القول في تأويل قوله تعالى : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ( 15 ) )
قال
أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : من كان يريد بعمله الحياة الدنيا ، وإياها وزينتها يطلب به ، نوف إليهم أجور أعمالهم فيها وثوابها (
وهم فيها ) يقول : وهم في الدنيا ، (
لا يبخسون ) ، يقول : لا ينقصون أجرها ، ولكنهم يوفونه فيها .
[ ص: 263 ]
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
18012 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها ) الآية ، وهي ما يعطيهم الله من الدنيا بحسناتهم ، وذلك أنهم لا يظلمون نقيرا . يقول : من عمل صالحا التماس الدنيا ، صوما أو صلاة أو تهجدا بالليل ، لا يعمله إلا لالتماس الدنيا ، يقول الله : أوفيه الذي التمس في الدنيا من المثابة ، وحبط عمله الذي كان يعمل التماس الدنيا ، وهو في الآخرة من الخاسرين .
18013 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
جرير عن
منصور عن
سعيد بن جبير : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) ، قال : ثواب ما عملوا في الدنيا من خير أعطوه في الدنيا ، وليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها .
18014 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير عن
منصور عن
سعيد بن جبير قوله : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) ، قال : وزن ما عملوا من خير أعطوا في الدنيا ، وليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها . قال : هي مثل الآية التي في الروم : (
وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله ) ، [ سورة الروم : 39 ]
18015 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان عن
منصور عن
سعيد بن جبير : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها ) ، قال :
من عمل للدنيا وفيه في الدنيا .
[ ص: 264 ]
18016 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها ) ، قال : من عمل عملا مما أمر الله به ، من صلاة أو صدقة ، لا يريد بها وجه الله ، أعطاه الله في الدنيا ثواب ذلك مثل ما أنفق ، فذلك قوله : (
نوف إليهم أعمالهم فيها ) ، في الدنيا ، (
وهم فيها لا يبخسون ) ، أجر ما عملوا فيها ، (
أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها ) ، الآية .
18017 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
الثوري عن
عيسى يعني ابن ميمون عن
مجاهد في قوله : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها ) ، قال : ممن لا يقبل منه ، جوزي به ، يعطى ثوابه .
18018 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
ابن يمان عن
سفيان عن
عيسى الجرشي عن
مجاهد : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) ، قال : ممن لا يقبل منه ، يعجل له في الدنيا .
18019 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة قوله : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ) ، أي : لا يظلمون . يقول : من كانت الدنيا همه وسدمه وطلبته ونيته ، جازاه الله بحسناته في الدنيا ، ثم يفضي إلى الآخرة ، وليس له حسنة يعطى بها جزاء . وأما المؤمن ، فيجازى بحسناته في الدنيا ، ويثاب عليها في الآخرة (
وهم فيها لا يبخسون ) أي : في الآخرة لا يظلمون .
18020 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور وحدثنا
[ ص: 265 ] الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق جميعا ، عن
معمر عن
قتادة : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) ، الآية ، قال : من كان إنما همته الدنيا ، إياها يطلب ، أعطاه الله مالا وأعطاه فيها ما يعيش ، وكان ذلك قصاصا له بعمله . (
وهم فيها لا يبخسون ) ، قال : لا يظلمون .
18021 - . . . . قال : حدثنا
محمد بن ثور عن
معمر عن
ليث بن أبي سليم عن
محمد بن كعب القرظي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812310من أحسن من محسن ، فقد وقع أجره على الله في عاجل الدنيا وآجل الآخرة .
18022 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) ، الآية ، يقول : من عمل عملا صالحا في غير تقوى - يعني من أهل الشرك - أعطي على ذلك أجرا في الدنيا : يصل رحما ، يعطي سائلا ، يرحم مضطرا ، في نحو هذا من أعمال البر ، يعجل الله له ثواب عمله في الدنيا ، ويوسع عليه في المعيشة والرزق ، ويقر عينه فيما خوله ، ويدفع عنه من مكاره الدنيا ، في نحو هذا ، وليس له في الآخرة من نصيب .
18023 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : حدثنا
حفص بن عمر أبو عمر الضرير قال : حدثنا
همام عن
قتادة عن
أنس في قوله : (
نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ) ، قال : هي في
اليهود والنصارى .
18024 - . . . . قال : حدثنا
حفص بن عمر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع عن
أبي رجاء الأزدي عن
الحسن : (
نوف إليهم أعمالهم فيها ) ، قال : طيباتهم .
18025 - حدثني
يعقوب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية عن أبي رجاء عن
الحسن مثله .
[ ص: 266 ]
18026 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية عن
أبي رجاء عن
الحسن مثله .
18027 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
سويد قال : أخبرنا
ابن المبارك عن
وهيب : أنه بلغه أن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا كان يقول في هذه الآية : هم أهل الرياء ، هم أهل الرياء .
18028 - . . . . قال : أخبرنا
ابن المبارك عن
حيوة بن شريح قال : حدثني
الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان أن
عقبة بن مسلم حدثه ، أن
شفي بن ماتع الأصبحي حدثه : أنه دخل
المدينة ، فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس ، فقال من هذا ؟ فقالوا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ! فدنوت منه حتى قعدت بين يديه ، وهو يحدث الناس ، فلما سكت وخلا قلت : أنشدك بحق ، وبحق لما حدثتني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته . قال : فقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : أفعل ، لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نشغ نشغة ، ثم أفاق فقال : لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا البيت ، ما فيه أحد غيري وغيره ! ثم نشغ
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة نشغة شديدة ، ثم مال خارا على وجهه ، واشتد به طويلا ثم أفاق فقال : حدثني رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810661إن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ، نزل إلى القيامة ليقضي بينهم ، وكل أمة جاثية ، فأول من يدعى به رجل جمع القرآن ، ورجل قتل في سبيل الله ، ورجل كثير المال ، فيقول الله للقارئ : ألم أعلمك [ ص: 267 ] ما أنزلت على رسولي ؟ قال : بلى يا رب ! قال : فماذا عملت فيما علمت ؟ قال : كنت أقوم آناء الليل وآناء النهار! فيقول الله له : كذبت ! وتقول له الملائكة : كذبت ! ويقول الله له : بل أردت أن يقال : " فلان قارئ " فقد قيل ذلك ! ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له : ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ قال : بلى يا رب ! قال : فماذا عملت فيما آتيتك ؟ قال : كنت أصل الرحم ، وأتصدق . فيقول الله له : كذبت ! وتقول الملائكة : كذبت ! ويقول الله له : بل أردت أن يقال : " فلان جواد " فقد قيل ذلك! ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله ، فيقال له : فيما ذا قتلت ؟ فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك ، فقاتلت حتى قتلت . فيقول الله له : كذبت ! وتقول له الملائكة : كذبت ! ويقول الله له : بل أردت أن يقال : " فلان جريء " وقد قيل ذلك ! ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال : يا أبا هريرة ، أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة .
قال
الوليد أبو عثمان : فأخبرني
عقبة أن
شفيا هو الذي دخل على
معاوية فأخبره بهذا .
قال
أبو عثمان : وحدثني
العلاء بن أبي حكيم : أنه كان سيافا
لمعاوية قال : فدخل عليه رجل فحدثه بهذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : وقد فعل بهؤلاء هذا ، فكيف بمن بقي من الناس! ثم بكى
معاوية بكاء شديدا حتى ظننا أنه هلك ، وقلنا : [ قد جاءنا ] هذا الرجل بشر ! ثم أفاق
معاوية ومسح عن وجهه فقال : صدق الله ورسوله : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) ، وقرأ إلى : (
وباطل ما كانوا يعملون ) .
[ ص: 268 ]
18029 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
سفيان عن
عيسى بن ميمون عن
مجاهد : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها ) الآية ، قال : ممن لا يتقبل منه ، يصوم ويصلي يريد به الدنيا ، ويدفع عنه هم الآخرة (
وهم فيها لا يبخسون ) ، لا ينقصون .