القول في تأويل قوله تعالى : (
وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين ( 78 )
فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين ( 79 ) )
يقول تعالى ذكره : وقد كان أصحاب الغيضة ظالمين ، يقول : كانوا بالله كافرين ، والأيكة : الشجر الملتف المجتمع ، كما قال
أمية :
[ ص: 124 ] كبكا الحمام على فرو ع الأيك في الغصن الجوانح وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، قال : ثنا
عتاب بن بشير ، عن
خصيف ، قال ، قوله (
أصحاب الأيكة ) قال : الشجر ، وكانوا يأكلون في الصيف الفاكهة الرطبة ، وفي الشتاء اليابسة .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين ) ذكر لنا أنهم كانوا أهل غيضة . وكان عامة شجرهم هذا الدوم . وكان رسولهم فيما بلغنا
شعيب صلى الله عليه وسلم ، أرسل إليهم وإلى
أهل مدين ، أرسل إلى أمتين من الناس ، وعذبتا بعذابين شتى . أما
أهل مدين ، فأخذتهم الصيحة ، وأما أصحاب الأيكة ، فكانوا أهل شجر متكاوس ، ذكر لنا أنه سلط عليهم الحر سبعة أيام ، لا يظللهم منه ظل ، ولا يمنعهم منه شيء ، فبعث الله عليهم سحابة ، فحلوا تحتها يلتمسون الروح فيها ، فجعلها الله عليهم عذابا ، بعث عليهم نارا فاضطرمت عليهم فأكلتهم ، فذلك عذاب يوم الظلة ، إنه كان عذاب يوم عظيم .
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
إسحاق ، قال : ثنا
عبد الرحمن بن أبي حماد ، قال : ثنا
عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، عن
سعيد بن جبير ، قال : أصحاب الأيكة : أصحاب غيضة .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قوله (
وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين ) قال :
قوم شعيب ، قال
ابن عباس : الأيكة ذات آجام وشجر كانوا فيها .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
[ ص: 125 ] الضحاك يقول : في قوله (
أصحاب الأيكة ) قال : هم
قوم شعيب ، والأيكة : الغيضة .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : أخبرنا
عمرو بن الحارث ، عن
سعيد بن أبي هلال ، عن
عمرو بن عبد الله ، عن
قتادة ، أنه قال : إن
أصحاب الأيكة ، والأيكة : الشجر الملتف .
وقوله : (
فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين ) يقول تعالى ذكره : فانتقمنا من ظلمة أصحاب الأيكة . وقوله : (
وإنهما لبإمام مبين ) يقول : وإن مدينة
أصحاب الأيكة ، ومدينة
قوم لوط ، والهاء والميم في قوله ( وإنهما ) من ذكر المدينتين . ( لبإمام ) يقول : لبطريق يأتمون به في سفرهم ، ويهتدون به ( مبين ) يقول : يبين لمن ائتم به استقامته ، وإنما جعل الطريق إماما لأنه يؤم ويتبع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
عبد الله بن صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس ، قوله (
وإنهما لبإمام مبين ) يقول : على الطريق .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين ) يقول : طريق ظاهر .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، وحدثنا
الحسن بن محمد ، قال : ثنا
شبابة ، قال : ثنا
ورقاء ، وحدثني
المثنى . قال : ثنا
إسحاق ، قال : ثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، وحدثني
المثنى قال : ثنا
أبو حذيفة ، قال : ثنا
شبل جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قوله (
وإنهما لبإمام مبين ) قال : بطريق معلم .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
وإنهما لبإمام مبين ) قال : طريق واضح .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
لبإمام مبين ) بطريق مستبين .