1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة النحل
  4. القول في تأويل قوله تعالى " ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ( 16 ) متاع قليل ولهم عذاب أليم ( 17 ) )

[ ص: 314 ] اختلف القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الحجاز والعراق ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب ) فتكون تصف الكذب ، بمعنى : ولا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذب ، فتكون " ما " بمعنى المصدر . وذكر عن الحسن البصري أنه قرأ ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب ) هذا بخفض الكذب ، بمعنى : ولا تقولوا للكذب الذي تصفه ألسنتكم ( هذا حلال وهذا حرام ) فيجعل الكذب ترجمة عن " ما " التي في لما ، فتخفضه بما تخفض به " ما " . وقد حكي عن بعضهم : ( لما تصف ألسنتكم الكذب ) يرفع الكذب ، فيجعل الكذب من صفة الألسنة ، ويخرج على فعل على أنه جمع كذوب وكذب ، مثل شكور وشكر .

والصواب عندي من القراءة في ذلك نصب الكذب لإجماع الحجة من القراء عليه ، فتأويل الكلام إذ كان ذلك كذلك لما ذكرنا : ولا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذب فيما رزق الله عباده من المطاعم : هذا حلال ، وهذا حرام ، كي تفتروا على الله بقيلكم ذلك الكذب ، فإن الله لم يحرم من ذلك ما تحرمون ، ولا أحل كثيرا مما تحلون ، ثم تقدم إليهم بالوعيد على كذبهم عليه ، فقال ( إن الذين يفترون على الله الكذب ) يقول : إن الذين يتخرصون على الله الكذب ويختلقونه ، لا يخلدون في الدنيا ، ولا يبقون فيها ، إنما يتمتعون فيها قليلا . وقال ( متاع قليل ) فرفع ، لأن المعنى الذي هم فيه من هذه الدنيا متاع قليل ، أو لهم متاع قليل في الدنيا . وقوله ( ولهم عذاب أليم ) يقول : ثم إلينا مرجعهم ومعادهم ، ولهم على كذبهم وافترائهم على الله بما كانوا يفترون عذاب عند مصيرهم إليه أليم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا [ ص: 315 ] عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى ( لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام ) في البحيرة والسائبة .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : البحائر والسوائب .

التالي السابق


الخدمات العلمية