القول في
تأويل قوله تعالى : ( قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين ( 73 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قال إخوة
يوسف : ( تالله ) يعني : والله .
وهذه التاء في ( تالله ) ، إنما هي " واو " قلبت " تاء " كما فعل ذلك في " التوراة " وهي من " وريت " ، و " التراث " ، وهي من " ورثت " ، و " التخمة "
[ ص: 181 ] وهي من " الوخامة " ، قلبت الواو في ذلك كله تاء ، و " الواو " في هذه الحروف كلها من الأسماء ، وليست كذلك في ( تالله ) ، لأنها إنما هي واو القسم ، وإنما جعلت تاء لكثرة ما جرى على ألسن العرب في الأيمان في قولهم : " والله " ، فخصت في هذه الكلمة بأن قلبت تاء . ومن قال ذلك في اسم الله فقال : " تالله " . لم يقل " تالرحمن " و " تالرحيم " ، ولا مع شيء من أسماء الله ، ولا مع شيء مما يقسم به ، ولا يقال ذلك إلا في " تالله " وحده .
وقوله : (
لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض ) ، يقول : لقد علمتم ما جئنا لنعصي الله في أرضكم .
كذلك كان يقول جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
19555 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
إسحاق قال ، حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع بن أنس ، في قوله : (
قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض ) ، نقول : ما جئنا لنعصي في الأرض .
فإن قال قائل : وما كان علم من قيل له (
لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض ) ، بأنهم لم يجيئوا لذلك ، حتى استجاز قائلو ذلك أن يقولوه؟
قيل : استجازوا أن يقولوا ذلك لأنهم فيما ذكر ردوا البضاعة التي وجدوها
[ ص: 182 ] في رحالهم ، فقالوا : لو كنا سراقا لم نرد عليكم البضاعة التي وجدناها في رحالنا .
وقيل : إنهم كانوا قد عرفوا في طريقهم ومسيرهم أنهم لا يظلمون أحدا ولا يتناولون ما ليس لهم ، فقالوا ذلك حين قيل لهم : (
إنكم لسارقون ) .