصحابه ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وعن
أشعث عن
ابن سيرين في قوله : (
والسابقون الأولون ) قال : هم الذين صلوا القبلتين .
17114 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
معاذ بن معاذ قال : حدثنا
ابن عون عن
محمد قال :
المهاجرون الأولون : الذين صلوا القبلتين .
17115 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر عن
قتادة في قوله : (
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) قال : هم الذين صلوا القبلتين جميعا .
وأما الذين اتبعوا
المهاجرين الأولين
والأنصار بإحسان فهم الذين أسلموا لله إسلامهم ، وسلكوا منهاجهم في الهجرة والنصرة وأعمال الخير . كما : -
17116 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
أبو معشر عن
محمد بن كعب قال : مر
عمر برجل وهو يقرأ هذه الآية : (
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ) قال : من أقرأك هذه الآية ؟ قال : أقرأنيها
أبي بن كعب . قال : لا تفارقني حتى أذهب بك إليه . فأتاه فقال : أنت أقرأت هذا هذه الآية ؟ قال : نعم ، قال : وسمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ! قال : [ نعم ] . قال : لقد كنت أرانا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا . فقال
أبي : تصديق ذلك في أول الآية التي في أول الجمعة ،
[ ص: 438 ] وأوسط الحشر ، وآخر الأنفال . أما أول الجمعة : (
وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ) [ سورة الجمعة : 3 ] ، وأوسط الحشر : (
والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) [ سورة الحشر : 10 ] ، وأما آخر الأنفال : (
والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم ) [ سورة الأنفال : 75 ] .
17117 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
الحسن بن عطية قال : حدثنا
أبو معشر عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي قال : مر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب برجل يقرأ : (
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) حتى بلغ : (
ورضوا عنه ) . قال : وأخذ
عمر بيده فقال : من أقرأك هذا ؟ قال :
أبي بن كعب . فقال : لا تفارقني حتى أذهب بك إليه . فلما جاءه قال
عمر : أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا ؟ قال : نعم . قال : أنت سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم . قال : لقد كنت أظن أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا . فقال
أبي : بلى ، تصديق هذه الآية في أول سورة الجمعة : (
وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ) إلى : (
وهو العزيز الحكيم ) وفي سورة الحشر : (
والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) وفي الأنفال : (
والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم ) إلى آخر الآية .
وروي عن
عمر في ذلك ما :
17118 - حدثني به
أحمد بن يوسف قال : حدثنا
القاسم قال : حدثنا
حجاج عن
هارون عن
حبيب بن الشهيد وعن
ابن عامر الأنصاري : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قرأ : (
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان ) فرفع : " الأنصار " ولم يلحق الواو في " الذين " فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت " والذين اتبعوهم بإحسان " فقال
عمر : " الذين اتبعوهم بإحسان " فقال
زيد :
[ ص: 439 ] أمير المؤمنين أعلم . فقال
عمر : ائتوني
nindex.php?page=showalam&ids=34بأبي بن كعب . فأتاه ، فسأله عن ذلك ، فقال
أبي : ( والذين اتبعوهم بإحسان ) فقال
عمر : إذا نتابع
أبيا .
قال
أبو جعفر : والقراءة على خفض " الأنصار " عطفا بهم على " المهاجرين " .
وقد ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه كان يقرأ : ( الأنصار ) بالرفع عطفا بهم على " السابقين " .
قال
أبو جعفر : والقراءة التي لا أستجيز غيرها الخفض في ( الأنصار ) ؛ لإجماع الحجة من القرأة عليه ، وأن السابق كان من الفريقين جميعا ، من
المهاجرين والأنصار ، وإنما قصد الخبر عن السابق من الفريقين دون الخبر عن الجميع ، وإلحاق " الواو " في "
الذين اتبعوهم بإحسان " ؛ لأن ذلك كذلك في مصاحف المسلمين جميعا ، على أن " التابعين بإحسان " غير "
المهاجرين والأنصار " وأما " السابقون " فإنهم مرفوعون بالعائد من ذكرهم في قوله : (
رضي الله عنهم ورضوا عنه ) .
ومعنى الكلام : رضي الله عن جميعهم لما أطاعوه ، وأجابوا نبيه إلى ما دعاهم إليه من أمره ونهيه ، ورضي عنه السابقون الأولون من
المهاجرين والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان ، لما أجزل لهم من الثواب على طاعتهم إياه ، وإيمانهم به وبنبيه عليه السلام (
وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار ) يدخلونها ( خالدين فيها ) لابثين فيها ( أبدا ) لا يموتون فيها ولا يخرجون منها (
ذلك الفوز العظيم ) .