[ ص: 240 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ( 6 ) )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : (
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) ، وما تدب دابة في الأرض .
و " الدابة " " الفاعلة " ، من دب فهو يدب ، وهو داب ، وهي دابة .
(
إلا على الله رزقها ) ، يقول : إلا ومن الله رزقها الذي يصل إليها ، هو به متكفل ، وذلك قوتها وغذاؤها وما به عيشها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
17959 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قال
مجاهد في قوله : (
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) ، قال : ما جاءها من رزق فمن الله ، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعا ، ولكن
ما كان من رزق فمن الله .
17960 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) ، قال : كل دابة
[ ص: 241 ]
17961 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ يقول ، أخبرنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) ، يعني : كل دابة ، والناس منهم .
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يزعم أن كل مال فهو " دابة " وأن معنى الكلام : وما دابة في الأرض وأن " من " زائدة .
وقوله : (
ويعلم مستقرها ) ، حيث تستقر فيه ، وذلك مأواها الذي تأوي إليه ليلا أو نهارا (
ومستودعها ) الموضع الذي يودعها ، إما بموتها فيه ، أو دفنها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
17962 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
ابن التيمي عن
ليث عن
الحكم عن
مقسم عن
ابن عباس قال : ( مستقرها ) حيث تأوي ( ومستودعها ) ، حيث تموت .
17963 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية عن
علي عن
ابن عباس قوله : (
ويعلم مستقرها ) ، يقول : حيث تأوي ( ومستودعها ) ، يقول : إذا ماتت .
[ ص: 242 ]
17964 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
المحاربي عن
ليث عن
الحكم عن
مقسم عن
ابن عباس : (
ويعلم مستقرها ومستودعها ) ، قال : " المستقر " حيث تأوي و " المستودع " حيث تموت .
وقال آخرون : ( مستقرها ) ، في الرحم ( ومستودعها ) ، في الصلب .
ذكر من قال ذلك :
17965 - حدثنا
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد : (
ويعلم مستقرها ) ، في الرحم ( ومستودعها ) ، في الصلب ، مثل التي في " الأنعام " .
17966 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه عن
ابن عباس قوله : (
ويعلم مستقرها ومستودعها ) ، فالمستقر ما كان في الرحم ، والمستودع ما كان في الصلب .
17967 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ يقول ، أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
ويعلم مستقرها ) ، يقول : في الرحم ( ومستودعها ) ، في الصلب .
وقال آخرون : " المستقر " في الرحم و " المستودع " حيث تموت .
ذكر من قال ذلك :
17968 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي
ويعلى وابن فضيل عن
إسماعيل عن
إبراهيم عن
عبد الله : (
ويعلم مستقرها ومستودعها ) ، قال : " مستقرها " ، الأرحام و " مستودعها " : الأرض التي تموت فيها .
17969 - . . . . قال : حدثنا
عبيد الله عن
إسرائيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي [ ص: 243 ] عن
مرة عن
عبد الله : (
ويعلم مستقرها ومستودعها ) ، " المستقر " الرحم ، و " المستودع " المكان الذي تموت فيه .
وقال آخرون : ( مستقرها ) ، أيام حياتها ( ومستودعها ) ، حيث تموت فيه .
ذكر من قال ذلك :
17970 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الرحمن بن سعد قال : أخبرنا
أبو جعفر عن
الربيع بن أنس قوله : (
ويعلم مستقرها ومستودعها ) ، قال : ( مستقرها ) ، أيام حياتها ، و ( مستودعها ) : حيث تموت ، ومن حيث تبعث .
قال
أبو جعفر : وإنما اخترنا القول الذي اخترناه فيه ، لأن الله جل ثناؤه أخبر أن ما رزقت الدواب من رزق فمنه ، فأولى أن يتبع ذلك أن يعلم مثواها ومستقرها دون الخبر عن علمه بما تضمنته الأصلاب والأرحام .
ويعني بقوله : (
كل في كتاب ) ، [ مبين ] ، عدد كل دابة ، ومبلغ أرزاقها ، وقدر قرارها في مستقرها ، ومدة لبثها في مستودعها ؛ كل ذلك في كتاب عند الله مثبت مكتوب ( مبين ) ، يبين لمن قرأه أن ذلك مثبت مكتوب قبل أن يخلقها ويوجدها .
وهذا إخبار من الله جل ثناؤه الذين كانوا يثنون صدورهم ليستخفوا منه ، أنه قد علم الأشياء كلها ، وأثبتها في كتاب عنده قبل أن يخلقها ويوجدها ، يقول لهم ، تعالى ذكره : فمن كان قد علم ذلك منهم قبل أن يوجدهم ، فكيف يخفى عليه ما تنطوي عليه نفوسهم إذا ثنوا به صدورهم ، واستغشوا عليه ثيابهم ؟