[ ص: 111 ] القول في تأويل
قوله تعالى : ( لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين ( 48 )
نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ( 49 )
وأن عذابي هو العذاب الأليم ( 50 ) )
يقول تعالى ذكره : لا يمس هؤلاء المتقين الذين وصف صفتهم في الجنات نصب ، يعني تعب (
وما هم منها بمخرجين ) يقول : وما هم من الجنة ونعيمها وما أعطاهم الله فيها بمخرجين ، بل ذلك دائم أبدا . وقوله : (
نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ) يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : أخبر عبادي يا
محمد ، أني أنا الذي أستر على ذنوبهم إذا تابوا منها وأنابوا ، بترك فضيحتهم بها وعقوبتهم عليها ، الرحيم بهم أن أعذبهم بعد توبتهم منها عليها (
وأن عذابي هو العذاب الأليم ) يقول : وأخبرهم أيضا أن عذابي لمن أصر على معاصي وأقام عليها ولم يتب منها ، هو العذاب الموجع الذي لا يشبهه عذاب . هذا من الله تحذير لخلقه التقدم على معاصيه ، وأمر منه لهم بالإنابة والتوبة .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ) قال : بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : "
لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع من حرام ، ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه " .
حدثني
المثنى ، قال : أخبرنا
إسحاق ، قال : أخبرنا
ابن المكي ، قال : أخبرنا
ابن المبارك ، قال : أخبرنا
مصعب بن ثابت ، قال : ثنا
عاصم بن عبد الله ، عن
ابن أبي رباح ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة ، فقال : ألا أراكم تضحكون؟ ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى ، فقال : إني لما خرجت جاء جبرئيل صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد إن الله يقول : لم تقنط عبادي؟ نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم " .