القول في
تأويل قوله تعالى : ( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب ( 38 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ( ولقد أرسلنا ) ، يا
محمد (
رسلا من قبلك ) إلى أمم قد خلت من قبل أمتك ، فجعلناهم بشرا مثلك ، لهم أزواج ينكحون ،
[ ص: 476 ] وذرية أنسلوهم ، ولم نجعلهم ملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون ، فنجعل الرسول إلى قومك من الملائكة مثلهم ، ولكن أرسلنا إليهم بشرا مثلهم ، كما أرسلنا إلى من قبلهم من سائر الأمم بشرا مثلهم
( وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ) يقول تعالى ذكره : وما يقدر رسول أرسله الله إلى خلقه أن يأتي أمته بآية وعلامة ، من تسيير الجبال ، ونقل بلدة من مكان إلى مكان آخر ، وإحياء الموتى ونحوها من الآيات (
إلا بإذن الله ) ، يقول : إلا بأمر الله الجبال بالسير ، والأرض بالانتقال ، والميت بأن يحيا
( لكل أجل كتاب ) ، يقول : لكل أجل أمر قضاه الله ، كتاب قد كتبه فهو عنده .
وقد قيل : معناه : لكل كتاب أنزله الله من السماء أجل .
ذكر من قال ذلك :
20460 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق بن يوسف ، عن
جويبر ، عن
الضحاك في قوله : (
لكل أجل كتاب ) ، يقول : لكل كتاب ينزل من السماء أجل ، فيمحو الله من ذلك ما يشاء ويثبت ، وعنده أم الكتاب .
قال
أبو جعفر : وهذا على هذا القول نظير قول الله : (
وجاءت سكرة الموت بالحق ) [ سورة ق : 19 ] وكان
أبو بكر رحمه الله يقرؤه ( وجاءت
[ ص: 477 ] سكرة الحق بالموت ) ، وذلك أن سكرة الموت تأتي بالحق والحق يأتي بها ، فكذلك الأجل له كتاب وللكتاب أجل .