القول في تأويل قوله تعالى : (
قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون ( 68 ) )
قال
أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : قال هؤلاء المشركون بالله من قومك ، يا
محمد : (
اتخذ الله ولدا ) وذلك قولهم : " الملائكة بنات الله " . يقول الله منزها نفسه عما قالوا وافتروا عليه من ذلك : " سبحان الله " تنزيها لله عما قالوا وادعوا على ربهم " هو الغني " يقول : الله غني عن خلقه جميعا ، فلا حاجة به إلى ولد ، لأن الولد إنما يطلبه من يطلبه ، ليكون عونا له في حياته وذكرا له بعد وفاته ، والله عن كل ذلك غني ، فلا حاجة به إلى معين يعينه على تدبيره ، ولا يبيد فيكون به حاجة إلى خلف بعده (
له ما في السماوات وما في الأرض ) يقول ، تعالى ذكره : لله ما في السماوات وما في الأرض ملكا ، والملائكة عباده وملكه ، فكيف يكون عبد الرجل وملكه له ولدا ؟ يقول : أفلا تعقلون أيها القوم خطأ ما تقولون ؟ (
إن عندكم من سلطان بهذا ) ، يقول : ما عندكم أيها القوم ،
[ ص: 146 ] بما تقولون وتدعون من أن الملائكة بنات الله ، من حجة تحتجون بها وهي السلطان أتقولون على الله قولا لا تعلمون حقيقته وصحته ، وتضيفون إليه ما لا يجوز إضافته إليه ، جهلا منكم بما تقولون ، بغير حجة ولا برهان ؟