[ ص: 111 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ( 59 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( قل ) يا
محمد لهؤلاء المشركين : ( أرأيتم ) أيها الناس (
ما أنزل الله لكم من رزق ) ، يقول : ما خلق الله لكم من الرزق فخولكموه ، وذلك ما تتغذون به من الأطعمة (
فجعلتم منه حراما وحلالا ) ، يقول : فحللتم بعض ذلك لأنفسكم ، وحرمتم بعضه عليها ، وذلك كتحريمهم ما كانوا يحرمونه من حروثهم التي كانوا يجعلونها لأوثانهم ، كما وصفهم الله به فقال : (
وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا ) [ سورة الأنعام : 136 ] .
ومن الأنعام ما كانوا يحرمونه بالتبحير والتسييب ونحو ذلك ، مما قدمناه فيما مضى من كتابنا هذا .
يقول الله لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : قل ] يا
محمد (
آلله أذن لكم ) بأن تحرموا ما حرمتم منه (
أم على الله تفترون ) : أي تقولون الباطل وتكذبون .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
17689 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله قال : حدثني
معاوية عن
علي عن
ابن عباس قال : إن
أهل الجاهلية كانوا يحرمون أشياء أحلها الله من الثياب وغيرها ، وهو قول الله : (
قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه [ ص: 112 ] حراما وحلالا ) وهو هذا . فأنزل الله تعالى : (
قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده ) الآية [ سورة الأعراف : 32 ] .
17690 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبى قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم ) إلى قوله : (
أم على الله تفترون ) قال : هم أهل الشرك .
17691 - حدثني
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني عن
ابن عباس قوله : (
فجعلتم منه حراما وحلالا ) ، قال : الحرث والأنعام قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال :
مجاهد : البحائر والسيب .
17692 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد : (
فجعلتم منه حراما وحلالا ) قال : في البحيرة والسائبة .
17693 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة قوله : (
قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا ) الآية ، يقول : كل رزق لم أحرم حرمتموه على أنفسكم من نسائكم وأموالكم وأولادكم ، آلله أذن لكم فيما حرمتم من ذلك ، أم على الله تفترون ؟
17694 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا ) ، فقرأ حتى بلغ : (
أم على الله تفترون ) ، وقرأ : (
وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ) [ سورة الأنعام : 139 ] ، وقرأ : (
وقالوا هذه أنعام وحرث حجر ) حتى بلغ : (
لا يذكرون اسم الله عليها ) [ سورة الأنعام : 138 ] فقال : هذا قوله : جعل لهم رزقا ، فجعلوا منه حراما وحلالا وحرموا بعضه وأحلوا بعضه .
[ ص: 113 ] وقرأ : (
ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ) أي هذين حرم على هؤلاء الذين يقولون وأحل لهؤلاء (
نبئوني بعلم إن كنتم صادقين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا ) ، إلى آخر الآيات ، [ سورة الأنعام : 144 ] .
17695 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ قال : حدثنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا ) ، هو الذي قال الله : (
وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا ) إلى قوله : (
ساء ما يحكمون ) ، [ سورة الأنعام : 136 ] .