[ ص: 17 ] القول في
تأويل قوله تعالى : ( قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ( 2 ) )
قال
أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأته عامة قراء أهل المدينة
والبصرة : (
إن هذا لسحر مبين ) ، بمعنى : إن هذا الذي جئتنا به - يعنون القرآن - لسحر مبين .
وقرأ ذلك
مسروق nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وجماعة من قراء الكوفيين : (
إن هذا لساحر مبين ) .
وقد بينت فيما مضى من نظائر ذلك : أن كل موصوف بصفة ، يدل الموصوف على صفته ، وصفته عليه .
والقارئ مخير في القراءة في ذلك ، وذلك نظير هذا الحرف : (
قال الكافرون إن هذا لسحر مبين ) ، و " لساحر مبين " .
وذلك أنهم إنما وصفوه بأنه " ساحر " ووصفهم ما جاءهم به أنه " سحر " يدل على أنهم قد وصفوه بالسحر . وإذ كان ذلك كذلك ، فسواء بأي ذلك قرأ القارئ ، لاتفاق معنى القراءتين .
وفي الكلام محذوف ، استغني بدلالة ما ذكر عما ترك ذكره ، وهو : " فلما بشرهم وأنذرهم وتلا عليهم الوحي " قال الكافرون : إن هذا الذي جاءنا به لسحر مبين .
قال
أبو جعفر : فتأويل الكلام إذا : أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى
[ ص: 18 ] رجل منهم : أن أنذر الناس ، وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ؟ فلما أتاهم بوحي الله وتلاه عليهم ، قال المنكرون توحيد الله ورسالة رسوله : إن هذا الذي جاءنا به
محمد لسحر مبين أي : يبين لكم عنه أنه مبطل فيما يدعيه .