القول في
تأويل قوله تعالى : ( إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ( 42 ) )
(
مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ( 43 ) )
يقول تعالى ذكره : إنما يؤخر ربك يا
محمد هؤلاء الظالمين الذين يكذبونك ويجحدون نبوتك ، ليوم تشخص فيه الأبصار . يقول : إنما يؤخر عقابهم وإنزال العذاب بهم ، إلى يوم تشخص فيه أبصار الخلق ، وذلك يوم القيامة .
كما حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
ليوم تشخص فيه الأبصار ) شخصت فيه والله أبصارهم ، فلا ترتد إليهم .
وأما قوله (
مهطعين ) فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه ، فقال بعضهم : معناه : مسرعين .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11920هاشم بن القاسم ، عن
أبي سعيد المؤدب ، عن
سالم ، عن
سعيد بن جبير ( مهطعين ) قال : النسلان ، وهو الخبب ، أو ما دون الخبب ، شك
أبو سعيد ، يخبون وهم ينظرون .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
مهطعين ) قال : مسرعين .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
مهطعين ) يقول : منطلقين عامدين إلى الداعي .
وقال آخرون : معنى ذلك : مديمي النظر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
مهطعين ) يعني بالإهطاع : النظر من غير أن يطرف .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
سعيد بن مسروق ، عن
أبي الضحى (
مهطعين ) فقيل : الإهطاع : التحميج الدائم الذي لا يطرف .
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون ، قال : أخبرنا
هشيم ، عن
مغيرة ، عن
أبي الخير بن تميم بن حدلم ، عن أبيه ، في قوله (
مهطعين ) قال :
[ ص: 30 ] الإهطاع : التحميج .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا
المحاربي ، عن
جويبر ، عن
الضحاك (
مهطعين ) قال : شدة النظر الذي لا يطرف .
حدثني
المثنى ، قال : أخبرنا
عمرو ، قال : أخبرنا
هشيم ، عن
جويبر ، عن
الضحاك ، في قوله (
مهطعين ) قال : شدة النظر في غير طرف .
حدثت عن
الحسين بن الفرج ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
مهطعين ) الإهطاع : شدة النظر في غير طرف .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثنا
الحسن بن محمد ، قال : ثنا
شبابة ، قال : ثنا ورقاء ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، وحدثني
المثنى ، قال : ثنا
أبو حذيفة ، قال : ثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
مهطعين ) قال : مديمي النظر .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
وقال آخرون : معنى ذلك : لا يرفع رأسه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
مهطعين ) قال : المهطع الذي لا يرفع رأسه . والإهطاع في كلام العرب بمعنى الإسراع أشهر منه : بمعنى إدامة النظر ، ومن الإهطاع بمعنى الإسراع ، قول الشاعر :
وبمهطع سرح كأن زمامه في رأس جذع من أول مشدب
[ ص: 31 ] وقول الآخر :
بمستهطع رسل كأن جديله بقيدوم رعن من صوام ممنع
وقوله : (
مقنعي رءوسهم ) يعني رافعي رءوسهم . وإقناع الرأس : رفعه ، ومنه قول الشماخ :
يباكرن العضاة بمقنعات نواجذهن كالحدإ الوقيع
يعني : أنهن يباكرن العضاة برؤسهن مرفوعات إليها لتتناول منها ، ومنه أيضا قول الراجز :
أنغض نحوي رأسه وأقنعا كأنما أبصر شيئا أطمعا
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
مقنعي رءوسهم ) قال :
[ ص: 32 ] الإقناع : رفع رءوسهم .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحسين بن محمد ، قال : ثنا
ورقاء ، وقال
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، وحدثني
المثنى ، قال : ثنا
أبو حذيفة ، قال : ثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قوله (
مقنعي رءوسهم ) قال : رافعيها .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد مثله .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
أبو بكر ، عن
أبي سعد ، قال : قال
الحسن : وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد .
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
سويد ، قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
عثمان بن الأسود ، أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا يقول في قوله (
مهطعين مقنعي رءوسهم ) قال : رافعا رأسه هكذا ، (
لا يرتد إليهم طرفهم ) .
حدثني المثنى ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون ، قال : أخبرنا
هشيم ، عن
جويبر عن
الضحاك ، في قوله (
مقنعي رءوسهم ) قال : رافعي رءوسهم .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
مقنعي رءوسهم ) قال : الإقناع رفع رءوسهم .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
مقنعي رءوسهم ) قال : المقنع الذي يرفع رأسه شاخصا بصره لا يطرف .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول ، في قوله (
مقنعي رءوسهم ) قال : رافعيها .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
مقنعي رءوسهم ) قال : المقنع الذي يرفع رأسه .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا
المحاربي ، عن
جويبر ، عن
الضحاك (
مقنعي رءوسهم ) قال : رافعي رءوسهم .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11920هاشم بن القاسم ، عن
أبي سعيد ، عن
سالم ، عن
سعيد (
مقنعي رءوسهم ) قال : رافعي رءوسهم .
وقوله : (
لا يرتد إليهم طرفهم ) يقول : لا ترجع إليهم لشدة النظر أبصارهم .
[ ص: 33 ] كما حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله (
لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ) قال : شاخصة أبصارهم .
وقوله : (
وأفئدتهم هواء ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معناه : متخرقة لا تعي من الخير شيئا .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
مرة ، في قوله (
وأفئدتهم هواء ) قال : متخرقة لا تعي شيئا .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول ، عن
أبي إسحاق ، عن
مرة بمثل ذلك .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
مرة ، مثله .
حدثنا
محمد بن عمارة ، قال : ثنا
سهل بن عامر ، قال : ثنا
مالك وإسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
مرة ، مثله .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
مرة (
وأفئدتهم هواء ) قال : متخرقة لا تعي شيئا من الخير .
حدثنا
الحسن بن محمد ، قال : ثنا
يحيى بن عباد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك ، يعني ابن مغول ، قال : سمعت
أبا إسحاق ، عن
مرة إلا أنه قال : لا تعي شيئا . ولم يقل من الخير .
حدثنا
الحسن بن محمد ، قال : ثنا
شبابة ، قال : أخبرنا
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
مرة ، مثله .
حدثنا
أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا
أبو أحمد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول ،
وإسرائيل عن
أبي إسحاق ، عن
مرة (
وأفئدتهم هواء ) قال أحدهما : خربة ، وقال الآخر : متخرقة لا تعي شيئا .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
وأفئدتهم هواء ) قال : ليس فيها شيء من الخير فهي كالخربة .
[ ص: 34 ] حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، قال : ليس من الخير شيء في أفئدتهم ، كقولك للبيت الذي ليس فيه شيء إنما هو هواء .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال
ابن زيد في قوله (
وأفئدتهم هواء ) قال : الأفئدة : القلوب هواء كما قال الله ، ليس فيها عقل ولا منفعة .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
أبي بكرة ، عن
أبي صالح (
وأفئدتهم هواء ) قال : ليس فيها شيء من الخير .
وقال آخرون : إنها لا تستقر في مكان تردد في أجوافهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن وكيع nindex.php?page=showalam&ids=14629وأحمد بن إسحاق ، قالا حدثنا
أبو أحمد ، قال : ثنا
شريك ، عن
سالم ، عن
سعيد (
وأفئدتهم هواء ) قال : تمور في أجوافهم ، ليس لها مكان تستقر فيه .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11920هاشم بن القاسم ، عن
أبي سعيد ، عن
سالم ، عن
سعيد بنحوه .
وقال آخرون : معنى ذلك : أنها خرجت من أماكنها فنشبت بالحلوق .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن وكيع nindex.php?page=showalam&ids=14629وأحمد بن إسحاق ، قالا حدثنا
أبو أحمد الزبيري ، عن
إسرائيل ، عن
سعيد ، عن
مسروق عن
أبي الضحى (
وأفئدتهم هواء ) قال : قد بلغت حناجرهم .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، في قوله (
وأفئدتهم هواء ) قال : هواء ليس فيها شيء ، خرجت من صدورهم فنشبت في حلوقهم .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
وأفئدتهم هواء ) انتزعت حتى صارت في حناجرهم لا تخرج من أفواههم ، ولا تعود إلى أمكنتها .
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في تأويل ذلك قول من قال : معناه : أنها خالية ليس فيها شيء من الخير ، ولا تعقل شيئا ، وذلك أن العرب تسمي
[ ص: 35 ] كل أجوف خاو : هواء ، ومنه قول
حسان بن ثابت :
ألا أبلغ أبا سفيان عني فأنت مجوف نخب هواء
ومنه قول الآخر :
ولا تك من أخدان كل براعة هواء كسقب البان جوف مكاسره