[ ص: 460 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ( 47 ) )
يقول تعالى ذكره : نحن أعلم يا محمد بما يستمع به هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة من مشركي قومك ، إذ يستمعون إليك وأنت تقرأ كتاب الله (
وإذ هم نجوى ) . وكان بعض أهل العربية من أهل
البصرة يقول : النجوى : فعلهم ، فجعلهم هم النجوى ، كما يقول : هم قوم رضا ، وإنما رضا : فعلهم . وقوله (
إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ) يقول : حين يقول المشركون بالله ما تتبعون إلا رجلا مسحورا . وعنى فيما ذكر بالنجوى : الذين تشاوروا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الندوة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
إذ يستمعون إليك ) قال : هي مثل قيل الوليد بن المغيرة ومن معه في دار الندوة .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، نحوه .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون ) . . . . الآية ، ونجواهم أن زعموا أنه مجنون ، وأنه ساحر ، وقالوا (
أساطير الأولين ) .
وكان بعض أهل العربية من أهل
البصرة يذهب بقوله (
إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ) إلى معنى : ما تتبعون إلا رجلا له سحر : أي له رئة ، والعرب تسمي الرئة سحرا ، والمسحر من قولهم للرجل إذا جبن : قد انتفخ سحره ، وكذلك يقال لكل ما أكل أو شرب من آدمي وغيره : مسحور ومسحر ، كما قال لبيد :
[ ص: 461 ] فإن تسألينا فيم نحن فإننا عصافير من هذا الأنام المسحر
وقال آخرون :
ونسحر بالطعام وبالشراب
أي نغذى بهما ، فكأن معناه عنده كان : إن تتبعون إلا رجلا له رئة ، يأكل الطعام ، ويشرب الشراب ، لا ملكا لا حاجة به إلى الطعام والشراب ، والذي قال من ذلك غير بعيد من الصواب .