القول في تأويل قوله تعالى : (
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم ( 9 )
دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ( 10 ) )
قال
أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : (
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) ، إن الذين صدقوا الله ورسوله (
وعملوا الصالحات ) ، وذلك العمل بطاعة الله والانتهاء إلى أمره (
يهديهم ربهم بإيمانهم ) ، يقول : يرشدهم ربهم بإيمانهم به إلى الجنة ، كما :
17558 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة قوله : (
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم )
بلغنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة فيقول له : ما أنت ؟ فوالله إني لأراك امرأ صدق! فيقول : أنا عملك! فيكون له نورا وقائدا إلى الجنة . وأما الكافر إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة وشارة سيئة [ ص: 28 ] فيقول : ما أنت ؟ فوالله إني لأراك امرأ سوء! فيقول : أنا عملك! فينطلق به حتى يدخله النار .
17559 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد في قول الله : (
يهديهم ربهم بإيمانهم ) ، قال : يكون لهم نورا يمشون به .
17560 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
17561 - . . . . قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر عن
ورقاء عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد مثله .
17562 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
مجاهد مثله وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : (
يهديهم ربهم بإيمانهم ) ، قال : يمثل له عمله في صورة حسنة وريح طيبة ، يعارض صاحبه ويبشره بكل خير ، فيقول له : من أنت ؟ فيقول : أنا عملك! فيجعل له نورا من بين يديه حتى يدخله الجنة ، فذلك قوله : (
يهديهم ربهم بإيمانهم ) . والكافر يمثل له عمله في صورة سيئة وريح منتنة ، فيلازم صاحبه ويلازه حتى يقذفه في النار .
وقال آخرون : معنى ذلك : بإيمانهم ، يهديهم ربهم لدينه . يقول : بتصديقهم هداهم .
ذكر من قال ذلك :
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[ ص: 29 ] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقوله : (
تجري من تحتهم الأنهار ) ، يقول : تجري من تحت هؤلاء المؤمنين الذين وصف جل ثناؤه صفتهم ، أنهار الجنة (
في جنات النعيم ) ، يقول في بساتين النعيم ، الذي نعم الله به أهل طاعته والإيمان به .
فإن قال قائل : وكيف قيل : (
تجري من تحتهم الأنهار ) ، وإنما وصف جل ثناؤه أنهار الجنة في سائر القرآن أنها تجري تحت الجنات ؟ وكيف يمكن الأنهار أن تجري من تحتهم ، إلا أن يكونوا فوق أرضها والأنهار تجري من تحت أرضها ؟ وليس ذلك من صفة أنهار الجنة ، لأن صفتها أنها تجري على وجه الأرض في غير أخاديد ؟
قيل : إن معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبت ، وإنما معنى ذلك : تجري من دونهم الأنهار إلى ما بين أيديهم في بساتين النعيم ، وذلك نظير قول الله : (
قد جعل ربك تحتك سريا ) [ سورة مريم : 24 ] . ومعلوم أنه لم يجعل " السري " تحتها وهي عليه قاعدة إذ كان " السري " هو الجدول وإنما عني به : جعل دونها : بين يديها ، وكما قال جل ثناؤه مخبرا عن قيل فرعون ، (
أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي ) ، [ سورة الزخرف : 51 ] ، بمعنى : من دوني ، بين يدي .
[ ص: 30 ]
وأما قوله : (
دعواهم فيها سبحانك اللهم ) ، فإن معناه : دعاؤهم فيها : سبحانك اللهم ، كما :
17563 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرت أن قوله : (
دعواهم فيها سبحانك اللهم ) ، قال : إذا مر بهم الطير يشتهونه
قالوا : سبحانك اللهم! وذلك دعواهم ، فيأتيهم الملك بما اشتهوا ، فيسلم عليهم فيردون عليه ، فذلك قوله : (
وتحيتهم فيها سلام ) . قال : فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم ، فذلك قوله : (
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) .
17564 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة قوله : (
دعواهم فيها سبحانك اللهم ) ، يقول : ذلك قولهم فيها (
وتحيتهم فيها سلام ) .
17565 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
عبيد الله الأشجعي قال : سمعت
سفيان يقول : (
دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام ) ، قال : إذا أرادوا الشيء قالوا : " اللهم " ، فيأتيهم ما دعوا به .
وأما قوله : (
سبحانك اللهم ) ، فإن معناه : تنزيها لك يا رب ، مما أضاف إليك أهل الشرك بك ، من الكذب عليك والفرية .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
17566 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
ابن إدريس قال : سمعت أبي .
[ ص: 31 ] عن غير واحد
، عطية فيهم : " سبحان الله " تنزيه لله .
17567 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا
سفيان عن
عثمان بن عبد الله بن موهب قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17176موسى بن طلحة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810620سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن " سبحان الله " قال : إبراء الله عن السوء .
17568 - حدثنا
أبو كريب وأبو السائب وخلاد بن أسلم قالوا : حدثنا
ابن إدريس قال : حدثنا
قابوس عن أبيه : أن
ابن الكواء سأل
عليا رضي الله عنه عن " سبحان الله " ، قال : كلمة رضيها الله لنفسه .
17569 - حدثني
نصر بن عبد الرحمن الأودي قال : حدثنا
أبو أسامة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بن سعيد الثوري ، عن
عثمان بن عبد الله بن موهب الطلحي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17176موسى بن طلحة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810621سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن " سبحان الله " فقال : تنزيها لله عن السوء .
17570 - حدثني
علي بن عيسى البزار قال : حدثنا
عبيد الله بن محمد ، قال : حدثنا
عبد الرحمن بن حماد قال : حدثني
حفص بن سليمان قال : حدثنا
طلحة بن يحيى بن طلحة عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812304سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير " سبحان الله " ، فقال : هو تنزيه الله من كل سوء .
[ ص: 32 ]
17571 - حدثني
محمد بن عمرو بن تمام الكلبي قال : حدثنا
سليمان بن أيوب قال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17176موسى بن طلحة عن أبيه
nindex.php?page=hadith&LINKID=811580قال : قلت : يا رسول الله ، قول " سبحان الله " ؟ قال : تنزيه الله عن السوء .
(
وتحيتهم ) ، يقول : وتحية بعضهم بعضا (
فيها سلام ) ، أي : سلمت وأمنت مما ابتلي به أهل النار .
والعرب تسمي الملك " التحية " ، ومنه قول
عمرو بن معد يكرب :
أزور بها أبا قابوس حتى أنيخ على تحيته بجندي
[ ص: 33 ]
ومنه قول
زهير بن جناب الكلبي :
من كل ما نال الفتى قد نلته إلا التحيه
وقوله : (
وآخر دعواهم ) يقول : وآخر دعائهم (
أن الحمد لله رب العالمين ) ، يقول : وآخر دعائهم أن يقولوا : الحمد لله رب العالمين " ، ولذلك خففت " أن " ولم تشدد لأنه أريد بها الحكاية .