[ ص: 328 ] [ ص: 329 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في
تأويل قوله تعالى : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935أبو جعفر محمد بن جرير الطبري : يعني تعالى ذكره بقوله تعالى (
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ) تنزيها للذي أسرى بعبده وتبرئة له مما يقول فيه المشركون من أن له من خلقه شريكا : وأن له صاحبة وولدا ، وعلوا له وتعظيما عما أضافوه إليه ، ونسبوه من جهالاتهم وخطأ أقوالهم .
وقد بينت فيما مضى قبل ، أن قوله : سبحان : اسم وضع موضع المصدر ، فنصب لوقوعه موقعه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . وقد كان بعضهم يقول : نصب لأنه غير موصوف ، وللعرب في التسبيح أماكن تستعمله فيها ، فمنها الصلاة ، كان كثير من أهل التأويل يتأولون قول الله (
فلولا أنه كان من المسبحين ) : فلولا أنه كان من المصلين . ومنها الاستثناء ، كان بعضهم يتأول قول الله تعالى (
ألم أقل لكم لولا تسبحون ) : لولا تستثنون ، وزعم أن ذلك لغة لبعض أهل اليمن ، ويستشهد لصحة تأويله ذلك بقوله (
إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون ) (
قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون ) فذكرهم تركهم الاستثناء . ومنها النور ، وكان بعضهم يتأول في الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811630 " لولا ذلك لأحرقت سبحات وجهه ما أدركت من شيء " أنه عنى بقوله " سبحات وجهه " : نور وجهه .
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله (
سبحان الذي أسرى بعبده ) ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، [ ص: 330 ] قال : أخبرنا
الثوري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13585عثمان بن موهب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17176موسى بن طلحة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=811631أنه سئل عن التسبيح أن يقول الإنسان : سبحان الله ، قال : " إنزاه الله عن السوء " .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16513عبدة بن سليمان ، عن
الحسن بن صالح ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : سبحان الله : قال : إنكاف لله . وقد ذكرنا من الآثار في ذلك ما فيه الكفاية فيما مضى من كتابنا هذا قبل . والإسراء والسرى : سير الليل . فمن قال : أسرى ، قال : يسري إسراء; ومن قال : سرى ، قال : يسري سرى ، كما قاله الشاعر :
وليلة ذات دجى سريت ولم يلتني عن سواها ليت
ويروى : ذات ندى سريت .
ويعني بقوله ( ليلا ) من الليل . وكذلك كان
حذيفة بن اليمان يقرؤها .
حدثنا
أبو كريب ، قال : سمعت
أبا بكر بن عياش ورجل يحدث عنده بحديث حين أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال له : لا تجيء بمثل
عاصم ولا
زر ، قال : قرأ
حذيفة : (
سبحان الذي أسرى بعبده من الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) وكذا قرأ
عبد الله .
وأما قوله (
من المسجد الحرام ) فإنه اختلف فيه وفي معناه ، فقال بعضهم : يعني من الحرم ، وقال : الحرم كله مسجد . وقد بينا ذلك في غير
[ ص: 331 ] موضع من كتابنا هذا . وقال : وقد ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ليلة أسري به إلى
المسجد الأقصى كان نائما في بيت
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ ابنة أبي طالب .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، قال : ثنا
محمد بن إسحاق ، قال : ثني
محمد بن السائب ، عن
أبي صالح بن باذام عن
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ بنت أبي طالب ، في مسرى النبي صلى الله عليه وسلم ، أنها كانت تقول : ما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو في بيتي نائم عندي تلك الليلة ، فصلى العشاء الآخرة ، ثم نام ونمنا ، فلما كان قبيل الفجر ، أهبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى الصبح وصلينا معه قال :
" يا أم هانئ لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي ، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه ، ثم صليت صلاة الغداة معكم الآن كما ترين " .
وقال آخرون : بل أسري به من المسجد ، وفيه كان حين أسري به .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : ثنا
محمد بن جعفر بن عدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة ، عن
أنس بن مالك عن
مالك بن صعصعة ، وهو رجل من قومه قال : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810740بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان ، إذ سمعت قائلا يقول أحد الثلاثة ، فأتيت بطست من ذهب فيها من ماء زمزم ، فشرح صدري إلى كذا وكذا ، قال قتادة : قلت : ما يعني به؟ قال : إلى أسفل بطنه; قال : فاستخرج قلبي فغسل بماء زمزم ثم أعيد مكانه ، ثم حشي إيمانا وحكمة ، ثم أتيت بدابة أبيض " ، وفي رواية أخرى : " بدابة بيضاء يقال له البراق ، فوق الحمار ودون البغل يقع خطوه منتهى طرفه ، فحملت عليه ثم انطلقنا حتى أتينا إلى بيت المقدس فصليت فيه بالنبيين والمرسلين إماما ، ثم عرج بي إلى السماء الدنيا " . . . . فذكر الحديث .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
خالد بن الحرث ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، عن
أنس بن مالك ، عن
مالك ، يعني ابن صعصعة رجل من قومه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحوه .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
ابن أبي عدي ، عن
سعيد ، عن
قتادة ، عن
[ ص: 332 ] أنس بن مالك ، عن
مالك بن صعصعة رجل من قومه ، قال : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر نحوه .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، قال : قال
محمد بن إسحاق : ثني
عمرو بن عبد الرحمن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812363 " بينا أنا نائم في الحجر جاءني جبريل فهمزني بقدمه ، فجلست فلم أر شيئا ، فعدت لمضجعي ، فجاءني الثانية فهمزني بقدمه ، فجلست فلم أر شيئا ، فعدت لمضجعي ، فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه ، فجلست ، فأخذ بعضدي فقمت معه ، فخرج بي إلى باب المسجد ، فإذا دابة بيضاء بين الحمار والبغل ، له في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه ، يضع يده في منتهى طرفه ، فحملني عليه ثم خرج معي ، لا يفوتني ولا أفوته " .
حدثنا
الربيع بن سليمان ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال ، عن
شريك بن أبي نمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810741سمعت أنسا يحدثنا عن ليلة المسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام ، فقال أولهم : أيهم هو؟ قال : أوسطهم هو خيرهم ، فقال أحدهم : خذوا خيرهم ، فكانت تلك الليلة ، فلم يرهم حتى جاءوا ليلة أخرى فيما يرى قلبه ، والنبي صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ، ولا ينام قلبه . وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ، ولا تنام قلوبهم . فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم ، فتولاه منهم جبرائيل عليه السلام ، فشق ما بين نحره إلى لبته ، حتى فرغ من صدره وجوفه ، فغسله من ماء زمزم حتى أنقى جوفه ، ثم أتي بطست من ذهب فيه نور محشو إيمانا وحكمة ، فحشا به جوفه وصدره [ ص: 333 ] ولغاديده ثم أطبقه ثم ركب البراق ، فسار حتى أتى به إلى بيت المقدس فصلى فيه بالنبيين والمرسلين إماما ، ثم عرج به إلى السماء الدنيا ، فضرب بابا من أبوابها ، فناداه أهل السماء : من هذا؟ قال : هذا جبرائيل ، قيل : من معك؟ قال : محمد ، قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : فمرحبا به وأهلا فيستبشر به أهل السماء ، لا يعلم أهل السماء بما يريد الله بأهل الأرض حتى يعلمهم ، فوجد في السماء الدنيا آدم ، فقال له جبرائيل : هذا أبوك ، فسلم عليه ، فرد عليه ، فقال : مرحبا بك وأهلا يا بني ، فنعم الابن أنت ، ثم مضى به إلى السماء الثانية ، فاستفتح جبرائيل بابا من أبوابها ، فقيل : من هذا؟ فقال : جبرائيل ، قيل : ومن معك؟ قال : محمد ، قيل : أوقد أرسل إليه؟ قال : نعم قد أرسل إليه ، فقيل : مرحبا به وأهلا ففتح لهما; فلما صعد فيها فإذا هو بنهرين يجريان ، فقال : ما هذان النهران يا جبرائيل؟ قال : هذا النيل والفرات عنصرهما ; ثم عرج به إلى السماء الثالثة ، فاستفتح جبرائيل بابا من أبوابها ، فقيل : من هذا؟ قال : جبرائيل ، قيل : ومن معك؟ قال : محمد ، قيل : أوقد بعث إليه؟ قال : نعم قد بعث إليه ، قيل : مرحبا به وأهلا ففتح له فإذا هو بنهر عليه قباب وقصور من لؤلؤ وزبرجد وياقوت ، وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله ، فذهب يشم ترابه ، فإذا هو مسك أذفر ، فقال : يا جبرائيل ما هذا النهر؟ قال : هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك في الآخرة; ثم عرج به إلى الرابعة ، فقالوا له مثل ذلك; ثم عرج به إلى الخامسة ، فقالوا له مثل ذلك; ثم عرج به إلى السادسة ، فقالوا له مثل ذلك; ثم عرج به إلى السابعة ، فقالوا له مثل ذلك ، وكل سماء فيها أنبياء قد سماهم أنس ، فوعيت منهم إدريس في الثانية ، وهارون في الرابعة ، وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه ، وإبراهيم في السادسة ،
وموسى في السابعة بتفضيل كلامه الله فقال
موسى : رب لم أظن أن يرفع علي أحد ، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله ، حتى جاء سدرة
[ ص: 334 ] المنتهى ، ودنا باب الجبار رب العزة ، فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما شاء ، وأوحى الله فيما أوحى خمسين صلاة على أمته كل يوم وليلة ، ثم هبط حتى بلغ
موسى فاحتبسه ، فقال : يا
محمد ماذا عهد إليك ربك؟ قال : " عهد إلي خمسين صلاة على أمتي كل يوم وليلة ; قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك ، فارجع فليخفف عنك وعنهم ، فالتفت إلى
جبرائيل كأنه يستشيره في ذلك ، فأشار إليه أن نعم ، فعاد به
جبرائيل حتى أتى الجبار عز وجل وهو مكانه ، فقال : " رب خفف عنا ، فإن أمتي لا تستطيع هذا ، فوضع عنه عشر صلوات; ثم رجع إلى
موسى عليه السلام فاحتبسه ، فلم يزل يردده
موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ، ثم احتبسه عند الخمس ، فقال : يا
محمد قد والله راودت
بني إسرائيل على أدنى من هذه الخمس ، فضعفوا وتركوه ، فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبصارا وأسماعا ، فارجع فليخفف عنك ربك ، كل ذلك يلتفت إلى
جبرائيل ليشير عليه ، ولا يكره ذلك
جبرائيل ، فرفعه عند الخمس ، فقال : يا رب إن أمتي ضعاف أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم ، فخفف عنا ، قال الجبار جل جلاله : يا
محمد ، قال : لبيك وسعديك ، فقال : إني لا يبدل القول لدي كما كتبت عليك في أم الكتاب ، ولك بكل حسنة عشر أمثالها ، وهي خمسون في أم الكتاب ، وهي خمس عليك; فرجع إلى
موسى ، فقال : كيف فعلت؟ فقال : خفف عني ، أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها ، قال : قد والله راودت
بني إسرائيل على أدنى من هذا فتركوه فارجع فليخفف عنك أيضا ، قال : " يا
موسى قد والله استحييت من ربي مما أختلف إليه ، قال : فاهبط باسم الله ، فاستيقظ وهو في
المسجد الحرام .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يقال : إن الله عز وجل أخبر أنه أسرى بعبده من
المسجد الحرام والمسجد الحرام هو الذي يتعارفه الناس بينهم إذا ذكروه ، وقوله (
إلى المسجد الأقصى ) يعني : مسجد
بيت المقدس ، وقيل له :
الأقصى ، لأنه أبعد المساجد التي تزار ، ويبتغى في زيارته الفضل بعد
المسجد الحرام . فتأويل الكلام تنزيها لله ، وتبرئة له مما نحله المشركون من الإشراك والأنداد والصاحبة ، وما يجل عنه جل جلاله ، الذي سار بعبده ليلا من بيته الحرام إلى بيته
الأقصى .
[ ص: 335 ]
ثم اختلف أهل العلم في
صفة إسراء الله تبارك وتعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، فقال بعضهم : أسرى الله بجسده ، فسار به ليلا على البراق من بيته الحرام إلى بيته
الأقصى حتى أتاه ، فأراه ما شاء أن يريه من عجائب أمره وعبره وعظيم سلطانه ، فجمعت له به الأنبياء ، فصلى بهم هنالك ، وعرج به إلى السماء حتى صعد به فوق السماوات السبع ، وأوحى إليه هنالك ما شاء أن يوحي ثم رجع إلى
المسجد الحرام من ليلته ، فصلى به صلاة الصبح .
ذكر من قال ذلك ، وذكر بعض الروايات التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصحيحه .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ، عن
ابن شهاب ، قال : أخبرني
ابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبو سلمة بن عبد الرحمن nindex.php?page=hadith&LINKID=812364أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسري به على البراق ، وهي دابة إبراهيم التي كان يزور عليها البيت الحرام ، يقع حافرها موضع طرفها ، قال : فمرت بعير من عيرات قريش بواد من تلك الأودية ، فنفرت العير ، وفيها بعير عليه غرارتان : سوداء ، وزرقاء ، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إيلياء فأتي بقدحين : قدح خمر ، وقدح لبن ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدح اللبن ، فقال له جبرائيل : هديت إلى الفطرة ، لو أخذت قدح الخمر غوت أمتك . قال ابن شهاب : فأخبرني ابن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي هناك إبراهيم وموسى وعيسى ، فنعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " فأما موسى فضرب رجل الرأس كأنه من رجال شنوءة ، وأما عيسى فرجل أحمر كأنما خرج من ديماس ، فأشبه من رأيت به عروة بن مسعود الثقفي; وأما إبراهيم فأنا أشبه ولده به; فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حدث قريشا أنه أسري به قال عبد الله : فارتد ناس كثير بعد ما أسلموا ، قال أبو سلمة : فأتى أبو بكر الصديق ، فقيل له : هل لك في صاحبك ، يزعم أنه أسري به إلى بيت المقدس ثم رجع في ليلة واحدة ، قال أبو بكر : أوقال ذلك؟ قالوا : نعم ، قال : فأشهد إن كان قال ذلك لقد صدق ، قالوا : أفتشهد أنه جاء الشام في ليلة واحدة؟ قال : إني أصدقه بأبعد من ذلك ، أصدقه بخبر [ ص: 336 ] السماء . قال
أبو سلمة : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810742لما كذبتني قريش قمت فمثل الله لي بيت المقدس ، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه " .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : ثني
يعقوب بن عبد الرحمن الزهري ، عن أبيه ، عن
عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن
أنس بن مالك ، قال :
لما جاء جبرائيل عليه السلام بالبراق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكأنها ضربت بذنبها ، فقال لها جبرائيل : مه يا براق ، فوالله إن ركبك مثله ، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو بعجوز ناء عن الطريق : أي على جنب الطريق .
قال
أبو جعفر : ينبغي أن يقال : نائية ، ولكن أسقط منها التأنيث .
فقال : "
ما هذه يا جبرائيل؟ قال : سر يا محمد ، فسار ما شاء الله أن يسير ، فإذا شيء يدعوه متنحيا عن الطريق يقول : هلم يا محمد ، قال جبرائيل : سر يا محمد ، فسار ما شاء الله أن يسير; قال : ثم لقيه خلق من الخلائق ، فقال أحدهم : السلام عليك يا أول ، والسلام عليك يا آخر ، والسلام عليك يا حاشر ، فقال له جبرائيل : اردد السلام يا محمد ، قال : فرد السلام ، ثم لقيه الثاني ، فقال له مثل مقالة الأولين حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فعرض عليه الماء واللبن والخمر ، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن ، فقال له جبرائيل : أصبت يا محمد الفطرة ، ولو شربت الماء لغرقت وغرقت أمتك ، ولو شربت الخمر لغويت وغوت أمتك ، ثم بعث له آدم فمن دونه من الأنبياء ، فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة . ثم قال له جبرائيل : أما العجوز التي رأيت على جانب الطريق ، فلم يبق من الدنيا إلا بقدر ما بقي من عمر تلك العجوز ، وأما الذي أراد أن تميل إليه ، فذاك عدو الله إبليس ، أراد أن تميل إليه; وأما الذين سلموا عليك ، فذاك إبراهيم وموسى وعيسى " .
حدثني
علي بن سهل ، قال : ثنا
حجاج ، قال : أخبرنا
أبو جعفر [ ص: 337 ] الرازي ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية الرياحي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أو غيره " شك
أبو جعفر " في قول الله عز وجل (
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ) قال : جاء
جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه
ميكائيل ، فقال
جبرائيل لميكائيل : ائتني بطست من ماء زمزم كيما أطهر قلبه ، وأشرح له صدره ، قال : فشق عن بطنه ، فغسله ثلاث مرات ، واختلف إليه
ميكائيل بثلاث طسات من ماء زمزم ، فشرح صدره ، ونزع ما كان فيه من غل ، وملأه حلما وعلما وإيمانا ويقينا وإسلاما ، وختم بين كتفيه بخاتم النبوة ، ثم أتاه بفرس فحمل عليه ، كل خطوة منه منتهى طرفه وأقصى بصره ، قال : فسار وسار معه
جبرائيل عليه السلام ، فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم ، كلما حصدوا عاد كما كان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا
جبرائيل ما هذا ؟ قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله ، تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف ، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين; ثم أتى على قوم ترضخ رءوسهم بالصخر ، كلما رضخت عادت كما كانت ، لا يفتر عنهم من ذلك شيء ، فقال : ما هؤلاء يا
جبرائيل؟ قال : هؤلاء الذين تتثاقل رءوسهم عن الصلاة المكتوبة; ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع ، وعلى أدبارهم رقاع ، يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ، ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها ، قال : ما هؤلاء يا
جبرائيل؟ قال : هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم ، وما ظلمهم الله شيئا ، وما الله بظلام للعبيد ، ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدور ، ولحم آخر نيئ قذر خبيث ، فجعلوا يأكلون من النيئ ، ويدعون النضيج الطيب ، فقال : ما هؤلاء يا
جبرائيل؟ قال : هذا الرجل من أمتك ، تكون عنده المرأة الحلال الطيب ، فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح ، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا ، فتأتي رجلا خبيثا ، فتبيت معه حتى تصبح; قال : ثم أتى على خشبة في الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ، ولا شيء إلا خرقته ، قال : ما هذا يا
جبرائيل؟ قال : هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه . ثم قرأ (
ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون ) الآية . ثم أتى على رجل قد جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها ، وهو يزيد عليها ، فقال : ما هذا يا
جبرائيل؟ قال : هذا الرجل من أمتك تكون عنده أمانات الناس لا يقدر على أدائها ، وهو يزيد عليها ، ويريد أن يحملها ، فلا يستطيع ذلك; ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد ، كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء ، قال : ما هؤلاء يا
جبرائيل؟ فقال : هؤلاء خطباء أمتك خطباء الفتنة يقولون ما لا يفعلون ، ثم أتى على جحر صغير يخرج منه ثور عظيم ، فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع ، فقال : ما هذا يا
جبرائيل؟ قال : هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ، ثم يندم عليها ، فلا يستطيع أن يردها ، ثم أتى على واد ، فوجد ريحا طيبة باردة ، وفيه ريح المسك ، وسمع صوتا ، فقال : يا
جبرائيل ما هذه الريح الطيبة الباردة وهذه الرائحة التي كريح المسك ، وما هذا الصوت؟ قال : هذا صوت الجنة تقول : يا رب آتني ما وعدتني ، فقد كثرت غرفي وإستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ، ولؤلؤي ومرجاني ، وفضتي وذهبي ، وأكوابي وصحافي وأباريقي ، وفواكهي ونخلي ورماني ، ولبني وخمري ، فآتني ما وعدتني ، فقال : لك كل مسلم ومسلمة ، ومؤمن ومؤمنة ، ومن آمن بي وبرسلي ، وعمل صالحا ولم يشرك بي ، ولم يتخذ من دوني أندادا ، ومن خشيني فهو آمن ، ومن سألني أعطيته ، ومن أقرضني جزيته ، ومن توكل علي كفيته ، إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أخلف الميعاد ، وقد أفلح المؤمنون ، وتبارك الله أحسن الخالقين ، قالت : قد رضيت; ثم أتى على واد فسمع صوتا منكرا ، ووجد ريحا منتنة ، فقال : وما هذه الريح يا
جبرائيل وما هذا الصوت؟ قال : هذا صوت جهنم ، تقول : يا رب آتني ما وعدتني ، فقد كثرت سلاسلي وأغلالي ، وسعيري وجحيمي ، وضريعي وغساقي ، وعذابي وعقابي ، وقد بعد قعري واشتد حري ، فآتني ما وعدتني ، قال : لك كل مشرك ومشركة ، وكافر وكافرة ، وكل خبيث وخبيثة ، وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب ، قالت : قد رضيت; قال : ثم سار حتى أتى
بيت المقدس ، فنزل فربط فرسه إلى صخرة ، ثم دخل فصلى مع الملائكة; فلما قضيت الصلاة . قالوا : يا
جبرائيل من هذا معك؟ قال :
محمد ، فقالوا : أوقد أرسل إليه؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء; قال : ثم لقي أرواح الأنبياء فأثنوا على ربهم ، فقال إبراهيم :
[ ص: 339 ] الحمد لله الذي اتخذني خليلا وأعطاني ملكا عظيما ، وجعلني أمة قانتا لله يؤتم بي ، وأنقذني من النار ، وجعلها علي بردا وسلاما; ثم إن
موسى أثنى على ربه فقال : الحمد لله الذي كلمني تكليما ، وجعل هلاك
آل فرعون ونجاة
بني إسرائيل على يدي ، وجعل من أمتي قوما يهدون بالحق وبه يعدلون; ثم إن
داود عليه السلام أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي جعل لي ملكا عظيما وعلمني الزبور ، وألان لي الحديد ، وسخر لي الجبال يسبحن والطير ، وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب; ثم إن
سليمان أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي سخر لي الرياح ، وسخر لي الشياطين ، يعملون لي ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب ، وقدور راسيات ، وعلمني منطق الطير ، وآتاني من كل شيء فضلا وسخر لي جنود الشياطين والإنس والطير ، وفضلني على كثير من عباده المؤمنين ، وآتاني ملكا عظيما لا ينبغي لأحد من بعدي ، وجعل ملكي ملكا طيبا ليس علي فيه حساب; ثم إن
عيسى عليه السلام أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي جعلني كلمته وجعل مثلي مثل
آدم خلقه من تراب ، ثم قال له : كن فيكون ، وعلمني الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ، وجعلني أخلق من الطين هيئة الطير ، فأنفخ فيه ، فيكون طيرا بإذن الله ، وجعلني أبرئ الأكمه والأبرص ، وأحيي الموتى بإذن الله ، ورفعني وطهرني ، وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم ، فلم يكن للشيطان علينا سبيل; قال : ثم إن
محمدا صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812760كلكم أثنى على ربه ، وأنا مثن على ربي ، فقال : الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين ، وكافة للناس بشيرا ونذيرا ، وأنزل علي الفرقان فيه تبيان كل شيء ، وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس ، وجعل أمتي وسطا ، وجعل أمتي هم الأولون وهم الآخرون ، وشرح لي صدري ، ووضع عني وزري ورفع لي ذكري ، وجعلني فاتحا خاتما ، قال
إبراهيم : بهذا فضلكم
محمد . - قال
أبو جعفر : وهو الرازي : خاتم النبوة ، وفاتح بالشفاعة يوم القيامة - ثم أتي إليه بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها ، فأتي بإناء منها فيه ماء ، فقيل : اشرب ، فشرب منه يسيرا ، ثم دفع إليه إناء آخر فيه لبن ، فقيل له : اشرب ، فشرب منه حتى روي ، ثم دفع إليه إناء آخر فيه خمر ، فقيل له : اشرب ، فقال : لا أريده قد رويت ، فقال له
جبرائيل صلى الله عليه وسلم : أما إنها ستحرم على أمتك ، ولو شربت
[ ص: 340 ] منها لم يتبعك من أمتك إلا القليل ، ثم عرج به إلى سماء الدنيا ، فاستفتح
جبرائيل بابا من أبوابها ، فقيل : من هذا؟ قال :
جبرائيل ، قيل : ومن معك؟ فقال :
محمد ، قالوا : أوقد أرسل إليه ، قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، فدخل فإذا هو برجل تام الخلق لم ينقص من خلقه شيء ، كما ينقص من خلق الناس ، على يمينه باب ، يخرج منه ريح طيبة ، وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة ، إذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه ضحك واستبشر ، وإذا نظر إلى الباب الذي عن شماله بكى وحزن ، فقلت : يا
جبرائيل من هذا الشيخ التام الخلق الذي لم ينقص من خلقه شيء ، وما هذان البابان؟ قال : هذا أبوك
آدم ، وهذا الباب الذي عن يمينه باب الجنة ، إذا نظر إلى من يدخله من ذريته ضحك واستبشر ، والباب الذي عن شماله باب جهنم ، إذا نظر إلى من يدخله من ذريته بكى وحزن; ثم صعد به
جبرائيل صلى الله عليه وسلم إلى السماء الثانية فاستفتح ، فقيل من هذا؟ قال :
جبرائيل ، قيل : ومن معك؟ قال : محمد رسول الله ، فقالوا : أوقد أرسل إليه؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : فإذا هو بشابين ، فقال : يا
جبرائيل من هذان الشابان؟ قال : هذا
عيسى ابن مريم ، ويحيى بن زكريا ابنا الخالة; قال : فصعد به إلى السماء الثالثة ، فاستفتح ، فقالوا : من هذا؟ قال :
جبرائيل ، قالوا : ومن
[ ص: 341 ] معك؟ قال :
محمد ، قالوا : أوقد أرسل إليه؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : فدخل فإذا هو برجل قد فضل على الناس كلهم في الحسن ، كما فضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، قال : من هذا يا
جبرئيل الذي فضل على الناس في الحسن ؟ قال : هذا أخوك
يوسف; ثم صعد به إلى السماء الرابعة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا؟ قال
جبرائيل ، قالوا : ومن معك؟ قال :
محمد ، قالوا : أوقد أرسل إليه؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء; قال : فدخل ، فإذا هو برجل ، قال : من هذا يا
جبرائيل؟ قال : هذا
إدريس رفعه الله مكانا عليا; ثم صعد به إلى السماء الخامسة ، فاستفتح
جبرائيل ، فقالوا : من هذا؟ فقال :
جبرائيل ، قالوا : ومن معك؟ قال :
محمد ، قالوا : أوقد أرسل إليه؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء; ثم دخل فإذا هو برجل جالس وحوله قوم يقص عليهم ، قال : من هذا يا
جبرائيل ومن هؤلاء الذين حوله؟ قال : هذا
هارون المحبب في قومه ، وهؤلاء
بنو إسرائيل; ثم صعد به إلى السماء السادسة ، فاستفتح
جبرئيل ، فقيل له : من هذا؟ قال :
جبرئيل ، قالوا : ومن معك؟ قال :
محمد ، قالوا : أوقد أرسل إليه؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، فإذا هو برجل جالس ، فجاوزه ، فبكى الرجل ، فقال : يا
جبرائيل من هذا؟ قال :
موسى ، قال : فما باله يبكي ؟ قال : تزعم
بنو إسرائيل أني أكرم بني آدم على الله ، وهذا رجل من بني آدم قد خلفني في دنيا ، وأنا في أخرى ، فلو أنه بنفسه لم أبال ، ولكن مع كل نبي أمته; ثم صعد به إلى السماء السابعة ، فاستفتح
جبرائيل ، فقيل : من هذا؟ قال :
جبرائيل ، قالوا : ومن معك؟ قال :
محمد ، قالوا : أوقد أرسل إليه؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : فدخل فإذا هو برجل أشمط جالس عند باب الجنة على كرسي ، وعنده قوم جلوس بيض الوجوه ، أمثال القراطيس ، وقوم في ألوانهم شيء ، فقام هؤلاء الذين في ألوانهم شيء ، فدخلوا نهرا فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء ، ثم دخلوا نهرا آخر ، فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء ، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء ، فصارت مثل ألوان أصحابهم ، فجاءوا فجلسوا إلى أصحابهم ، فقال : يا
جبرائيل من هذا الأشمط ، ثم من هؤلاء البيض وجوههم ، ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شيء ، وما هذه الأنهار التي دخلوا ، فجاءوا وقد صفت ألوانهم؟ قال : هذا أبوك إبراهيم أول من شمط على الأرض ، وأما هؤلاء البيض الوجوه : فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم ، وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء ، فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، فتابوا ، فتاب الله عليهم ، وأما الأنهار : فأولها رحمة الله ، وثانيها : نعمة الله ، والثالث : سقاهم ربهم شرابا طهورا; قال :
ثم انتهى إلى السدرة ، فقيل له : هذه السدرة ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك ، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها
[ ص: 342 ] أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها ، والورقة منها مغطية للأمة كلها ، قال : فغشيها نور الخلاق عز وجل ، وغشيتها الملائكة أمثال الغربان حين يقعن على الشجرة ، قال : فكلمه عند ذلك ، فقال له : سل ، فقال : اتخذت
إبراهيم خليلا وأعطيته ملكا عظيما ، وكلمت
موسى تكليما ، وأعطيت
داود ملكا عظيما ، وألنت له الحديد ، وسخرت له الجبال ، وأعطيت
سليمان ملكا عظيما ، وسخرت له الجن والإنس والشياطين ، وسخرت له الرياح ، وأعطيته ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، وعلمت
عيسى التوراة والإنجيل ، وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى بإذن الله ، وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم ، فلم يكن للشيطان عليهما سبيل . فقال له ربه : قد اتخذتك حبيبا وخليلا وهو مكتوب في التوراة : حبيب الله; وأرسلتك إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا ، وشرحت لك صدرك ، ووضعت عنك وزرك ، ورفعت لك ذكرك ، فلا أذكر إلا ذكرت معي ، وجعلت أمتك أمة وسطا ، وجعلت أمتك هم الأولون والآخرون ، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة ، حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي; وجعلت من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم ، وجعلتك أول النبيين خلقا ، وآخرهم بعثا ، وأولهم يقضى له ، وأعطيتك سبعا من المثاني ، لم يعطها نبي قبلك ، وأعطيتك الكوثر ، وأعطيتك ثمانية أسهم الإسلام والهجرة ، والجهاد ، والصدقة ، والصلاة ، وصوم رمضان ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وجعلتك فاتحا وخاتما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812366فضلني ربي بست : أعطاني فواتح الكلم وخواتيمه ، وجوامع الحديث ، وأرسلني إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا ، وقذف في قلوب عدوي الرعب من مسيرة شهر ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وجعلت لي الأرض كلها طهورا ومسجدا ، قال : وفرض علي خمسين صلاة; فلما رجع إلى
موسى ، قال : بم أمرت يا
محمد ، قال : بخمسين صلاة ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، فقد لقيت من
بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ،
ثم رجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت؟ قال : بأربعين ، قال :
[ ص: 343 ] ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع إلى ربه ، فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى
موسى ، فقال : بكم أمرت؟ قال : أمرت بثلاثين ، فقال له
موسى : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من
بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى
موسى فقال : بكم أمرت؟ قال : بعشرين ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من
بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى
موسى ، فقال : بكم أمرت؟ قال : بعشر ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من
بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع على حياء إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه خمسا ، فرجع إلى
موسى ، فقال : بكم أمرت؟ قال : بخمس ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من
بني إسرائيل شدة ، قال : قد رجعت إلى ربي حتى استحييت فما أنا راجع إليه ، فقيل له : أما إنك كما صبرت نفسك على خمس صلوات فإنهن يجزين عنك خمسين صلاة ، فإن كل حسنة بعشر أمثالها ، قال : فرضي
محمد صلى الله عليه وسلم كل الرضا " فكان
موسى أشدهم عليه حين مر به ، وخيرهم له حين رجع إليه .
حدثني
محمد بن عبيد الله ، قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=11920أبو النضر هاشم بن القاسم ، قال : ثنا
أبو جعفر الرازي ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية أو غيره " شك
أبو جعفر " ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في قوله (
سبحان الذي أسرى بعبده ) . . . . إلى قوله (
إنه هو السميع البصير ) قال : جاء
جبرئيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحو حديث
علي بن سهل ، عن
حجاج ، إلا أنه قال : جاء
جبرائيل ومعه
ميكائيل ، وقال فيه : وإذا بقوم يسرحون كما تسرح الأنعام يأكلون الضريع والزقوم ، وقال في كل موضع - قال
علي ما هؤلاء - : من هؤلاء يا
جبرئيل ، وقال في موضع تقرض ألسنتهم : تقص ألسنتهم ، وقال أيضا في موضع قال
علي فيه : ونعم الخليفة . قال في ذكر الخمر ، فقال : لا أريده قد رويت ، قال :
جبرائيل : قد أصبت الفطرة يا
محمد ، إنها ستحرم على أمتك ، وقال في سدرة المنتهى أيضا :
[ ص: 344 ] هذه السدرة المنتهى ، إليها ينتهي كل أحد خلا على سبيلك من أمتك; وقال أيضا في الورقة منها تظل الخلق كلهم ، تغشاها الملائكة مثل الغربان حين يقعن على الشجرة ، من حب الله عز وجل . وسائر الحديث مثل حديث
علي .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
أبي هارون العبدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري; وحدثني
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : ثنا
معمر ، قال : أخبرنا
أبو هارون العبدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، واللفظ لحديث
الحسن بن يحيى ، في قوله (
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) قال : ثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة أسري به فقال نبي الله :
" أتيت بدابة هي أشبه الدواب بالبغل ، له أذنان مضطربتان وهو البراق ، وهو الذي كان تركبه الأنبياء قبلي ، فركبته ، فانطلق بي يضع يده عند منتهى بصره ، فسمعت نداء عن يميني : يا محمد على رسلك أسألك ، فمضيت ولم أعرج عليه; ثم سمعت نداء عن شمالي : يا محمد على رسلك أسألك ، فمضيت ولم أعرج عليه; ثم استقبلت امرأة في الطريق ، فرأيت عليها من كل زينة من زينة الدنيا رافعة يدها ، تقول : يا محمد على رسلك أسألك ، فمضيت ولم أعرج عليها ، ثم أتيت بيت المقدس ، أو قال المسجد الأقصى ، فنزلت عن الدابة فأوثقتها بالحلقة التي كانت الأنبياء توثق بها ، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ، فقال لي جبرئيل : ماذا رأيت في وجهك ، فقلت : سمعت نداء عن يميني أن يا محمد على رسلك أسألك ، فمضيت ولم أعرج عليه ، قال : ذاك داعي اليهود ، أما لو أنك وقفت عليه لتهودت أمتك ، قال : ثم سمعت نداء عن يساري أن يا محمد على رسلك أسألك ، فمضيت ولم أعرج عليه ، قال : ذاك داعي النصارى ، أما إنك لو وقفت عليه لتنصرت أمتك ، قلت : ثم استقبلتني امرأة عليها من كل زينة من زينة الدنيا رافعة يدها تقول على رسلك ، أسألك ، فمضيت ولم أعرج عليها ، قال : تلك الدنيا تزينت لك ، أما إنك لو وقفت عليها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ، ثم أتيت بإناءين أحدهما فيه لبن ، والآخر فيه خمر ، فقيل لي : اشرب أيهما شئت ، فأخذت اللبن فشربته ، قال : أصبت الفطرة أو قال : أخذت الفطرة " . [ ص: 345 ]
قال
معمر : وأخبرني
الزهري ، عن
ابن المسيب أنه قيل له : أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك .
قال
أبو هارون في حديث
أبي سعيد :
" ثم جيء بالمعراج الذي تعرج فيه أرواح بني آدم فإذا هو أحسن ما رأيت ألم تر إلى الميت كيف يحد بصره إليه فعرج بنا فيه حتى انتهينا إلى باب السماء الدنيا ، فاستفتح جبرائيل ، فقيل من هذا؟ قال جبرائيل؟ قيل : ومن معك؟ قال : محمد ، قيل : أوقد أرسل إليه؟ قال : نعم ، ففتحوا وسلموا علي ، وإذا ملك موكل يحرس السماء يقال له إسماعيل ، معه سبعون ألف ملك مع كل ملك منهم مائة ألف ، ثم قرأ ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) وإذا أنا برجل كهيئته يوم خلقه الله لم يتغير منه شيء ، فإذا هو تعرض عليه أرواح ذريته ، فإذا كانت روح مؤمن ، قال : روح طيبة ، وريح طيبة ، اجعلوا كتابه في عليين; وإذا كان روح كافر قال : روح خبيثة وريح خبيثة ، اجعلوا كتابه في سجيل ، فقلت : يا جبرئيل من هذا؟ قال : أبوك آدم ، فسلم علي ورحب بي ودعا لي بخير وقال : مرحبا بالنبي الصالح والولد الصالح ، ثم نظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل ، وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ، ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار يخرج من أسافلهم ، قلت : يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ، ثم نظرت فإذا أنا بقوم يحذى من جلودهم ويرد في أفواههم ، ثم يقال : كلوا كما أكلتم ، فإذا أكره ما خلق الله لهم ذلك ، قلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال : هؤلاء الهمازون اللمازون الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم ، بالسب ، ثم نظرت فإذا أنا بقوم على مائدة عليها لحم مشوي كأحسن ما رأيت من اللحم ، وإذا حولهم جيف ، فجعلوا يميلون على الجيف يأكلون منها ويدعون ذلك اللحم ، قلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال : هؤلاء الزناة عمدوا إلى ما حرم الله عليهم ، وتركوا ما أحل الله لهم ، ثم نظرت فإذا أنا بقوم لهم بطون كأنها البيوت وهي على سابلة آل فرعون ، فإذا مر بهم آل فرعون ثاروا ، فيميل بأحدهم بطنه فيقع ، فيتوطئوهم آل فرعون بأرجلهم ، وهم يعرضون على النار غدوا وعشيا; قلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال : هؤلاء أكلة الربا ، ربا في بطونهم ، فمثلهم كمثل الذي يتخبطه الشيطان [ ص: 346 ] من المس; ثم نظرت ، فإذا أنا بنساء معلقات بثديهن ، ونساء منكسات بأرجلهن ، قلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال : هن اللاتي يزنين ويقتلن أولادهن قال : ثم صعدنا إلى السماء الثانية ، فإذا أنا بيوسف وحوله تبع من أمته ، ووجهه كالقمر ليلة البدر ، فسلم علي ورحب بي ، ثم مضينا إلى السماء الثالثة ، فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى ، يشبه أحدهما صاحبه ، ثيابهما وشعرهما ، فسلما علي ، ورحبا بي ، ثم مضينا إلى السماء الرابعة ، فإذا أنا بإدريس ، فسلم علي ورحب وقد قال الله ( ورفعناه مكانا عليا ) ; ثم مضينا إلى السماء الخامسة ، فإذا أنا بهارون المحبب في قومه ، حوله تبع كثير من أمته ، فوصفه النبي صلى الله عليه وسلم : طويل اللحية تكاد لحيته تمس سرته ، فسلم علي ورحب; ثم مضينا إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى بن عمران فوصفه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كثير الشعر لو كان عليه قميصان خرج شعره منهما; قال موسى : تزعم الناس أني أكرم الخلق على الله ، فهذا أكرم على الله مني ، ولو كان وحده لم أكن أبالي ، ولكن كل نبي ومن تبعه من أمته; ثم مضينا إلى السماء السابعة ، فإذا أنا بإبراهيم وهو جالس مسند ظهره إلى البيت المعمور فسلم علي وقال : مرحبا بالنبي الصالح والولد الصالح ، فقيل : هذا مكانك ومكان أمتك ، ثم تلا ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) ثم دخلت البيت المعمور فصليت فيه ، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إلى يوم القيامة; ثم نظرت فإذا أنا بشجرة إن كانت الورقة منها لمغطية هذه الأمة ، فإذا في أصلها عين تجري قد تشعبت شعبتين ، فقلت : ما هذا يا جبرئيل؟ قال : أما هذا : فهو نهر الرحمة ، وأما هذا : فهو الكوثر الذي أعطاكه الله ، فاغتسلت في نهر الرحمة فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر ، ثم أخذت على الكوثر حتى دخلت الجنة ، فإذا فيها ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، وإذا فيها رمان كأنه جلود الإبل المقتبة ، وإذا فيها طير كأنها البخت ، فقال أبو بكر : إن تلك الطير لناعمة ، قال : أكلتها أنعم منها يا أبا بكر ، وإني لأرجو أن تأكل منها ، ورأيت فيها جارية ، فسألتها : لمن أنت؟ فقالت : nindex.php?page=showalam&ids=138لزيد بن حارثة فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا; قال : ثم إن الله أمرني بأمره ، وفرض [ ص: 347 ] علي خمسين صلاة ، فمررت على موسى ، فقال : بم أمرك ربك؟ قلت : فرض علي خمسين صلاة ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك لن يقوموا بهذا ، فرجعت إلى ربي فسألته فوضع عني عشرا ، ثم رجعت إلى موسى ، فلم أزل أرجع إلى ربي إذا مررت بموسى حتى فرض علي خمس صلوات ، فقال موسى : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فقلت : قد رجعت إلى ربي حتى استحييت; أو قال : قلت : ما أنا براجع ، فقيل لي : إن لك بهذه الخمس صلوات خمسين صلاة ، الحسنة بعشر أمثالها ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، ومن عملها كتبت له عشرا ، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا ، فإن عملها كتبت واحدة " .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
محمد بن إسحاق ، قال : ثني
روح بن القاسم ، عن
أبي هارون عمارة بن جوين العبدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري; وحدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، قال : وثني
أبو جعفر ، عن
أبي هارون ، عن
أبي سعيد ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
" لما فرغت مما كان في بيت المقدس ، أتي بالمعراج ، ولم أر شيئا قط أحسن منه ، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حضر ، فأصعدني صاحبي فيه حتى انتهى إلى باب من الأبواب يقال له باب الحفظة ، عليه ملك يقال له إسماعيل ، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك ، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدث هذا الحديث : ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) ثم ذكر نحو حديث معمر ، عن أبي هارون إلا أنه قال في حديثه : قال : ثم دخل بي الجنة فرأيت فيها جارية ، فسألتها لمن أنت؟ وقد أعجبتني حين رأيتها ، فقالت : nindex.php?page=showalam&ids=138لزيد بن حارثة ، فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ، ثم انتهى حديث
ابن حميد عن
سلمة إلى هاهنا .
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
الزهري ، عن
ابن المسيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=812370أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف لأصحابه ليلة أسري به إبراهيم وموسى وعيسى فقال : أما إبراهيم فلم أر رجلا أشبه بصاحبكم منه . وأما موسى فرجل آدم طوال جعد أقنى ، كأنه من رجال شنوءة . وأما عيسى فرجل أحمر بين القصير والطويل سبط الشعر [ ص: 348 ] كثير خيلان الوجه ، كأنه خرج من ديماس كأن رأسه يقطر ماء ، وما به ماء ، أشبه من رأيت به عروة بن مسعود " .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
محمد ، عن
الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه ، ولم يقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، عن
أنس ، nindex.php?page=hadith&LINKID=810743أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بالبراق ليلة أسري به مسرجا ملجما ليركبه ، فاستصعب عليه ، فقال له جبرائيل : ما يحملك على هذا ، فوالله ما ركبك أحد قط أكرم على الله منه ، قال : فارفض عرقا .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، في
nindex.php?page=hadith&LINKID=811632قوله ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ) أسري بنبي الله عشاء من مكة إلى بيت المقدس ، فصلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فيه ، فأراه الله من آياته وأمره بما شاء ليلة أسري به ، ثم أصبحبمكة . ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : حملت على دابة يقال لها البراق ، فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه ، فحدث نبي الله بذلك أهل مكة ، فكذب به المشركون وأنكروه وقالوا : يا محمد تخبرنا أنك أتيت بيت المقدس ، وأقبلت من ليلتك ، ثم أصبحت عندنا بمكة ، فما كنت تجيئنا به ، وتأتي به قبل هذا اليوم مع هذا ، فصدقه أبو بكر ، فسمي أبو بكر الصديق من أجل ذلك .
حدثنا
ابن أبي الشوارب ، قال : ثنا
عبد الواحد بن زياد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11814سليمان الشيباني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812371لما كان ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بدابة يقال لها البراق ، دون البغل وفوق الحمار ، تضع حافرها عند منتهى ظفرها ; فلما أتى بيت المقدس أتي بإناءين : إناء من لبن ، وإناء من خمر ، فشرب اللبن . قال : فقال له جبرائيل : هديت وهديت أمتك .
وقال آخرون من قال : أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى
المسجد الأقصى بنفسه وجسمه أسري به عليه السلام ، غير أنه لم يدخل
بيت المقدس ، ولم يصل فيه ، ولم ينزل عن البراق حتى رجع إلى
مكة .
[ ص: 349 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان ، قال : ثنا
سفيان ، قال : ثني
عاصم ابن بهدلة عن
زر بن حبيش ، عن
حذيفة بن اليمان ، أنه قال في هذه الآية (
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) قال : لم يصل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو صلى فيه لكتب عليكم الصلاة فيه ، كما كتب عليكم الصلاة عند
الكعبة .
حدثنا
أبو كريب ، قال : سمعت
أبا بكر بن عياش ، ورجل يحدث عنده بحديث حين أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له : لا تجئ بمثل
عاصم ولا
زر; قال : قال
حذيفة لزر بن حبيش; قال : وكان
زر رجلا شريفا من أشراف العرب ، قال : قرأ
حذيفة (
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ) وكذا قرأ
عبد الله ، قال : وهذا كما يقولون : إنه دخل المسجد فصلى فيه ، ثم دخل فربط دابته ، قال : قلت : والله قد دخله ، قال : من أنت فإني أعرف وجهك ولا أدري ما اسمك ، قال : قلت :
زر بن حبيش ، قال : ما عملك هذا؟ قال : قلت : من قبل القرآن ، قال : من أخذ بالقرآن أفلح ، قال : فقلت (
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ) قال : فنظر إلي فقال : يا أصلع ، هل ترى دخله؟ قال : قلت : لا والله ، قال
حذيفة : أجل والله الذي لا إله إلا هو ما دخله ، ولو دخله لوجبت عليكم صلاة فيه ، لا والله ما نزل عن البراق حتى رأى الجنة والنار ، وما أعد الله في الآخرة أجمع; وقال : تدري ما البراق؟ قال : دابة دون البغل وفوق الحمار ، خطوه مد البصر .
وقال آخرون : بل أسري بروحه ، ولم يسر بجسده .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
محمد بن إسحاق ، قال : ثني
nindex.php?page=showalam&ids=17386يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان ، كان إذا سئل عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كانت رؤيا من الله صادقة .
[ ص: 350 ]
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، عن
محمد ، قال : ثني بعض آل
أبي بكر ، أن
عائشة كانت تقول : ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن الله أسرى بروحه .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
سلمة ، قال
ابن إسحاق : فلم ينكر ذلك من قولها
الحسن أن هذه الآية نزلت (
وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) ولقول الله في الخبر عن
إبراهيم ، إذ قال لابنه (
يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ) ثم مضى على ذلك ، فعرفت أن الوحي يأتي بالأنبياء من الله أيقاظا ونياما ، وكان رسول صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810744 " تنام عيني وقلبي يقظان " فالله أعلم أي ذلك كان قد جاءه وعاين فيه من أمر الله ما عاين على أي حالاته كان نائما أو يقظان كل ذلك حق وصدق .
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله أسرى بعبده
محمد صلى الله عليه وسلم من
المسجد الحرام إلى
المسجد الأقصى ، كما أخبر الله عباده ، وكما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن الله حمله على البراق حين أتاه به ، وصلى هنالك بمن صلى من الأنبياء والرسل ، فأراه ما أراه من الآيات; ولا معنى لقول من قال : أسري بروحه دون جسده ، لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون ذلك دليلا على نبوته ، ولا حجة له على رسالته ، ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من أهل الشرك ، وكانوا يدفعون به عن صدقه فيه ، إذ لم يكن منكرا عندهم ، ولا عند أحد من ذوي الفطرة الصحيحة من بني آدم أن يرى الرائي منهم في المنام ما على مسيرة سنة ، فكيف ما هو على مسيرة شهر أو أقل؟ وبعد ، فإن الله إنما أخبر في كتابه أنه أسرى بعبده ، ولم يخبرنا أنه أسرى بروح عبده ، وليس جائزا لأحد أن يتعدى ما قال الله إلى غيره . فإن ظن ظان أن ذلك جائز ، إذ كانت العرب تفعل ذلك في كلامها ، كما قال قائلهم :
[ ص: 351 ] حسبت بغام راحلتي عناقا وما هي ويب غيرك بالعناق
يعني : حسبت بغام راحلتي صوت عناق ، فحذف الصوت واكتفى منه بالعناق ، فإن العرب تفعل ذلك فيما كان مفهوما مراد المتكلم منهم به من الكلام . فأما فيما لا دلالة عليه إلا بظهوره ، ولا يوصل إلى معرفة مراد المتكلم إلا ببيانه ، فإنها لا تحذف ذلك; ولا دلالة تدل على أن مراد الله من قوله (
أسرى بعبده ) أسرى بروح عبده ، بل الأدلة الواضحة ، والأخبار المتتابعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله أسرى به على دابة يقال لها البراق; ولو كان الإسراء بروحه لم تكن الروح محمولة على البراق ، إذ كانت الدواب لا تحمل إلا الأجسام . إلا أن يقول قائل : إن معنى قولنا : أسرى روحه : رأى في المنام أنه أسري بجسده على البراق ، فيكذب حينئذ بمعنى الأخبار التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن
جبرائيل حمله على البراق ، لأن ذلك إذا كان مناما على قول قائل هذا القول ، ولم تكن الروح عنده مما تركب الدواب ، ولم يحمل على البراق جسم النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على قوله حمل على البراق لا جسمه ، ولا شيء منه ، وصار الأمر عنده كبعض أحلام النائمين ، وذلك دفع لظاهر التنزيل ، وما تتابعت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاءت به الآثار عن الأئمة من الصحابة والتابعين .
وقوله (
الذي باركنا حوله ) يقول تعالى ذكره : الذي جعلنا حوله البركة لسكانه في معايشهم وأقواتهم وحروثهم وغروسهم . وقوله (
لنريه من آياتنا ) يقول تعالى ذكره : كي نري عبدنا
محمدا من آياتنا ، يقول : من عبرنا وأدلتنا وحججنا ، وذلك هو ما قد ذكرت في الأخبار التي رويتها آنفا ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أريه في طريقه إلى
بيت المقدس ، وبعد مصيره إليه من عجائب العبر والمواعظ .
[ ص: 352 ]
كما حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
لنريه من آياتنا ) ما أراه الله من الآيات والعبر في طريق
بيت المقدس .
وقوله (
إنه هو السميع البصير ) يقول تعالى ذكره : إن الذي أسرى بعبده هو السميع لما يقول هؤلاء المشركون من أهل
مكة في مسرى
محمد صلى الله عليه وسلم من
مكة إلى
بيت المقدس ، ولغير ذلك من قولهم وقول غيرهم ، البصير بما يعملون من الأعمال ، لا يخفى عليه شيء من ذلك ، ولا يعزب عنه علم شيء منه ، بل هو محيط بجميعه علما ، ومحصيه عددا ، وهو لهم بالمرصاد ، ليجزي جميعهم بما هم أهله .
وكان بعض البصريين يقول : كسرت " إن " من قوله (
إنه هو السميع البصير ) لأن معنى الكلام : قل يا
محمد : سبحان الذي أسرى بعبده ، وقل : إنه هو السميع البصير .