[ ص: 12 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ( 31 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم ( قل ) يا
محمد (
لعبادي الذين آمنوا ) بك ، وصدقوا أن ما جئتهم به من عندي ( يقيموا الصلاة ) يقول : قل لهم : فليقيموا الصلوات الخمس المفروضة عليهم بحدودها ، ولينفقوا مما رزقناهم ، فخولناهم من فضلنا سرا وعلانية ، فليؤدوا ما أوجبت عليهم من الحقوق فيها سرا وإعلانا (
من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ) يقول : لا يقبل فيه فدية وعوض من نفس وجب عليها عقاب الله بما كان منها من معصية ربها في الدنيا ، فيقبل منها الفدية ، وتترك فلا تعاقب . فسمى الله جل ثناؤه الفدية عوضا ، إذ كان أخذ عوض من معتاض منه . وقوله : (
ولا خلال ) يقول : وليس ، هناك مخالة خليل ، فيصفح عمن استوجب العقوبة عن العقاب لمخالته ، بل هنالك العدل والقسط ، فالخلال مصدر من قول القائل : خاللت فلانا فأنا أخاله مخالة وخلالا ومنه قول
امرئ القيس :
صرفت الهوى عنهن من خشية الردى ولست بمقلي الخلال ولا قالي
وجزم قوله ( يقيموا الصلاة ) بتأويل الجزاء ، ومعناه : الأمر يراد قل لهم ليقيموا الصلاة .
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس (
قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة ) يعني الصلوات الخمس (
وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ) يقول : زكاة أموالهم .
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
إسحاق ، قال : ثنا
هشام ، عن
عمرو ، عن
سعيد ، عن
قتادة ، في قوله (
من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ) قال
قتادة : إن الله تبارك وتعالى قد علم أن في الدنيا بيوعا وخلالا يتخالون بها في
[ ص: 13 ] الدنيا ، فينظر رجل من يخالل وعلام يصاحب ، فإن كان لله فليداوم ، وإن كان لغير الله فإنها ستنقطع .