[ ص: 233 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( 
ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور  ( 5 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : اختلفت القرأة في قراءة قوله : ( 
ألا إنهم يثنون صدورهم  ) ، فقرأته 
عامة الأمصار   : ( 
ألا إنهم يثنون صدورهم  ) ، على تقدير " يفعلون " من " ثنيت " و " الصدور " منصوبة . 
واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله ، فقال بعضهم : ذلك كان من فعل بعض المنافقين ، كان إذا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم غطى وجهه وثنى ظهره . 
ذكر من قال ذلك : 
17938 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى  قال : حدثنا 
ابن أبي عدي  عن 
شعبة  عن 
حصين  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد  في قوله : ( 
ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم  ) ، قال : كان أحدهم إذا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم قال بثوبه على وجهه ، وثنى ظهره . 
17939 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثنا 
هشيم  قال : أخبرنا 
حصين  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد بن الهاد  قوله : ( 
ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه  ) ، قال : من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : كان المنافقون  
[ ص: 234 ] إذا مروا به ثنى أحدهم صدره ، ويطأطئ رأسه . فقال الله : ( 
ألا إنهم يثنون صدورهم  ) الآية . 
17940 - حدثني المثنى قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون  قال : حدثنا 
هشيم  عن 
حصين  قال  : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد  يقول في قوله : ( 
يثنون صدورهم  ) ، قال : كان أحدهم إذا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ثنى صدره ، وتغشى بثوبه ، كي لا يراه النبي صلى الله عليه وسلم . 
وقال آخرون : بل كانوا يفعلون ذلك جهلا منهم بالله وظنا أن الله يخفى عليه ما تضمره صدورهم إذا فعلوا ذلك . 
ذكر من قال ذلك : 
17941 - حدثني 
محمد بن عمرو  قال : حدثنا 
أبو عاصم  قال : حدثنا 
عيسى  عن 
ابن أبي نجيح  عن 
مجاهد :   ( 
يثنون صدورهم  ) قال : شكا وامتراء في الحق ، ليستخفوا من الله إن استطاعوا . 
17942 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
أبو حذيفة  قال : حدثنا 
شبل  عن 
ابن أبي نجيح  عن 
مجاهد :   ( 
يثنون صدورهم  ) ، شكا وامتراء في الحق . ( 
ليستخفوا منه  ) ، قال : من الله إن استطاعوا . 
17943 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا 
ابن نمير  عن 
ورقاء  عن 
ابن نجيح  عن 
مجاهد :   ( 
يثنون صدورهم  ) ، قال : تضيق شكا . 
17944 - حدثنا 
المثنى  قال : حدثنا 
إسحاق  قال : حدثنا 
عبد الله  عن 
ورقاء  عن 
ابن أبي نجيح  عن 
مجاهد :   ( 
يثنون صدورهم  ) ، قال : تضيق شكا وامتراء في الحق . قال : ( 
ليستخفوا منه  ) ، قال : من الله إن استطاعوا 
17945 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
حجاج  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  عن 
مجاهد  بنحوه .  
[ ص: 235 ] 
17946 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار  قال : حدثنا 
هوذة  قال : حدثنا 
عوف  عن 
الحسن  في قوله : ( 
ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم  ) ، قال : من جهالتهم به ، قال الله : ( 
ألا حين يستغشون ثيابهم  ) ، في ظلمة الليل ، في أجواف بيوتهم ( يعلم ) ، تلك الساعة ( 
ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور  ) . 
17947 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن 
سفيان  عن 
منصور  عن 
أبي رزين   : ( 
ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم  ) ، قال : كان أحدهم يحني ظهره ، ويستغشي بثوبه . 
وقال آخرون : إنما كانوا يفعلون ذلك لئلا يسمعوا كتاب الله . 
ذكر من قال ذلك : 
17948 - حدثنا 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد  عن 
قتادة   : ( 
إلا إنهم يثنون صدورهم  ) الآية ، قال : [ كانوا يحنون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله ، قال تعالى : ( 
ألا حين ] يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون  ) وذلك أخفى ما يكون ابن آدم ، إذا حنى صدره واستغشى بثوبه ، وأضمر همه في نفسه ، فإن الله لا يخفى ذلك عليه . 
17949 - حدثنا 
محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا 
محمد بن ثور  عن 
معمر  عن 
قتادة   : ( 
يستغشون ثيابهم  ) ، قال : أخفى ما يكون الإنسان إذا أسر في نفسه شيئا وتغطى بثوبه ، فذلك أخفى ما يكون ، والله يطلع على ما في نفوسهم ، والله يعلم ما يسرون وما يعلنون . 
وقال آخرون : إنما هذا إخبار من الله نبيه صلى الله عليه وسلم عن المنافقين  
[ ص: 236 ] الذين كانوا يضمرون له العداوة والبغضاء ، ويبدون له المحبة والمودة ، أنهم معه وعلى دينه . يقول جل ثناؤه : ألا إنهم يطوون صدورهم على الكفر ليستخفوا من الله ، ثم أخبر جل ثناؤه أنه 
لا يخفى عليه سرائرهم وعلانيتهم  . 
وقال آخرون : كانوا يفعلون ذلك إذا ناجى بعضهم بعضا . 
ذكر من قال ذلك : 
17950 - حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد  في قوله : ( 
ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه  ) ، قال : هذا حين يناجي بعضهم بعضا . وقرأ : ( 
ألا حين يستغشون ثيابهم  ) الآية . 
وروي عن 
ابن عباس  أنه كان يقرأ ذلك : ( ألا إنهم تثنوني صدورهم ) ، على مثال : " تحلولي الثمرة " ، " تفعوعل " . 
17951 - حدثنا . . . قال : حدثنا 
أبو أسامة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة  قال : سمعت 
ابن عباس  يقرأ ( ألا إنهم تثنوني صدورهم ) ، قال : كانوا لا يأتون النساء ولا الغائط إلا وقد تغشوا بثيابهم ، كراهة أن يفضوا بفروجهم إلى السماء . 
17952 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
حجاج  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=16984محمد بن عباد بن جعفر  يقول ، سمعت 
ابن عباس  يقرؤها : ( ألا إنهم تثنوني صدورهم ) ، قال : سألته عنها فقال : كان ناس يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء ، وأن يصيبوا فيفضوا إلى السماء . 
وروي عن 
ابن عباس  في تأويل ذلك قول آخر ، وهو ما :  
[ ص: 237 ] 
17953 - حدثنا به 
محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا 
محمد بن ثور  عن 
معمر  قال : أخبرت ، عن 
عكرمة   : أن 
ابن عباس  قرأ ( ألا إنهم تثنوني صدورهم ) ، وقال 
ابن عباس   : " تثنوني صدورهم " الشك في الله ، وعمل السيئات  ( 
يستغشون ثيابهم  ) ، يستكبر ، أو يستكن من الله ، والله يراه ، يعلم ما يسرون وما يعلنون . 
17954 - حدثنا 
الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا 
عبد الرزاق  قال : أخبرنا 
معمر  عن رجل ، عن 
عكرمة  عن 
ابن عباس  أنه قرأ : ( ألا إنهم تثنوني صدورهم ) ، قال 
عكرمة   : " تثنوني صدورهم " قال : الشك في الله ، وعمل السيئات ، فيستغشي ثيابه ، ويستكن من الله ، والله يراه ويعلم ما يسرون وما يعلنون 
قال 
أبو جعفر   : والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه 
قراء الأمصار ،  وهو : ( 
ألا إنهم يثنون صدورهم  ) ، على مثال " يفعلون " و " الصدور " نصب ، بمعنى : يحنون صدورهم ويكنونها ، كما : 
17955 - حدثني المثنى قال : حدثنا 
عبد الله بن صالح  قال : حدثني 
معاوية  عن 
علي  عن 
ابن عباس  قوله : ( 
يثنون صدورهم  ) ، يقول : يكنون . 
17956 - حدثني 
محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس  قوله : ( 
ألا إنهم يثنون صدورهم  ) ، يقول : يكتمون ما في قلوبهم ( 
ألا حين يستغشون ثيابهم  ) يعلم ما عملوا بالليل والنهار . 
17957 - حدثت عن 
الحسين بن الفرج  قال : سمعت 
أبا معاذ  يقول ، حدثنا 
عبيد  قال : سمعت 
الضحاك  يقول في قوله : ( 
ألا إنهم يثنون صدورهم  ) ، يقول : ( تثنوني صدورهم ) .  
[ ص: 238 ] 
قال 
أبو جعفر   : وهذا التأويل الذي تأوله 
الضحاك  على مذهب قراءة 
ابن عباس  إلا أن الذي حدثنا ، هكذا ذكر القراءة في الرواية . 
فإذا كانت القراءة التي ذكرنا أولى القراءتين في ذلك بالصواب ، لإجماع الحجة من القراء عليها . فأولى التأويلات بتأويل ذلك ، تأويل من قال : إنهم كانوا يفعلون ذلك جهلا منهم بالله أنه يخفى عليه ما تضمره نفوسهم ، أو تناجوه بينهم . 
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بالآية ، لأن قوله : ( 
ليستخفوا منه  ) ، بمعنى : ليستخفوا من الله ، وأن الهاء في قوله ، ( منه ) ، عائدة على اسم الله ، ولم يجر 
لمحمد  ذكر قبل ، فيجعل من ذكره صلى الله عليه وسلم وهي في سياق الخبر عن الله . فإذا كان ذلك كذلك ، كانت بأن تكون من ذكر الله أولى . وإذا صح أن ذلك كذلك ، كان معلوما أنهم لم يحدثوا أنفسهم أنهم يستخفون من الله ، إلا بجهلهم به . فأخبرهم جل ثناؤه أنه لا يخفى عليه سر أمورهم وعلانيتها على أي حال كانوا ، تغشوا بالثياب ، أو أظهروا بالبراز . 
فقال : ( 
ألا حين يستغشون ثيابهم  ) ، يعني : يتغشون ثيابهم ، يتغطونها ويلبسون . 
يقال منه : " استغشى ثوبه وتغشاه " قال الله : ( 
واستغشوا ثيابهم  ) [ سورة نوح : 7 ] ، وقالت 
الخنساء : 
 أرعى النجوم وما كلفت رعيتها وتارة أتغشى فضل أطماري 
 [ ص: 239 ] 
( 
يعلم ما يسرون  ) ، يقول جل ثناؤه : يعلم ما يسر هؤلاء الجهلة بربهم ، الظانون أن الله يخفى عليه ما أضمرته صدورهم إذا حنوها على ما فيها ، وثنوها ، وما تناجوه بينهم فأخفوه ( 
وما يعلنون  ) ، سواء عنده سرائر عباده وعلانيتهم ( 
إنه عليم بذات الصدور  ) ، يقول ، تعالى ذكره : إن الله ذو علم بكل ما أخفته صدور خلقه ، من إيمان وكفر ، وحق وباطل ، وخير وشر ، وما تستجنه مما لم تجنه بعد . كما : 
17958 - حدثني المثنى قال : حدثنا 
عبد الله بن صالح  قال حدثني 
معاوية  عن 
علي  عن 
ابن عباس   : ( 
ألا حين يستغشون ثيابهم  ) ، يقول : يغطون رءوسهم . 
قال 
أبو جعفر  فاحذروا أن يطلع عليكم ربكم وأنتم مضمرون في صدوركم الشك في شيء من توحيده أو أمره أو نهيه ، أو فيما ألزمكم الإيمان به والتصديق ، فتهلكوا باعتقادكم ذلك .