[ ص: 419 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ( 20 )
والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ( 21 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : إنما يتعظ ويعتبر بآيات الله أولو الألباب ، الذين يوفون بوصية الله التي أوصاهم بها (
ولا ينقضون الميثاق ) ، ولا يخالفون العهد الذي عاهدوا الله عليه إلى خلافه ، فيعملوا بغير ما أمرهم به ، ويخالفوا إلى ما نهى عنه .
وقد بينا معنى "العهد والميثاق" فيما مضى بشواهده ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
20330 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
هشام ، عن
عمرو ، عن
سعيد ، عن
قتادة قال : (
إنما يتذكر أولو الألباب ) ، فبين من هم ، فقال : (
الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ) ، فعليكم بوفاء العهد ، ولا تنقضوا هذا الميثاق ، فإن الله تعالى قد نهى وقدم فيه أشد التقدمة ، فذكره في بضع وعشرين موضعا ، نصيحة لكم وتقدمة إليكم ، وحجة عليكم ، وإنما يعظم الأمر بما عظمه الله به عند أهل الفهم والعقل ، فعظموا ما عظم الله . قال
قتادة :
[ ص: 420 ] وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810695 "لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له" .
وقوله : (
والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ) ، يقول تعالى ذكره : والذين يصلون الرحم التي أمرهم الله بوصلها فلا يقطعونها ( ويخشون ربهم ) ، يقول : ويخافون الله في قطعها أن يقطعوها ، فيعاقبهم على قطعها وعلى خلافهم أمره فيها .
وقوله : (
ويخافون سوء الحساب ) ، يقول : ويحذرون مناقشة الله إياهم في الحساب ، ثم لا يصفح لهم عن ذنب ، فهم لرهبتهم ذلك جادون في طاعته ، محافظون على حدوده . كما : -
20331 - حدثنا
الحسن بن محمد قال : حدثنا
عفان قال : حدثنا
جعفر بن سليمان ، عن
عمرو بن مالك ، عن
أبي الجوزاء في قوله : (
الذين يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ) قال : المقايسة بالأعمال .
20332 - . . . قال : حدثنا
عفان قال : حدثنا
حماد ، عن
فرقد ، عن
إبراهيم قال : ( سوء الحساب ) أن يحاسب من لا يغفر له .
20333 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في
[ ص: 421 ] قوله : (
ويخافون سوء الحساب ) ، قال : فقال : وما ( سوء الحساب ) ؟ قال : الذي لا جواز فيه .
20334 - حدثني
ابن سمان القزاز قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
الحجاج ، عن
فرقد قال : قال لي
إبراهيم : تدري ما ( سوء الحساب ) ؟ قلت : لا أدري قال : يحاسب العبد بذنبه كله لا يغفر له منه شيء .