[ ص: 345 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
فباءوا بغضب على غضب )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله : (
فباءوا بغضب على غضب ) ، فرجعت
اليهود من بني إسرائيل - بعد الذي كانوا عليه من الاستنصار
بمحمد صلى الله عليه وسلم والاستفتاح به ، وبعد الذي كانوا يخبرون به الناس من قبل مبعثه أنه نبي مبعوث - مرتدين على أعقابهم حين بعثه الله نبيا مرسلا فباءوا بغضب من الله استحقوه منه بكفرهم
بمحمد حين بعث ، وجحودهم نبوته ، وإنكارهم إياه أن يكون هو الذي يجدون صفته في كتابهم ؛ عنادا منهم له وبغيا وحسدا له وللعرب على غضب سالف ، كان من الله عليهم قبل ذلك ، سابق غضبه الثاني ؛ لكفرهم الذي كان قبل
عيسى ابن مريم ، أو لعبادتهم العجل ، أو لغير ذلك من ذنوب كانت لهم سلفت ، يستحقون بها الغضب من الله ، كما : -
1546 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13655سلمة بن الفضل قال : حدثني
ابن إسحاق ، عن
محمد بن أبي محمد ، فيما روى عن
سعيد بن جبير ، أو
عكرمة ، عن
ابن عباس : (
فباءوا بغضب على غضب ) ، فالغضب على الغضب ، غضبه عليهم فيما كانوا ضيعوا من التوراة وهي معهم ، وغضب بكفرهم بهذا النبي الذي أحدث الله إليهم .
1547 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
يحيى بن سعيد وعبد الرحمن ، قالا حدثنا
سفيان ، عن
أبي بكير ، عن
عكرمة : (
فباءوا بغضب على غضب ) قال : كفر
بعيسى ، وكفر
بمحمد صلى الله عليه وسلم .
1548 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
يحيى بن يمان قال : حدثنا
سفيان ،
[ ص: 346 ] عن
أبي بكير ، عن
عكرمة : (
فباءوا بغضب على غضب ) ، قال : كفرهم
بعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم
1549 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
الثوري ، عن
أبي بكير ، عن
عكرمة مثله .
1550 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير ، عن
مغيرة ، عن
الشعبي قال : الناس يوم القيامة على أربعة منازل : رجل كان مؤمنا
بعيسى وآمن
بمحمد صلى الله عليهما ، فله أجران . ورجل كان كافرا
بعيسى فآمن
بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فله أجر ، ورجل كان كافرا
بعيسى فكفر
بمحمد ، فباء بغضب على غضب ، ورجل كان كافرا
بعيسى من مشركي العرب ، فمات بكفره قبل
محمد صلى الله عليه وسلم ، فباء بغضب .
1551 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
فباءوا بغضب على غضب ) ، غضب الله عليهم بكفرهم بالإنجيل
وبعيسى ، وغضب عليهم بكفرهم بالقرآن
وبمحمد صلى الله عليه وسلم .
1552 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : ( فباءوا بغضب ) ،
اليهود بما كان من تبديلهم التوراة قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم ، ( على غضب ) : جحودهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وكفرهم بما جاء به .
1553 - حدثنا
المثنى قال : حدثنا
آدم قال : حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية : (
فباءوا بغضب على غضب ) ، يقول : غضب الله عليهم بكفرهم بالإنجيل
وعيسى ، ثم غضبه عليهم بكفرهم
بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن .
1554 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
فباءوا بغضب على غضب ) : أما الغضب الأول ؛ فهو حين
غضب الله عليهم في العجل ; وأما الغضب الثاني فغضب عليهم حين كفروا
بمحمد صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 347 ] 1555 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16531وعبيد بن عمير قوله : (
فباءوا بغضب على غضب ) ، قال : غضب الله عليهم فيما كانوا فيه من قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم - من تبديلهم وكفرهم - ، ثم غضب عليهم في
محمد صلى الله عليه وسلم - إذ خرج ، فكفروا به .
قال
أبو جعفر : وقد بينا معنى "الغضب " من الله على من غضب عليه من خلقه - واختلاف المختلفين في صفته - فيما مضى من كتابنا هذا ، بما أغنى عن إعادته .