القول في تأويل قوله تعالى : (
ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ( 14 ) )
قال
أبو جعفر يقول ، تعالى ذكره : ثم جعلناكم ، أيها الناس ، خلائف من بعد هؤلاء القرون الذين أهلكناهم لما ظلموا ، تخلفونهم في الأرض ، وتكونون فيها بعدهم (
لننظر كيف تعملون ) يقول : لينظر ربكم أين عملكم من عمل من هلك من قبلكم من الأمم بذنوبهم وكفرهم بربهم ، تحتذون مثالهم فيه ، فتستحقون من العقاب ما استحقوا ، أم تخالفون سبيلهم فتؤمنون بالله ورسوله وتقرون بالبعث بعد الممات ، فتستحقون من ربكم الثواب الجزيل ، كما :
17579 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد [ ص: 39 ] عن
قتادة قوله : (
ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ) ، ذكر لنا أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : صدق ربنا ، ما جعلنا خلفاء إلا لينظر كيف أعمالنا ، فأروا الله من أعمالكم خيرا بالليل والنهار ، والسر والعلانية .
17580 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
زيد بن عوف أبو ربيعة فهد قال : حدثنا
حماد عن
ثابت البناني عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى : أن
عوف بن مالك رضي الله عنه قال
لأبي بكر رضي الله عنه : رأيت فيما يرى النائم كأن سببا دلي من السماء ، فانتشط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم دلي فانتشط
أبو بكر ثم ذرع الناس حول المنبر ،
ففضل
عمر رضي الله عنه بثلاث أذرع إلى المنبر . فقال
عمر : دعنا من رؤياك ، لا أرب لنا فيها ! فلما استخلف
عمر قال : يا
عوف رؤياك! قال : وهل لك في رؤياي من حاجة ؟ أو لم تنتهرني! قال : ويحك ! إني كرهت أن تنعى لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه ! فقص عليه الرؤيا ، حتى إذا بلغ : " ذرع الناس إلى المنبر بهذه الثلاث الأذرع " ، قال : أما إحداهن ، فإنه كائن خليفة . وأما الثانية ، فإنه لا يخاف في الله لومة لائم . وأما الثالثة ، فإنه شهيد . قال : فقال يقول الله : (
ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ) ، فقد استخلفت يابن أم
عمر فانظر كيف تعمل .
وأما قوله : " فإني لا أخاف في الله لومة لائم " فما شاء الله .
وأما قوله : " فإني شهيد " فأنى
لعمر الشهادة ، والمسلمون مطيفون به! ثم قال : إن الله على ما يشاء قدير .