القول في تأويل قوله تعالى : (
ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين ( 52 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل
هود لقومه : (
ويا قوم استغفروا ربكم ) ، يقول : آمنوا به حتى يغفر لكم ذنوبكم .
والاستغفار : هو الإيمان بالله في هذا الموضع ، لأن
هودا صلى الله عليه وسلم إنما دعا قومه إلى توحيد الله ليغفر لهم ذنوبهم ، كما قال
نوح لقومه : (
اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى ) [ سورة نوح : 3 : 4 ]
وقوله : (
ثم توبوا إليه ) ، يقول : ثم توبوا إلى الله من سالف ذنوبكم وعبادتكم غيره بعد الإيمان به (
يرسل السماء عليكم مدرارا ) ، يقول : فإنكم إن آمنتم بالله وتبتم من كفركم به ، أرسل قطر السماء عليكم يدر لكم الغيث في وقت حاجتكم إليه ، وتحيا بلادكم من الجدب والقحط .
[ ص: 359 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
18261 - حدثني
علي بن داود قال ، حدثنا
عبد الله بن صالح قال ، حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : ( مدرارا ) ، يقول : يتبع بعضها بعضا .
18262 - حدثني
يونس قال ، أخبرنا
ابن وهب قال ، قال
ابن زيد في قوله : (
يرسل السماء عليكم مدرارا ) قال : يدر ذلك عليهم قطرا ومطرا .
وأما قوله : (
ويزدكم قوة إلى قوتكم ) ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا كان يقول في ذلك ما : -
18263 - حدثني به
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله : (
ويزدكم قوة إلى قوتكم ) ، قال : شدة إلى شدتكم
18264 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد وإسحاق قال ، حدثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد
18265 - حدثنا
القاسم قال ، حدثنا
الحسين قال ، حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال ، قال
مجاهد ، فذكر مثله .
18266 - حدثني
يونس قال ، أخبرنا
ابن وهب قال ، قال
ابن زيد في قوله : (
ويزدكم قوة إلى قوتكم ) ، قال : جعل لهم قوة ، فلو أنهم أطاعوه زادهم قوة إلى قوتهم . وذكر لنا أنه إنما قيل لهم : (
ويزدكم قوة إلى قوتكم ) ، قال : إنه قد كان انقطع النسل عنهم سنين ، فقال
هود لهم : إن آمنتم بالله أحيا الله بلادكم ورزقكم المال والولد ، لأن ذلك من القوة .
[ ص: 360 ]
وقوله : (
ولا تتولوا مجرمين ) ، يقول : ولا تدبروا عما أدعوكم إليه من توحيد الله ، والبراءة من الأوثان والأصنام ( مجرمين ) ، يعني : كافرين بالله .