القول في تأويل قوله تعالى : (
قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون ( 31 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : ( قل ) ، يا
محمد لهؤلاء المشركين بالله الأوثان والأصنام (
من يرزقكم من السماء ) الغيث والقطر ، ويطلع لكم شمسها ، ويغطش ليلها ، ويخرج ضحاها ومن الأرض أقواتكم وغذاءكم الذي ينبته لكم ، وثمار أشجارها (
أم من يملك السمع والأبصار ) يقول : أم من ذا الذي يملك أسماعكم وأبصاركم التي تسمعون بها : أن يزيد في قواها ، أو يسلبكموها ، فيجعلكم صما ، وأبصاركم التي تبصرون بها : أن يضيئها لكم وينيرها ، أو يذهب بنورها ، فيجعلكم عميا لا تبصرون (
ومن يخرج الحي من الميت ) يقول : ومن يخرج الشيء الحي من الميت (
ويخرج الميت من الحي ) ، يقول : ويخرج الشيء الميت من الحي
وقد ذكرنا اختلاف المختلفين من أهل التأويل ، والصواب من القول عندنا في ذلك بالأدلة الدالة على صحته ، في " سورة آل عمران " بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
[ ص: 84 ]
(
ومن يدبر الأمر ) ، وقل لهم : من يدبر أمر السماء والأرض وما فيهن ، وأمركم وأمر الخلق ؟ (
فسيقولون الله ) ، يقول جل ثناؤه : فسوف يجيبونك بأن يقولوا : الذي يفعل ذلك كله الله (
فقل أفلا تتقون ) ، يقول : أفلا تخافون عقاب الله على شرككم وادعائكم ربا غير من هذه الصفة صفته ، وعبادتكم معه من لا يرزقكم شيئا ، ولا يملك لكم ضرا ولا نفعا ، ولا يفعل فعلا ؟