القول في تأويل قوله تعالى : (
والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار ( 22 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : والذين صبروا على الوفاء بعهد الله ، وترك نقض الميثاق وصلة الرحم (
ابتغاء وجه ربهم ) ، ويعني بقوله : (
ابتغاء وجه ربهم ) ، طلب تعظيم الله ، وتنزيها له أن يخالف في أمره أو يأتي أمرا كره إتيانه فيعصيه به (
وأقاموا الصلاة ) ، يقول : وأدوا الصلاة المفروضة بحدودها في أوقاتها (
وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ) يقول : وأدوا من أموالهم زكاتها المفروضة وأنفقوا منها في السبل التي أمرهم الله بالنفقة فيها ( سرا ) في خفاء "وعلانية" في الظاهر . كما : -
20335 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : (
وأقاموا الصلاة ) يعني الصلوات الخمس (
وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ) . يقول الزكاة .
[ ص: 422 ]
20336 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد "الصبر" الإقامة . قال : وقال "الصبر" في هاتين ، فصبر لله على ما أحب وإن ثقل على الأنفس والأبدان ، وصبر عما يكره وإن نازعت إليه الأهواء . فمن كان هكذا فهو من الصابرين . وقرأ : (
سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) . [ سورة الرعد : 24 ]
وقوله : (
ويدرءون بالحسنة السيئة ) ، يقول : ويدفعون إساءة من أساء إليهم من الناس ، بالإحسان إليهم . كما : -
20337 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
ويدرءون بالحسنة السيئة ) ، قال : يدفعون الشر بالخير ، لا يكافئون الشر بالشر ، ولكن يدفعونه بالخير .
وقوله : (
أولئك لهم عقبى الدار ) يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين وصفنا صفتهم ، هم الذين (
لهم عقبى الدار ) ، يقول : هم الذين أعقبهم الله دار الجنان ، من دارهم التي لو لم يكونوا مؤمنين كانت لهم في النار ، فأعقبهم الله من تلك هذه .
وقد قيل : معنى ذلك : أولئك الذين لهم عقيب طاعتهم ربهم في الدنيا ، دار الجنان .