القول في تأويل قوله تعالى : (
وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ( 4 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره (
وفي الأرض قطع متجاورات ) ، وفي الأرض قطع منها متقاربات متدانيات ، يقرب بعضها من بعض بالجوار ، وتختلف بالتفاضل مع تجاورها وقرب بعضها من بعض ، فمنها قطعة سبخة لا تنبت شيئا في جوار قطعة طيبة تنبت وتنفع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 331 ]
20067 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
ليث ، عن
مجاهد : (
وفي الأرض قطع متجاورات ) قال : السبخة والعذية ، والمالح والطيب .
20068 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
سفيان ، عن
ليث ، عن
مجاهد ، قوله : (
وفي الأرض قطع متجاورات ) قال : سباخ وعذوية .
20069 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو نعيم قال : حدثنا
سفيان ، عن
ليث ، عن
مجاهد ، مثله .
20070 - حدثنا
الحسن بن محمد قال : حدثنا
سعيد بن سليمان قال : حدثنا
إسحاق بن سليمان ، عن
أبي سنان ، عن
ابن عباس في قوله : (
وفي الأرض قطع متجاورات ) قال : العذية والسبخة .
20071 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
وفي الأرض قطع متجاورات ) يعني الأرض السبخة ، والأرض العذية ، يكونان جميعا متجاورات ، يفضل بعضها على بعض في الأكل .
20072 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قال
ابن عباس : (
قطع متجاورات ) العذية والسبخة ،
[ ص: 332 ] متجاورات جميعا ، تنبت هذه ، وهذه إلى جنبها لا تنبت .
20073 - حدثنا
الحسن بن محمد قال : حدثنا
شبابة قال : حدثنا
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
قطع متجاورات ) طيبها : عذبها ، وخبيثها : السباخ .
20074 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، بنحوه .
20075 - . . . . . . قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
20076 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
وفي الأرض قطع متجاورات ) قرى قربت متجاورات بعضها من بعض .
20077 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة : (
وفي الأرض قطع متجاورات ) قال : قرى متجاورات .
20078 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
هشيم ، عن
أبي إسحاق الكوفي ، عن
الضحاك ، في قوله : (
قطع متجاورات ) قال : الأرض السبخة ، تليها الأرض العذية .
20079 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ يقول ، حدثنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
وفي الأرض قطع متجاورات ) يعني : الأرض السبخة والأرض العذية متجاورات بعضها عند بعض .
20080 - حدثنا
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
إسرائيل ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
وفي الأرض قطع متجاورات ) قال : الأرض تنبت حلوا ، والأرض تنبت حامضا ، وهي متجاورة تسقى بماء واحد .
20081 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
إسرائيل ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : (
وفي الأرض قطع متجاورات ) قال : يكون هذا حلوا وهذا حامضا ، وهو يسقى بماء واحد ، وهن متجاورات .
20082 - حدثني
عبد الجبار بن يحيى الرملي قال : حدثنا
ضمرة بن ربيعة ، عن
ابن شوذب في قوله : (
وفي الأرض قطع متجاورات ) قال : عذية ومالحة .
وقوله : (
وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل ) يقول تعالى ذكره : وفي الأرض مع القطع المختلفات المعاني منها ، بالملوحة والعذوبة ، والخبث والطيب ، مع تجاورها وتقارب بعضها من بعض ، بساتين من أعناب وزرع ونخيل أيضا ، متقاربة في الخلقة مختلفة في الطعوم والألوان ، مع اجتماع جميعها على شرب واحد . فمن طيب طعمه منها حسن منظره طيبة رائحته ، ومن حامض طعمه ولا رائحة له .
[ ص: 334 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
20083 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، في قوله : (
وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان ) قال : مجتمع وغير مجتمع
تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل قال : الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ والكمثرى والعنب الأبيض والأسود ، وبعضها أكثر حملا من بعض ، وبعضه حلو ، وبعضه حامض ، وبعضه أفضل من بعض .
20084 - حدثنا
الحسن بن محمد قال : حدثنا
شبابة ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : ( وجنات ) قال : وما معها .
20085 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد
20086 - قال
المثنى : وحدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
واختلفت القرأة في قراءة قوله : (
وزرع ونخيل ) فقرأ ذلك عامة قراء
أهل المدينة والكوفة : ( " وزرع ونخيل" ) بالخفض عطفا بذلك على "الأعناب" ، بمعنى : وفي الأرض قطع متجاورات ، وجنات من أعناب ومن زرع ونخيل .
وقرأ ذلك بعض قرأة أهل البصرة : (
وزرع ونخيل ) بالرفع عطفا بذلك على "الجنات" ، بمعنى : وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب ، وفيها أيضا زرع ونخيل .
[ ص: 335 ]
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان متقاربتا المعنى ، وقرأ بكل واحدة منهما قرأة مشهورون ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
وذلك أن "الزرع والنخيل" إذا كانا في البساتين فهما في الأرض ، وإذا كانا في الأرض فالأرض التي هما فيها جنة ، فسواء وصفا بأنهما في بستان أو في أرض .
وأما قوله : (
ونخيل صنوان وغير صنوان ) .
فإن "الصنوان" جمع "صنو" وهي النخلات يجمعهن أصل واحد ، لا يفرق فيه بين جميعه واثنيه إلا بالإعراب في النون ، وذلك أن تكون نونه في اثنيه مكسورة بكل حال ، وفي جميعه متصرفة في وجوه الإعراب ، ونظيره "القنوان" واحدها "قنو" .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
20087 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
البراء : ( صنوان ) قال : المجتمع (
وغير صنوان ) : المتفرق .
20088 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح قال : حدثنا
الحسين ، عن
أبي إسحاق ، عن
البراء قال : ( صنوان ) : هي النخلة التي إلى جنبها نخلات إلى أصلها ، (
وغير صنوان ) : النخلة وحدها .
20089 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب : (
صنوان وغير صنوان ) قال : "الصنوان" النخلتان أصلهما واحد ، (
وغير صنوان ) النخلة والنخلتان المتفرقتان .
20090 - حدثنا محمد بن
المثنى قال : حدثنا
محمد بن جعفر قال : حدثنا
[ ص: 336 ] شعبة ، عن
أبي إسحاق قال : سمعت
البراء يقول في هذه الآية قال : النخلة تكون لها النخلات (
وغير صنوان ) النخل المتفرق .
20091 - حدثنا
الحسن بن محمد قال : حدثنا
عمرو بن الهيثم أبو قطن ، ويحيى بن عباد وعفان ، واللفظ لفظ
أبي قطن قال ، حدثنا
شعبة ، عن
أبي إسحاق ، عن
البراء ، في قوله : (
صنوان وغير صنوان ) قال : "الصنوان " : النخلة إلى جنبها النخلات (
وغير صنوان ) : المتفرق .
20092 - حدثنا
الحسن قال : حدثنا
شبابة قال : حدثنا
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
البراء في قوله : (
صنوان وغير صنوان ) قال : "الصنوان" النخلات الثلاث والأربع والثنتان أصلهن واحد (
وغير صنوان ) ، المتفرق .
20093 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
سفيان وشريك ، عن
أبي إسحاق ، عن
البراء في قوله : (
صنوان وغير صنوان ) قال : النخلتان يكون أصلهما واحدا (
وغير صنوان ) : المتفرق .
20094 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : (
صنوان ) يقول : مجتمع .
20095 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
ونخيل صنوان وغير صنوان ) يعني بالصنوان : النخلة يخرج من أصلها النخلات ، فيحمل بعضه ولا يحمل بعضه ، فيكون أصله واحدا ورءوسه متفرقة .
20096 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
إسرائيل ،
[ ص: 337 ] عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
صنوان وغير صنوان ) النخيل في أصل واحد وغير صنوان : النخيل المتفرق .
20097 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير ، عن
عطاء ، عن
سعيد بن جبير : (
ونخيل صنوان وغير صنوان ) قال : مجتمع ، وغير مجتمع .
20098 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
النفيلي قال : حدثنا
زهير قال : حدثنا
أبو إسحاق ، عن
البراء قال : "الصنوان" ما كان أصله واحدا وهو متفرق (
وغير صنوان ) : الذي نبت وحده .
20099 - حدثنا
الحسن بن محمد قال : حدثنا
شبابة قال : حدثنا
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قوله : ( صنوان ) النخلتان وأكثر في أصل واحد (
وغير صنوان ) وحدها .
20100 - حدثنا
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : ( صنوان ) : النخلتان أو أكثر في أصل واحد ، (
وغير صنوان ) واحدة .
20101 - . . . . . . قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
20102 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سلمة بن نبيط ، عن
الضحاك : (
صنوان وغير صنوان ) قال : الصنوان : المجتمع ، أصله واحد ، وغير صنوان : المتفرق أصله .
20103 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال : أخبرنا
هشيم [ ص: 338 ] ، عن
جويبر ، عن
الضحاك ، في قوله : (
صنوان وغير صنوان ) قال : "الصنوان" المجتمع الذي أصله واحد (
وغير صنوان ) : المتفرق .
20104 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
ونخيل صنوان وغير صنوان ) أما "الصنوان" فالنخلتان والثلاث أصولهن واحدة وفروعهن شتى ، (
وغير صنوان ) ، النخلة الواحدة .
20105 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة : (
صنوان وغير صنوان ) قال : صنوان : النخلة التي يكون في أصلها نخلتان وثلاث أصلهن واحد .
20106 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
ونخيل صنوان وغير صنوان ) قال : "الصنوان" النخلتان أو الثلاث يكن في أصل واحد ، فذلك يعده الناس صنوانا .
20107 - حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : حدثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر قال : حدثني رجل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812328أنه كان بين عمر بن الخطاب وبين العباس قول ، فأسرع إليه العباس ، فجاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، ألم تر عباسا فعل بي وفعل! فأردت أن أجيبه ، فذكرت مكانه منك فكففت : فقال : يرحمك الله ، إن عم الرجل صنو أبيه .
[ ص: 339 ]
20108 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة : ( ( صنوان ) ) : النخلة التي يكون في أصلها نخلتان وثلاث أصلهن واحد؛ قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812329فكان بين عمر بن الخطاب وبين العباس رضي الله عنهما قول ، فأسرع إليه العباس ، فجاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله ألم تر عباسا فعل بي وفعل! فأردت أن أجيبه . فذكرت مكانه منك فكففت عند ذلك ، فقال : يرحمك الله إن عم الرجل صنو أبيه .
20109 - . . . . قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
ابن عيينة ، عن
داود بن شابور ، عن
مجاهد : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811612لا تؤذوني في العباس فإنه بقية آبائي ، وإن عم الرجل صنو أبيه .
20110 - حدثني
يعقوب قال : حدثنا
هشيم قال : أخبرنا
حجاج ، عن عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=12531وابن أبي مليكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=810691قال لعمر : يا عمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه؟ .
20111 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
القاسم بن أبي بزة ، عن
مجاهد : ( صنوان ) قال : في أصل واحد ثلاث نخلات ، كمثل ثلاثة بني أم وأب يتفاضلون في العمل ، كما
[ ص: 340 ] يتفاضل ثمر هذه النخلات الثلاث في أصل واحد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قال
مجاهد : كمثل صالح بني آدم وخبيثهم ، أبوهم واحد .
20112 - حدثنا
الحسن بن محمد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله ، عن
مجاهد ، نحوه .
20113 - حدثني
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
أبي بكر بن عبد الله ، عن
الحسن قال : هذا مثل ضربه الله لقلوب بني آدم .
كانت الأرض في يد الرحمن طينة واحدة ، فسطحها وبطحها ، فصارت الأرض قطعا متجاورة ، فينزل عليها الماء من السماء ، فتخرج هذه زهرتها وثمرها وشجرها . وتخرج نباتها وتحيي مواتها ، وتخرج هذه سبخها وملحها وخبثها ، وكلتاهما تسقى بماء واحد .
فلو كان الماء مالحا ، قيل : إنما استسبخت هذه من قبل الماء! كذلك الناس خلقوا من آدم ، فتنزل عليهم من السماء تذكرة ، فترق قلوب فتخشع وتخضع ، وتقسو قلوب فتلهو وتسهو وتجفو .
قال الحسن : والله ما جالس القرآن أحد إلا قام من عنده بزيادة أو نقصان قال الله : (
وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ) [ سورة الإسراء : 82 ] .
وقوله : ( "تسقى بماء واحد " ) اختلفت القرأة في قوله ( تسقى ) .
فقرأ ذلك عامة قراء
أهل المدينة والعراق من
أهل الكوفة والبصرة : ( تسقى ) بالتاء ، بمعنى : تسقى الجنات والزرع والنخيل . وقد كان بعضهم يقول : إنما قيل : ( تسقى ) ،
[ ص: 341 ] بالتاء لتأنيث "الأعناب" .
وقرأ ذلك بعض
المكيين والكوفيين : ( يسقى ) بالياء .
وقد اختلف أهل العربية في وجه تذكيره إذا قرئ كذلك ، وإنما ذلك خبر عن الجنات والأعناب والنخيل والزرع أنها تسقى بماء واحد .
فقال بعض نحويي
البصرة : إذا قرئ ذلك بالتاء ، فذلك على "الأعناب" كما ذكر الأنعام في قوله : (
مما في بطونه ) [ سورة النحل : 66 ] وأنث بعد فقال : (
وعليها وعلى الفلك تحملون ) ، [ سورة المؤمنون : 22 - سورة غافر : 80 ] .
فمن قال : ( يسقى ) بالياء جعل "الأعناب" مما تذكر وتؤنث ، مثل "الأنعام" .
وقال بعض نحويي
الكوفة : من قال : ( تسقى ) ذهب إلى تأنيث "الزرع والجنات والنخيل" ومن ذكر ذهب إلى أن ذلك كله يسقى بماء واحد ، وأكله مختلف حامض وحلو ، ففي هذا آية .
قال
أبو جعفر : وأعجب القراءتين إلي أن أقرأ بها ، قراءة من قرأ ذلك بالتاء : ( "تسقى بماء واحد" ) على أن معناه : تسقى الجنات والنخل والزرع بماء واحد ، لمجيء ( تسقى ) بعد ما قد جرى ذكرها ، وهي جماع من غير بني آدم ، وليس الوجه الآخر بممتنع على معنى يسقى ذلك بماء واحد ، أي جميع ذلك يسقى بماء واحد عذب دون المالح .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 342 ]
20114 - حدثنا
الحسن بن محمد قال : حدثنا
شبابة قال : حدثنا
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قوله : ( " تسقى بماء واحد " ) ماء السماء ، كمثل صالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحد .
20115 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
ليث ، عن
مجاهد : ( "تسقى بماء واحد " ) قال : ماء السماء .
20116 - حدثنا
أحمد بن إسحاق قال : حدثنا
أبو أحمد قال : حدثنا
سفيان ، عن
ليث ، عن
مجاهد ، مثله .
20117 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عمرو قال : أخبرنا
هشيم ، عن
أبي إسحاق الكوفي ، عن
الضحاك : (
تسقى بماء واحد ) قال : ماء المطر .
20118 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
سويد قال : أخبرنا
ابن المبارك ، قرأه
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد : (
تسقى بماء واحد ) قال : ماء السماء ، كمثل صالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحد .
20119 . . . . . . قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل وحدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، بنحوه .
20120 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، نحوه .
20121 - حدثنا
عبد الجبار بن يحيى الرملي قال : حدثنا
ضمرة بن ربيعة ، عن
ابن شوذب : (
تسقى بماء واحد ) قال : بماء السماء .
[ ص: 343 ] وقوله : (
ونفضل بعضها على بعض في الأكل ) اختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأه عامة قرأة
المكيين والمدنيين والبصريين وبعض
الكوفيين : ( ونفضل ) ، بالنون بمعنى : ونفضل نحن بعضها على بعض في الأكل .
وقرأته عامة قرأة الكوفيين : ( ويفضل ) بالياء ، ردا على قوله : ( يغشي الليل النهار ) ويفضل بعضها على بعض .
قال
أبو جعفر : وهما قراءتان مستفيضتان بمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب . غير أن "الياء" أعجبهما إلي في القراءة؛ لأنه في سياق كلام ابتداؤه : (
الله الذي رفع السماوات ) ، فقراءته بالياء ، إذ كان كذلك أولى .
ومعنى الكلام : إن الجنات من الأعناب والزرع والنخيل الصنوان وغير الصنوان ، تسقى بماء واحد عذب لا ملح ، ويخالف الله بين طعوم ذلك ، فيفضل بعضها على بعض في الطعم ، فهذا حلو وهذا حامض .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
20122 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
عطاء ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : (
ونفضل بعضها على بعض في الأكل ) قال : الفارسي والدقل ، والحلو والحامض .
[ ص: 344 ]
20123 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير : (
ونفضل بعضها على بعض في الأكل ) قال : الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ والكمثرى والعنب الأبيض والأسود ، وبعضها أكثر حملا من بعض ، وبعضه حلو وبعضه حامض ، وبعضه أفضل من بعض .
20124 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16272عارم أبو النعمان قال : حدثنا
حماد بن زيد ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير : (
ونفضل بعضها على بعض في الأكل ) قال : برني وكذا وكذا ، وهذا بعضه أفضل من بعض .
20125 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
مؤمل قال : حدثنا
سفيان ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، في قوله : (
ونفضل بعضها على بعض في الأكل ) قال : هذا حامض ، وهذا حلو ، وهذا مز .
20126 - حدثني
محمود بن خداش قال : حدثنا
سيف بن محمد بن أخت سفيان الثوري قال : حدثنا
الأعمش عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810692قال النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( ونفضل بعضها على بعض في الأكل ) قال : الدقل والفارسي والحلو والحامض .
[ ص: 345 ]
20127 - حدثنا
أحمد بن الحسن الترمذي قال : حدثنا
سليمان بن عبد الله الرقي قال : حدثنا
عبيد الله بن عمر الرقي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة ، عن
الأعمش ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=810692عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في قوله : ( ونفضل بعضها على بعض في الأكل ) قال : الدقل والفارسي والحلو والحامض .
وقوله : (
إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) يقول تعالى ذكره : إن في مخالفة الله عز وجل بين هذه القطع [ من ] الأرض المتجاورات وثمار جناتها وزروعها على ما وصفنا وبينا ، لدليلا واضحا وعبرة لقوم يعقلون اختلاف ذلك ، أن الذي خالف بينه على هذا النحو الذي خالف بينه ، هو المخالف بين خلقه فيما قسم لهم من هداية وضلال وتوفيق وخذلان ، فوفق هذا وخذل هذا ، وهدى ذا وأضل ذا ،
[ ص: 346 ] ولو شاء لسوى بين جميعهم ، كما لو شاء سوى بين جميع أكل ثمار الجنة التي تشرب شربا واحدا ، وتسقى سقيا [ واحدا ] ، وهي متفاضلة في الأكل .