القول في تأويل قوله تعالى : (
وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون ( 52 ) )
[ ص: 221 ] يقول تعالى ذكره : ولله ملك ما في السماوات والأرض من شيء ، لا شريك له في شيء من ذلك ، هو الذي خلقهم ، وهو الذي يرزقهم ، وبيده حياتهم وموتهم . وقوله : (
وله الدين واصبا ) يقول جل ثناؤه : وله الطاعة والإخلاص دائما ثابتا واجبا ، يقال منه : وصب الدين يصب وصوبا ووصبا كما قال
الديلي :
لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه يوما بذم الدهر أجمع واصبا
ومنه قول الله (
ولهم عذاب واصب ) ، وقول
حسان :
غيرته الريح تسفي به وهزيم رعده واصب
فأما من الألم ، فإنما يقال : وصب الرجل يوصب وصبا ، وذلك إذا أعيا ومل ، ومنه قول الشاعر :
لا يغمز الساق من أين ولا وصب ولا يعض على شرسوفه الصفر
[ ص: 222 ] وقد اختلف أهل التأويل في تأويل الواصب ، فقال بعضهم : معناه ، ما قلنا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، عن
قيس عن
الأغر بن الصباح ، عن
خليفة بن حصين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة ، عن
ابن عباس (
وله الدين واصبا ) قال : دائما .
حدثني
إسماعيل بن موسى ، قال : أخبرنا
شريك ، عن
أبي حصين ، عن
عكرمة ، في قوله (
وله الدين واصبا ) قال : دائما .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، عن
قيس ، عن
يعلى بن النعمان ، عن
عكرمة ، قال : دائما .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء وحدثني
المثنى ، قال : أخبرنا
إسحاق ، قال : ثنا
عبد الله ، عن
ورقاء وحدثني
المثنى ، قال : أخبرنا
أبو حذيفة ، قال : ثنا
شبل جميعا ، عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد (
وله الدين واصبا ) قال : دائما .
حدثنا القاسم قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد (
وله الدين واصبا ) قال : دائما .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا
عبدة وأبو معاوية ، عن
جويبر ، عن
الضحاك (
وله الدين واصبا ) قال : دائما .
حدثني
المثنى ، قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون ، قال : أخبرنا
هشيم ، عن
جويبر ، عن
الضحاك ، مثله .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
وله الدين واصبا ) : أي دائما ، فإن الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا من خلقه إلا عبده طائعا أو كارها .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ( واصبا ) قال : دائما ، ألا ترى أنه يقول (
عذاب واصب ) أي دائم .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله
[ ص: 223 ] (
وله الدين واصبا ) قال : دائما ، والواصب : الدائم .
وقال آخرون : الواصب في هذا الموضع : الواجب .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
ابن عطية ، عن
قيس ، عن
يعلى بن النعمان ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ، في قوله (
وله الدين واصبا ) قال : واجبا .
وكان
مجاهد يقول : معنى الدين في هذا الموضع : الإخلاص . وقد ذكرنا معنى الدين في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء وحدثني المثنى قال : أخبرنا
أبو حذيفة ، قال : ثنا
شبل وحدثني
المثنى ، قال : أخبرنا
إسحاق ، قال : ثنا
عبد الله ، عن
ورقاء جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
وله الدين واصبا ) قال : الإخلاص .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، قال : الدين : الإخلاص .
وقوله : (
أفغير الله تتقون ) يقول تعالى ذكره : أفغير الله أيها الناس تتقون ، أي ترهبون وتحذرون أن يسلبكم نعمة الله عليكم بإخلاصكم العبادة لربكم ، وإفرادكم الطاعة له ، وما لكم نافع سواه .