القول في
تأويل قوله تعالى : ( قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ( 55 ) )
قال
أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : قال
يوسف للملك : اجعلني على خزائن أرضك .
وهي جمع " خزانة " .
و " الألف واللام " دخلتا في " الأرض " خلفا من الإضافة ، كما قال الشاعر :
[ ص: 149 ] والأحلام غير عوازب
وهذا من
يوسف صلوات الله عليه ، مسألة منه للملك أن يوليه أمر طعام بلده وخراجها ، والقيام بأسباب بلده ، ففعل ذلك الملك به ، فيما بلغني ، كما : -
19453 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال قال
ابن زيد في قوله : (
اجعلني على خزائن الأرض ) ، قال : كان
لفرعون خزائن كثيرة غير الطعام قال : فأسلم سلطانه كله إليه ، وجعل القضاء إليه ، أمره وقضاؤه نافذ .
19454 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
إبراهيم بن المختار ، عن
شيبة الضبي ، في قوله : (
اجعلني على خزائن الأرض ) ، قال : على حفظ الطعام .
وقوله : (
إني حفيظ عليم ) اختلف أهل التأويل في تأويله .
فقال بعضهم : معنى ذلك : إني حفيظ لما استودعتني ، عليم بما وليتني .
ذكر من قال ذلك :
19455 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : (
إني حفيظ عليم ) ، إني حافظ لما استودعتني ، عالم بما وليتني . قال : قد فعلت .
19456 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
إني حفيظ عليم ) ، يقول : حفيظ لما وليت ، عليم بأمره .
[ ص: 150 ]
19457 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
إبراهيم بن المختار ، عن
شيبة الضبي في قوله : (
إني حفيظ عليم ) يقول : إني حفيظ لما استودعتني ، عليم بسني المجاعة .
وقال آخرون : إني حافظ للحساب ، عليم بالألسن .
ذكر من قال ذلك :
19458 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
عمرو ، عن
الأشجعي : (
إني حفيظ عليم ) ، حافظ للحساب ، عليم بالألسن .
قال
أبو جعفر : وأولى القولين عندنا بالصواب ، قول من قال : معنى ذلك : " إني حافظ لما استودعتني ، عالم بما أوليتني " ، لأن ذلك عقيب قوله : (
اجعلني على خزائن الأرض ) ، ومسألته الملك استكفاءه خزائن الأرض ، فكان إعلامه بأن عنده خبرة في ذلك وكفايته إياه ، أشبه من إعلامه حفظه الحساب ، ومعرفته بالألسن .