[ القول في تأويل قوله تعالى : (
ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين ( 81 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره ، مخبرا عن قيل
روبيل لإخوته ، حين أخذ
يوسف أخاه بالصواع الذي استخرج من وعائه : ارجعوا ، إخوتي ، إلى أبيكم
يعقوب فقولوا له يا أبانا إن ابنك
بنيامين سرق .
[ ص: 210 ]
والقرأة على قراءة هذا الحرف بفتح السين والراء والتخفيف : (
إن ابنك سرق ) .
وروي عن
ابن عباس : " إن ابنك سرق " بضم السين وتشديد الراء ، على وجه ما لم يسم فاعله ، بمعنى : أنه سرق (
وما شهدنا إلا بما علمنا ) .
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : معناه : وما قلنا إنه سرق إلا بظاهر علمنا بأن ذلك كذلك ، لأن صواع الملك أصيب في وعائه دون أوعية غيره .
ذكر من قال ذلك :
19632 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : (
ارجعوا إلى أبيكم ) فإني ما كنت راجعا حتى يأتيني أمره (
فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا ) ، أي : قد وجدت السرقة في رحله ، ونحن ننظر لا علم لنا بالغيب (
وما كنا للغيب حافظين ) .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : وما شهدنا عند
يوسف بأن السارق يؤخذ بسرقته إلا بما علمنا .
ذكر من قال ذلك :
19633 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد : قال لهم
يعقوب عليه السلام : ما يدري هذا الرجل أن السارق يؤخذ بسرقته إلا بقولكم! فقالوا : (
ما شهدنا إلا بما علمنا ) ، لم نشهد أن السارق يؤخذ بسرقته إلا وذلك الذي علمنا . قال : وكان الحكم عند الأنبياء ،
يعقوب وبنيه أن يؤخذ السارق بسرقته عبدا فيسترق .
وقوله : (
وما كنا للغيب حافظين ) ، يقول : وما كنا نرى أن ابنك يسرق
[ ص: 211 ] ويصير أمرنا إلى هذا ، وإنما قلنا (
ونحفظ أخانا ) مما لنا إلى حفظه منه السبيل .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
19634 - حدثنا
الحسين بن الحريث أبو عمار المروزي . قال : حدثنا
الفضل بن موسى ، عن
الحسين بن واقد ، عن
يزيد ، عن
عكرمة : (
وما كنا للغيب حافظين ) . قال : ما كنا نعلم أن ابنك يسرق .
19635 - حدثنا
الحسن بن محمد قال : حدثنا
شبابة قال : حدثنا
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
وما كنا للغيب حافظين ) ، لم نشعر أنه سيسرق .
19636 - حدثنا
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
وما كنا للغيب حافظين ) قال : لم نشعر أنه سيسرق .
19637 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
وما كنا للغيب حافظين ) قال : لم نشعر أنه سيسرق .
19638 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد وأبو سفيان ، عن
معمر ، عن
قتادة : (
وما كنا للغيب حافظين )
[ ص: 212 ] قال : ما كنا نظن ولا نشعر أنه سيسرق .
19639 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : (
وما كنا للغيب حافظين ) قال : ما كنا نرى أنه سيسرق .
19640 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى . قال حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة : (
وما كنا للغيب حافظين ) ، قال : ما كنا نظن أن ابنك يسرق .
قال
أبو جعفر : وأولى التأويلين بالصواب عندنا في قوله : (
وما شهدنا إلا بما علمنا ) قول من قال : وما شهدنا بأن ابنك سرق إلا بما علمنا من رؤيتنا للصواع في وعائه لأنه عقيب قوله : (
إن ابنك سرق ) ; فهو بأن يكون خبرا عن شهادتهم بذلك ، أولى من أن يكون خبرا عما هو منفصل .
وذكر أن " الغيب " ، في لغة حمير ، هو الليل بعينه .