القول في تأويل قوله تعالى : (
وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ( 4 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وما أرسلنا إلى أمة من الأمم ، يا
محمد ، من قبلك ومن قبل قومك ، رسولا إلا بلسان الأمة التي أرسلناه إليها ولغتهم ( ليبين لهم ) يقول : ليفهمهم ما أرسله الله به إليهم من أمره ونهيه ، ليثبت حجة الله عليهم ، ثم
التوفيق والخذلان بيد الله ، فيخذل عن قبول ما أتاه به رسوله من عنده من شاء منهم ، ويوفق لقبوله من شاء ولذلك رفع "فيضل" لأنه أريد به الابتداء لا العطف على ما قبله ، كما قيل : (
لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء ) [ سورة الحج : 5 ] ( وهو العزيز ) الذي لا يمتنع مما أراده من ضلال أو
[ ص: 517 ] هداية من أراد ذلك به ( الحكيم ) ، في توفيقه للإيمان من وفقه له ، وهدايته له من هداه إليه ، وفي إضلاله من أضل عنه ، وفي غير ذلك من تدبيره .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
20560 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ) ، أي بلغة قومه ما كانت . قال الله عز وجل : ( ليبين لهم ) الذي أرسل إليهم ، ليتخذ بذلك الحجة . قال الله عز وجل : (
فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ) .