القول في
تأويل قوله تعالى ( فقلنا اضربوه ببعضها )
قال
أبو جعفر : يعني جل ذكره بقوله : فقلنا لقوم
موسى الذين ادارءوا في القتيل - الذي قد تقدم وصفنا أمره - : اضربوا القتيل . و " الهاء " التي في قوله : ( اضربوه ) من ذكر القتيل ; ( ببعضها ) أي : ببعض البقرة التي أمرهم الله بذبحها فذبحوها .
ثم اختلف العلماء في البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة ، وأي عضو كان ذلك منها . فقال بعضهم : ضرب بفخذ البقرة القتيل .
ذكر من قال ذلك :
1305 - حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قال : ضرب بفخذ البقرة فقام حيا ، فقال : قتلني فلان . ثم عاد في ميتته .
[ ص: 230 ] 1306 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قال : ضرب بفخذ البقرة ، ثم ذكر مثله .
1307 - حدثنا
أبو كريب قال ، حدثنا
جابر بن نوح ، عن
النضر بن عربي ، عن
عكرمة : (
فقلنا اضربوه ببعضها ) ، قال : بفخذها ، فلما ضرب بها عاش ، وقال : قتلني فلان . ثم عاد إلى حاله .
1308 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
خالد بن يزيد ، عن
مجاهد قال : ضرب بفخذها الرجل ، فقام حيا فقال : قتلني فلان . ثم عاد في ميتته .
1309 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا
عبد الرزاق قال ، أخبرنا
معمر قال ، قال
أيوب ، عن
ابن سيرين ، عن
عبيدة : ضربوا المقتول ببعض لحمها - وقال
معمر ، عن
قتادة - : ضربوه بلحم الفخذ فعاش ، فقال : قتلني فلان .
1310 - حدثنا
بشر قال ، حدثنا
يزيد قال ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قال : ذكر لنا أنهم ضربوه بفخذها ، فأحياه الله فأنبأ بقاتله الذي قتله ، وتكلم ثم مات .
وقال آخرون : الذي ضرب به منها هو البضعة التي بين الكتفين .
ذكر من قال ذلك :
1311 - حدثني
موسى قال ، حدثنا
عمرو قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
فقلنا اضربوه ببعضها ) ، فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين فعاش ، فسألوه : من قتلك ؟ فقال لهم : ابن أخي .
[ ص: 231 ] وقال آخرون : الذي أمروا أن يضربوه به منها ، عظم من عظامها .
ذكر من قال ذلك :
1312 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
آدم قال ، حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية قال : أمرهم
موسى أن يأخذوا عظما منها فيضربوا به القتيل . ففعلوا ، فرجع إليه روحه ، فسمى لهم قاتله ، ثم عاد ميتا كما كان . فأخذ قاتله ، وهو الذي أتى
موسى فشكا إليه ، فقتله الله على أسوأ عمله .
وقال آخرون بما : -
1313 - حدثني به
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا
ابن وهب قال ، قال
ابن زيد : ضربوا الميت ببعض آرابها فإذا هو قاعد - قالوا : من قتلك ؟ قال : ابن أخي . قال : وكان قتله وطرحه على ذلك السبط ، أراد أن يأخذ ديته .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في تأويل قوله عندنا : (
فقلنا اضربوه ببعضها ) ، أن يقال : أمرهم الله جل ثناؤه أن يضربوا القتيل ببعض البقرة ليحيا المضروب . ولا دلالة في الآية ، ولا [ في ] خبر تقوم به حجة ، على أي أبعاضها التي أمر القوم أن يضربوا القتيل به . وجائز أن يكون الذي أمروا أن يضربوه به هو الفخذ ، وجائز أن يكون ذلك الذنب وغضروف الكتف ، وغير ذلك من أبعاضها . ولا يضر الجهل بأي ذلك ضربوا القتيل ، ولا ينفع العلم به ، مع الإقرار بأن القوم قد ضربوا القتيل ببعض البقرة بعد ذبحها فأحياه الله .
قال
أبو جعفر : فإن قال قائل : وما كان معنى الأمر بضرب القتيل ببعضها ؟ قيل : ليحيا فينبئ نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم والذين ادارءوا فيه - من قاتله .
[ ص: 232 ] فإن قال قائل : وأين الخبر عن أن الله جل ثناؤه أمرهم بذلك لذلك ؟ قيل : ترك ذلك اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام الدال عليه - نحو الذي ذكرنا من نظائر ذلك فيما مضى . ومعنى الكلام : فقلنا : اضربوه ببعضها ليحيا ، فضربوه فحيي - كما قال جل ثناؤه : (
أن اضرب بعصاك البحر فانفلق ) [ الشعراء : 63 ] ، والمعنى : فضرب فانفلق - دل على ذلك قوله : (
كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون ) .