[ ص: 368 ] القول في تأويل
قوله تعالى : ( وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب ( 61 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وأرسلنا إلى
ثمود أخاهم
صالحا ، فقال لهم : يا قوم ، اعبدوا الله وحده لا شريك له ، وأخلصوا له العبادة دون ما سواه من الآلهة ، فما لكم من إله غيره يستوجب عليكم العبادة ، ولا تجوز الألوهة إلا له (
هو أنشأكم من الأرض ) ، يقول : هو ابتدأ خلقكم من الأرض .
وإنما قال ذلك لأنه خلق آدم من الأرض ، فخرج الخطاب لهم ، إذ كان ذلك فعله بمن هم منه .
(
واستعمركم فيها ) ، يقول : وجعلكم عمارا فيها ، فكان المعنى فيه : أسكنكم فيها أيام حياتكم .
من قولهم : "أعمر فلان فلانا داره" ، و"هي له عمرى" .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 369 ]
18283 - حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : (
واستعمركم فيها ) ، قال : أعمركم فيها
18284 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
واستعمركم فيها ) ، يقول : أعمركم
وقوله : (
فاستغفروه ) ، يقول : اعملوا عملا يكون سببا لستر الله عليكم ذنوبكم ، وذلك الإيمان به ، وإخلاص العبادة له دون ما سواه ، واتباع رسوله صالح (
ثم توبوا إليه ) ، يقول : ثم اتركوا من الأعمال ما يكرهه ربكم ، إلى ما يرضاه ويحبه (
إن ربي قريب مجيب ) ، يقول : إن ربي قريب ممن أخلص له العبادة ورغب إليه في التوبة ، مجيب له إذا دعاه .