القول في تأويل قوله تعالى : (
فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين ( 72 ) )
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نبيه
نوح عليه السلام لقومه : (
فإن توليتم ) أيها القوم ، عني بعد دعائي إياكم ، وتبليغ رسالة ربي إليكم ، مدبرين ، فأعرضتم عما دعوتكم إليه من الحق ، والإقرار بتوحيد الله ، وإخلاص العبادة له ، وترك إشراك الآلهة في عبادته ، فتضييع منكم وتفريط في واجب حق الله عليكم ، لا بسبب من قبلي ، فإني لم أسألكم على ما دعوتكم إليه أجرا ، ولا عوضا أعتاضه منكم بإجابتكم إياي إلى ما دعوتكم إليه من الحق والهدى ، ولا طلبت منكم عليه ثوابا ولا جزاء (
إن أجري إلا على الله ) يقول جل ثناؤه : إن جزائي وأجر عملي وثوابه إلا على ربي ، لا عليكم ، أيها القوم ، ولا على غيركم (
وأمرت أن أكون من المسلمين ) ، وأمرني ربي أن أكون من المذعنين له بالطاعة ، المنقادين لأمره ونهيه ، المذللين له ، ومن أجل ذلك أدعوكم إليه ، وبأمره آمركم بترك عبادة الأوثان .