القول في تأويل قوله تعالى : (
إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ( 20 )
شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم ( 21 ) )
يقول تعالى ذكره : إن
إبراهيم خليل الله كان معلم خير ، يأتم به أهل الهدى قانتا ، يقول : مطيعا لله حنيفا : يقول : مستقيما على دين الإسلام (
ولم يك من المشركين ) يقول : ولم يك يشرك بالله شيئا ، فيكون من أولياء أهل الشرك به ، وهذا إعلام من الله تعالى أهل الشرك به من
قريش أن
إبراهيم منهم بريء وأنهم منه برآء (
شاكرا لأنعمه ) يقول : كان يخلص الشكر لله فيما أنعم عليه ، ولا يجعل معه في شكره في نعمه عليه شريكا من الآلهة والأنداد وغير ذلك ، كما يفعل مشركو
قريش ( اجتباه ) يقول : اصطفاه واختاره لخلته (
وهداه إلى صراط مستقيم ) يقول : وأرشده إلى الطريق المستقيم ، وذلك دين الإسلام لا
اليهودية ولا
النصرانية .
وبنحو الذي قلنا في معنى (
أمة قانتا ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
زكريا بن يحيى ، قال : ثنا
ابن إدريس ، عن
الأعمش ، عن
الحكم ، عن
يحيى بن الجزار ، عن
أبي العبيدين ، أنه جاء إلى
عبد الله فقال : من نسأل إذا لم نسألك؟ فكأن
ابن مسعود رق له ، فقال : أخبرني عن الأمة ، قال : الذي يعلم الناس الخير .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : ثنا
أبو أحمد ، قال : ثنا
سفيان ، عن
سلمة بن كهيل ، عن
مسلم البطين ، عن
أبي العبيدين أنه سأل
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، عن
[ ص: 317 ] الأمة القانت ، قال : الأمة : معلم الخير ، والقانت : المطيع لله ورسوله .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
منصور ، يعني
ابن عبد الرحمن ، عن
الشعبي ، قال : ثني
فروة بن نوفل الأشجعي ، قال : قال
ابن مسعود : إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ، فقلت في نفسي : غلط
أبو عبد الرحمن ، إنما قال الله تعالى (
إن إبراهيم كان أمة قانتا لله ) فقال : تدري ما الأمة ، وما القانت؟ قلت : الله أعلم ، قال : الأمة : الذي يعلم الخير ، والقانت : المطيع لله ولرسوله ، وكذلك كان
معاذ بن جبل يعلم الخير ، وكان مطيعا لله ولرسوله .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
شعبة ، قال : سمعت
فراسا يحدث ، عن
الشعبي ، عن
مسروق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، أنه قال : إن
معاذا كان أمة قانتا لله ، قال : فقال رجل من أشجع يقال له
فروة بن نوفل : نسي إنما ذاك
إبراهيم ، قال : فقال
عبد الله : من نسي إنما كنا نشبهه
بإبراهيم ، قال : وسئل
عبد الله عن الأمة ، فقال : معلم الخير ، والقانت : المطيع لله ورسوله .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
فراس ، عن
الشعبي ، عن
مسروق قال : قرأت عند
عبد الله هذه الآية (
إن إبراهيم كان أمة قانتا لله ) فقال : كان
معاذ أمة قانتا ، قال : هل تدري ما الأمة ، الأمة الذي يعلم الناس الخير ، والقانت : الذي يطيع الله ورسوله .
حدثنا
أبو هشام الرفاعي ، قال : ثنا
ابن فضيل ، قال : ثنا
بيان بن بشر البجلي ، عن
الشعبي ، قال : قال
عبد الله : إن
معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ، فقال له رجل : نسيت ، قال : لا ولكنه شبيه
إبراهيم ، والأمة : معلم الخير ، والقانت : المطيع .
حدثني
علي بن سعيد الكندي ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، عن
ابن عون ، عن
الشعبي ، في قوله : (
إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ) قال : مطيعا .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
أبو بكر ، قال : قال
عبد الله : إن
معاذا [ ص: 318 ] كان أمة قانتا معلم الخير .
وذكر في الأمة أشياء مختلف فيها ، قال (
وادكر بعد أمة ) يعني : بعد حين و (
أمة وسطا ) .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
حكام ، عن
سعيد بن سابق ، عن
ليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، قال : لم تبق الأرض إلا وفيها أربعة عشر يدفع الله بهم عن أهل الأرض وتخرج بركتها ، إلا زمن
إبراهيم فإنه كان وحده .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : أخبرنا
هشيم ، قال : أخبرنا
سيار ، عن
الشعبي ، قال : وأخبرنا
زكريا ومجالد ، عن
الشعبي ، عن
مسروق ، عن
ابن مسعود ، نحو حديث يعقوب ، عن ابن علية وزاد فيه : الأمة : الذي يعلم الخير ويؤتم به ، ويقتدى به ; والقانت : المطيع لله وللرسول ، قال له
أبو فروة الكندي : إنك وهمت .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
إن إبراهيم كان أمة ) على حدة (
قانتا لله ) قال : مطيعا .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله ، إلا أنه قال : مطيعا لله في الدنيا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وأخبرني
عويمر ، عن
سعيد بن جبير ، أنه قال : قانتا : مطيعا .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
إن إبراهيم كان أمة قانتا لله ) قال : كان إمام هدى مطيعا تتبع سنته وملته .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، أن
ابن مسعود قال : إن
معاذ بن جبل كان أمة قانتا ، قال غير
قتادة : قال
ابن مسعود : هل تدرون : ما الأمة ؟ الذي يعلم الخير .
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
الثوري ، عن
فراس ، عن
الشعبي ، عن
مسروق ، قال : قرأت عند
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود (
إن إبراهيم كان أمة قانتا ) فقال : إن
معاذا كان أمة قانتا ، قال : فأعادوا ، فأعاد عليهم ، ثم قال : أتدرون ما الأمة ؟ الذي يعلم الناس الخير ، والقانت : الذي
[ ص: 319 ] يطيع الله .
وقد بينا معنى الأمة ووجوهها ، ومعنى القانت باختلاف المختلفين فيه في غير هذا الموضع من كتابنا بشواهده ، فأغنى بذلك عن إعادته في هذا الموضع .