1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة التوبة
  4. القول في تأويل قوله تعالى " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ( 100 ) )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : والذين سبقوا الناس أولا إلى الإيمان بالله ورسوله ( من المهاجرين ) الذين هاجروا قومهم وعشيرتهم ، وفارقوا منازلهم وأوطانهم ( والأنصار ) الذين نصروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أعدائه من أهل الكفر بالله ورسوله ( والذين اتبعوهم بإحسان ) يقول : والذين سلكوا سبيلهم في الإيمان بالله ورسوله ، والهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام طلب رضا الله ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) . [ ص: 435 ] واختلف أهل التأويل في المعني بقوله : ( والسابقون الأولون ) .

فقال بعضهم : هم الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة الرضوان ، أو أدركوا .

ذكر من قال ذلك :

17099 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن إسماعيل عن عامر : ( والسابقون الأولون ) قال : من أدرك بيعة الرضوان .

17100 - . . . . . . قال : حدثنا ابن فضيل عن مطرف عن عامر قال : ( المهاجرون الأولون ) من أدرك البيعة تحت الشجرة .

17101 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يحيى قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : ( المهاجرون الأولون ) الذين شهدوا بيعة الرضوان .

17102 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا سفيان عن مطرف عن الشعبي قال : " المهاجرون الأولون " من كان قبل البيعة إلى البيعة ، فهم المهاجرون الأولون ، ومن كان بعد البيعة فليس من المهاجرين الأولين .

17103 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا إسماعيل ومطرف عن الشعبي قال : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) هم الذين بايعوا بيعة الرضوان .

17104 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : حدثنا هشيم عن داود عن عامر قال : فصل ما بين الهجرتين بيعة الرضوان ، وهي بيعة الحديبية .

17105 - حدثني المثني قال : أخبرنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ومطرف ، عن الشعبي قال : هم الذين بايعوا بيعة الرضوان .

17106 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا عبثر [ ص: 436 ] أبو زبيد عن مطرف عن الشعبي قال : المهاجرون الأولون ، من أدرك بيعة الرضوان .

وقال آخرون : بل هم الذين صلوا القبلتين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

ذكر من قال ذلك :

17107 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يحيى بن آدم عن قيس عن عثمان الثقفي عن مولى لأبي موسى عن أبي موسى قال : المهاجرون الأولون من صلى القبلتين مع النبي - صلى الله عليه وسلم - .

17108 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا قيس بن الربيع عن عثمان بن المغيرة عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن مولى لأبي موسى قال : سألت أبا موسى الأشعري عن قوله : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) قال : هم الذين صلوا القبلتين جميعا .

17109 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن أبي هلال عن قتادة قال : قلت لسعيد بن المسيب : لم سموا " المهاجرين الأولين " ؟ قال : من صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - القبلتين جميعا فهو من المهاجرين الأولين .

17110 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن أبي عروبة عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب قال : المهاجرون الأولون الذين صلوا القبلتين .

17111 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب قوله : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) قال : هم الذين صلوا القبلتين جميعا .

17112 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عباس بن الوليد قال : حدثنا [ ص: 437 ] يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب مثله .

17113 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم عن بعض أصحابه ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب وعن أشعث عن ابن سيرين في قوله : ( والسابقون الأولون ) قال : هم الذين صلوا القبلتين .

17114 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا معاذ بن معاذ قال : حدثنا ابن عون عن محمد قال : المهاجرون الأولون : الذين صلوا القبلتين .

17115 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) قال : هم الذين صلوا القبلتين جميعا .

وأما الذين اتبعوا المهاجرين الأولين والأنصار بإحسان فهم الذين أسلموا لله إسلامهم ، وسلكوا منهاجهم في الهجرة والنصرة وأعمال الخير . كما : -

17116 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب قال : مر عمر برجل وهو يقرأ هذه الآية : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ) قال : من أقرأك هذه الآية ؟ قال : أقرأنيها أبي بن كعب . قال : لا تفارقني حتى أذهب بك إليه . فأتاه فقال : أنت أقرأت هذا هذه الآية ؟ قال : نعم ، قال : وسمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ! قال : [ نعم ] . قال : لقد كنت أرانا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا . فقال أبي : تصديق ذلك في أول الآية التي في أول الجمعة ، [ ص: 438 ] وأوسط الحشر ، وآخر الأنفال . أما أول الجمعة : ( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ) [ سورة الجمعة : 3 ] ، وأوسط الحشر : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) [ سورة الحشر : 10 ] ، وأما آخر الأنفال : ( والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم ) [ سورة الأنفال : 75 ] .

17117 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا الحسن بن عطية قال : حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي قال : مر عمر بن الخطاب برجل يقرأ : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) حتى بلغ : ( ورضوا عنه ) . قال : وأخذ عمر بيده فقال : من أقرأك هذا ؟ قال : أبي بن كعب . فقال : لا تفارقني حتى أذهب بك إليه . فلما جاءه قال عمر : أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا ؟ قال : نعم . قال : أنت سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم . قال : لقد كنت أظن أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا . فقال أبي : بلى ، تصديق هذه الآية في أول سورة الجمعة : ( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ) إلى : ( وهو العزيز الحكيم ) وفي سورة الحشر : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) وفي الأنفال : ( والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم ) إلى آخر الآية .

وروي عن عمر في ذلك ما :

17118 - حدثني به أحمد بن يوسف قال : حدثنا القاسم قال : حدثنا حجاج عن هارون عن حبيب بن الشهيد وعن ابن عامر الأنصاري : أن عمر بن الخطاب قرأ : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان ) فرفع : " الأنصار " ولم يلحق الواو في " الذين " فقال له زيد بن ثابت " والذين اتبعوهم بإحسان " فقال عمر : " الذين اتبعوهم بإحسان " فقال زيد : [ ص: 439 ] أمير المؤمنين أعلم . فقال عمر : ائتوني بأبي بن كعب . فأتاه ، فسأله عن ذلك ، فقال أبي : ( والذين اتبعوهم بإحسان ) فقال عمر : إذا نتابع أبيا .

قال أبو جعفر : والقراءة على خفض " الأنصار " عطفا بهم على " المهاجرين " .

وقد ذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأ : ( الأنصار ) بالرفع عطفا بهم على " السابقين " .

قال أبو جعفر : والقراءة التي لا أستجيز غيرها الخفض في ( الأنصار ) ؛ لإجماع الحجة من القرأة عليه ، وأن السابق كان من الفريقين جميعا ، من المهاجرين والأنصار ، وإنما قصد الخبر عن السابق من الفريقين دون الخبر عن الجميع ، وإلحاق " الواو " في " الذين اتبعوهم بإحسان " ؛ لأن ذلك كذلك في مصاحف المسلمين جميعا ، على أن " التابعين بإحسان " غير " المهاجرين والأنصار " وأما " السابقون " فإنهم مرفوعون بالعائد من ذكرهم في قوله : ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) .

ومعنى الكلام : رضي الله عن جميعهم لما أطاعوه ، وأجابوا نبيه إلى ما دعاهم إليه من أمره ونهيه ، ورضي عنه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان ، لما أجزل لهم من الثواب على طاعتهم إياه ، وإيمانهم به وبنبيه عليه السلام ( وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار ) يدخلونها ( خالدين فيها ) لابثين فيها ( أبدا ) لا يموتون فيها ولا يخرجون منها ( ذلك الفوز العظيم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية