[ ص: 509 ] القول في تأويل قوله : (
ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ( 113 )
وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : ما كان ينبغي للنبي
محمد - صلى الله عليه وسلم - والذين آمنوا به "
أن يستغفروا " يقول : أن يدعوا بالمغفرة للمشركين ، ولو كان المشركون الذين يستغفرون لهم "
أولي قربى " ذوي قرابة لهم "
من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " يقول : من بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان ، وتبين لهم أنهم من أهل النار ؛ لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك ، فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله . فإن قالوا : فإن
إبراهيم قد استغفر لأبيه وهو مشرك ؟ فلم يكن استغفار
إبراهيم لأبيه إلا لموعدة وعدها إياه . فلما تبين له وعلم أنه لله عدو ، خلاه وتركه ، وترك الاستغفار له ، وآثر الله وأمره عليه ، فتبرأ منه حين تبين له أمره .
واختلف أهل التأويل في السبب الذي نزلت هذه الآية فيه .
فقال بعضهم : نزلت في شأن
أبي طالب عم النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يستغفر له بعد موته ، فنهاه الله عن ذلك .
ذكر من قال ذلك :
17324 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810615لما حضرت أبا طالب الوفاة ، دخل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال : يا عم قل : لا إله إلا الله ، كلمة [ ص: 510 ] أحاج لك بها عند الله . فقال له أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك . فنزلت : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " . ونزلت : ( إنك لا تهدي من أحببت ) [ القصص : 56 ] .
17325 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15517أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال : حدثنا عمي
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب قال : حدثني
يونس ، عن
الزهري قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن أبيه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810616لما حضرت أبا طالب الوفاة ، جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا عم قل : لا إله إلا الله ، كلمة أشهد لك بها عند الله . قال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب . فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عليه ويعيد له تلك المقالة ، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم : " هو على ملة عبد المطلب " . وأبى أن يقول : " لا إله إلا الله " فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك . فأنزل الله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " وأنزل الله في أبي طالب فقال لرسول الله : ( إنك لا تهدي من أحببت ) الآية .
17326 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
[ ص: 511 ] عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " قال : يقول المؤمنون : ألا نستغفر لآبائنا وقد استغفر
إبراهيم لأبيه كافرا ؟ فأنزل الله : "
وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " الآية .
17327 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812295أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك ، فلا أزال أستغفر لأبي طالب حتى ينهاني عنه ربي . فقال أصحابه : لنستغفرن لآبائنا كما استغفر النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه . فأنزل الله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " إلى قوله : " تبرأ منه " .
17328 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، عن
سفيان بن عيينة ، عن
الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812296لما حضر أبا طالب الوفاة أتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل بن هشام . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي عم ، إنك أعظم الناس علي حقا ، وأحسنهم عندي يدا ، ولأنت أعظم علي حقا من والدي ، فقل كلمة تجب لي بها الشفاعة يوم القيامة ، قل : لا إله إلا الله . ثم ذكر نحو حديث
ابن عبد الأعلى ، عن
محمد بن ثور .
وقال آخرون : بل نزلت في سبب أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك أنه أراد أن يستغفر لها ، فمنع من ذلك .
ذكر من قال ذلك :
17329 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
فضيل ، عن
عطية قال :
لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس ، رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها ، حتى نزلت : [ ص: 512 ] " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " إلى قوله : " تبرأ منه " .
17330 - . . . . . قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
قيس ، عن
علقمة بن مرثد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16035سليمان بن بريدة ، عن أبيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811572أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى رسم - قال : وأكثر ظني أنه قال - : قبر فجلس إليه ، فجعل يخاطب ، ثم قام مستعبرا ، فقلت : يا رسول الله ، إنا رأينا ما صنعت . قال : إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي ، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي . فما رئي باكيا أكثر من يومئذ .
17331 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=812298عن ابن عباس قوله : " ما كان للنبي والذين آمنوا " إلى : " أنهم أصحاب الجحيم " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يستغفر لأمه فنهاه الله عن ذلك ، فقال : وإن إبراهيم خليل الله قد استغفر لأبيه . فأنزل الله : وما كان استغفار إبراهيم " إلى " لأواه حليم " . [ ص: 513 ] وقال آخرون : بل نزلت من أجل أن قوما من أهل الإيمان كانوا يستغفرون لموتاهم من المشركين ، فنهوا عن ذلك .
ذكر من قال ذلك :
17332 - حدثني
المثنى قال : حدثني
عبد الله بن صالح قال : حدثنا
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله :
ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " الآية . فكانوا يستغفرون لهم ، حتى نزلت هذه الآية . فلما نزلت أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ، ولم ينههم أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا ، ثم أنزل الله :
وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " الآية .
17333 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ،
عن قتادة قوله : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " الآية . ذكر لنا أن رجالا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا يا نبي الله : إن من آبائنا من كان يحسن الجوار ، ويصل الأرحام ، ويفك العاني ، ويوفي بالذمم ، أفلا نستغفر لهم ؟ قال : فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : بلى . والله لأستغفرن لأبي ، كما استغفر إبراهيم لأبيه . قال : فأنزل الله : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " حتى بلغ : " الجحيم " . ثم عذر الله إبراهيم فقال : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه . قال : وذكر لنا أن نبي الله قال : أوحي إلي كلمات فدخلن في أذني ، ووقرن في قلبي : أمرت ألا أستغفر لمن مات مشركا ، ومن أعطى فضل ماله فهو خير له ، ومن أمسك فهو شر له ، ولا يلوم الله على كفاف " . [ ص: 514 ] واختلف أهل العربية في معنى قوله : "
ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " .
فقال بعض
نحويي البصرة : معنى ذلك : ما كان لهم الاستغفار ، وكذلك معنى قوله : (
وما كان لنفس أن تؤمن ) وما كان لنفس الإيمان (
إلا بإذن الله ) [ يونس : 100 ] .
وقال بعض
نحويي الكوفة : معناه : ما كان ينبغي لهم أن يستغفروا لهم . قال : وكذلك إذا جاءت " أن " مع " كان " فكلها بتأويل : ينبغي ، (
وما كان لنبي أن يغل ) [ آل عمران : 161 ] ما كان ينبغي له ، ليس هذا من أخلاقه . قال : فلذلك دخلت " أن " لتدل على الاستقبال ؛ لأن " ينبغي " تطلب الاستقبال .
وأما
قوله : وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " فإن أهل العلم اختلفوا في السبب الذي أنزل فيه .
فقال بعضهم : أنزل من أجل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا يستغفرون لموتاهم المشركين ظنا منهم أن
إبراهيم خليل الرحمن قد فعل ذلك حين أنزل الله قوله خبرا عن
إبراهيم : (
قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا ) [ مريم : 47 ] .
وقد ذكرنا الرواية عن بعض من حضرنا ذكره ، وسنذكر عمن لم نذكره .
17334 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن قال : حدثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
أبي الخليل ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=810617عن علي قال : سمعت رجلا يستغفر لوالديه وهما مشركان . فقلت : أيستغفر الرجل لوالديه وهما مشركان ؟ فقال : أولم يستغفر إبراهيم لأبيه ؟ قال : فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له . [ ص: 515 ] فأنزل الله : " وما كان استغفار إبراهيم " إلى " تبرأ منه " .
17335 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
يحيى ، عن
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
أبي الخليل ، عن
علي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستغفر لأبويه وهما مشركان ، حتى نزلت : "
وما كان استغفار إبراهيم لأبيه " إلى قوله : " تبرأ منه " .
وقيل : "
وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة " ومعناه : إلا من بعد موعدة ، كما يقال : " ما كان هذا الأمر إلا عن سبب كذا " بمعنى : من بعد ذلك السبب ، أو من أجله . فكذلك قوله : " إلا عن موعدة " من أجل موعدة وبعدها .
وقد تأول قوم قول الله : "
ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " الآية أن النهي من الله عن
الاستغفار للمشركين بعد مماتهم لقوله : "
من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وقالوا : ذلك لا يتبينه أحد إلا بأن يموت على كفره ، وأما وهو حي فلا سبيل إلى علم ذلك ، فللمؤمنين أن يستغفروا لهم .
[ ص: 516 ] ذكر من قال ذلك :
17336 - حدثنا
سليمان بن عمر الرقي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
الشيباني ، عن
سعيد بن جبير قال : مات رجل يهودي وله ابن مسلم ، فلم يخرج معه ، فذكر ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس فقال : كان ينبغي له أن يمشي معه ويدفنه ، ويدعو له بالصلاح ما دام حيا ، فإذا مات وكله إلى شأنه . ثم قال : "
وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ، لم يدع .
17337 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
فضيل ، عن
ضرار بن مرة ، عن
سعيد بن جبير قال : مات رجل نصراني ، فوكله ابنه إلى أهل دينه ، فأتيت
ابن عباس فذكرت ذلك له . فقال : ما كان عليه لو مشى معه وأجنه واستغفر له ؟ ثم تلا
" وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " الآية .
وتأول آخرون " الاستغفار " في هذا الموضع بمعنى الصلاة .
ذكر من قال ذلك :
17338 - حدثني
المثني قال : حدثني
إسحاق قال : حدثنا
كثير [ ص: 517 ] بن هشام ، عن
جعفر بن برقان قال : حدثنا
حبيب بن أبي مرزوق ، عن
عطاء بن أبي رباح قال : ما كنت أدع الصلاة على أحد من أهل هذه القبلة ، ولو كانت حبشية حبلى من الزنا ؛ لأني لم أسمع الله يحجب الصلاة إلا عن المشركين يقول الله : "
ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " .
وتأوله آخرون بمعنى الاستغفار الذي هو دعاء .
ذكر من قال ذلك :
17339 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
عصمة بن زامل ، عن أبيه قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : رحم الله رجلا استغفر
nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة ولأمه ، قلت : ولأبيه ؟ قال : لا إن أبي مات وهو مشرك .
قال
أبو جعفر : وقد دللنا على أن
معنى " الاستغفار " : مسألة العبد ربه غفر الذنوب . وإذ كان ذلك كذلك ، وكانت مسألة العبد ربه ذلك قد تكون في الصلاة وفي غير الصلاة ، لم يكن أحد القولين اللذين ذكرنا فاسدا ؛ لأن الله عم بالنهي عن الاستغفار للمشرك بعدما تبين له أنه من أصحاب الجحيم ، ولم يخصص عن ذلك حالا أباح فيها الاستغفار له .
[ ص: 518 ] وأما قوله : " من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " فإن معناه : ما قد بينت من أنه من بعد ما يعلمون بموته كافرا أنه من أهل النار .
وقيل : " أصحاب الجحيم " لأنهم سكانها وأهلها الكائنون فيها ، كما يقال لسكان الدار : " هؤلاء أصحاب هذه الدار " بمعنى : سكانها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
17340 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله :
من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم قال : تبين للنبي - صلى الله عليه وسلم -
أن أبا طالب حين مات أن التوبة قد انقطعت عنه .
17341 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة قال : " تبين له " حين مات ، وعلم أن التوبة قد انقطعت عنه يعني في قوله : " من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " .
17342 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ قال : حدثنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك في قوله : "
ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " الآية . يقول : إذا ماتوا مشركين يقول الله : (
إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ) الآية [ المائدة : 72 ] .
واختلف أهل التأويل في
تأويل قوله : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " .
قال بعضهم : معناه : فلما تبين له بموته مشركا بالله تبرأ منه ، وترك الاستغفار له .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 519 ] 17343 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن قال : حدثنا
سفيان ، عن
حبيب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال : ما زال
إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " .
17344 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
حبيب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال : ما زال
إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات فلما مات تبين له أنه عدو لله .
17345 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
سفيان ، عن
حبيب بن أبي ثابت ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال : لم يزل
إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات ، فلما مات لم يستغفر له .
17346 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " يعني : استغفر له ما كان حيا ، فلما مات أمسك عن الاستغفار له .
17347 - حدثني
مطر بن محمد الضبي قال : حدثنا
أبو عاصم وأبو قتيبة مسلم بن قتيبة قالا : حدثنا
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مجاهد في قوله : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " قال : لما مات .
17348 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : حدثنا
محمد بن جعفر قال : حدثنا
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مجاهد مثله .
17349 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : " فلما تبين له أنه عدو لله " قال : موته وهو كافر .
17350 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثني أبي ، عن
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مجاهد مثله .
[ ص: 520 ] 17351 - . . . . . . قال : حدثنا
ابن أبي غنية ، عن أبيه ، عن
الحكم : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " قال : حين مات ولم يؤمن .
17352 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " : موته وهو كافر .
17353 - . . . . . قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال : حدثنا
هشيم عن
جويبر ، عن
الضحاك في قوله : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " قال : لما مات .
17354 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " لما مات على شركه " تبرأ منه " .
17355 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ يقول : حدثنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه " كان إبراهيم - صلوات الله عليه - يرجو أن يؤمن أبوه ما دام حيا ، فلما مات على شركه تبرأ منه .
17356 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد : " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " قال : موته وهو كافر .
17357 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
سفيان ، عن
حبيب بن أبي ثابت ، عن
سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال :
[ ص: 521 ] ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات ، فلما مات تبين له أنه عدو لله ، فلم يستغفر له .
17358 - . . . . . . قال : حدثنا
أبو أحمد قال :
أبو إسرائيل ، عن
علي ابن بذيمة عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : " فلما تبين له أنه عدو لله " قال : فلما مات .
وقال آخرون : معناه : فلما تبين له في الآخرة . وذلك أن أباه يتعلق به إذا أراد أن يجوز الصراط فيمر به عليه ، حتى إذا كاد أن يجاوزه ، حانت من
إبراهيم التفاتة ، فإذا هو بأبيه في صورة قرد أو ضبع ، فيخلي عنه ويتبرأ منه حينئذ .
ذكر من قال ذلك :
17359 - حدثنا
عمرو بن علي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث قال : حدثنا
عبد الله بن سليمان قال : سمعت
سعيد بن جبير يقول : إن
إبراهيم يقول يوم القيامة : " رب والدي ، رب والدي " . فإذا كان الثالثة ، أخذ بيده ، فيلتفت إليه وهو ضبعان ، فيتبرأ منه .
17360 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير ، عن
منصور عن
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير قال : إنكم مجموعون يوم القيامة في صعيد واحد ، يسمعكم الداعي ، وينفذكم البصر . قال : فتزفر جهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وقع
[ ص: 522 ] لركبتيه ترعد فرائصه . قال : فحسبته يقول : نفسي نفسي ، ويضرب الصراط على جهنم كحد السيف دحض مزلة ، وفي جانبيه ملائكة معهم خطاطيف كشوك السعدان . قال : فيمضون كالبرق ، وكالريح ، وكالطير ، وكأجاويد الركاب ، وكأجاويد الرجال . والملائكة يقولون : " رب سلم سلم " فناج سالم ومخدوش ناج ، ومكدوس في النار . يقول
إبراهيم لأبيه : إني كنت آمرك في الدنيا فتعصيني ، ولست تاركك اليوم ، فخذ بحقوي . فيأخذ بضبعيه ، فيمسخ ضبعا ، فإذا رأه قد مسخ تبرأ منه .
[ ص: 523 ] قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول الله - وهو خبره عن
إبراهيم - أنه لما تبين له أن أباه لله عدو تبرأ منه ، وذلك حال علمه ويقينه أنه لله عدو ، وهو به مشرك ، وهو حال موته على شركه .