القول في
تأويل قوله تعالى : ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ( 79 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم ومن الليل فاسهر بعد نومة يا
محمد بالقرآن ، نافلة لك خالصة دون أمتك . والتهجد : التيقظ والسهر بعد نومة من الليل . وأما الهجود نفسه : فالنوم ، كما قال الشاعر :
ألا طرقتنا والرفاق هجود فباتت بعلات النوال تجود
وقال
الحطيئة ألا طرقت هند الهنود وصحبتي بحوران حوران الجنود هجود
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا أبي
وشعيب بن الليث ، عن
الليث ، عن
مجاهد بن يزيد ، عن
أبي هلال ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج أنه قال : أخبرني
حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن رجل من الأنصار ، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقال : لأنظرن كيف يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فنام رسول الله صلى الله عليه [ ص: 524 ] وسلم ، ثم استيقظ ، فرفع رأسه إلى السماء ، فتلا أربع آيات من آخر سورة آل عمران ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ) حتى مر بالأربع ، ثم أهوى إلى القربة ، فأخذ سواكا فاستن به ، ثم توضأ ، ثم صلى ، ثم نام ، ثم استيقظ فصنع كصنعه أول مرة ، ويزعمون أنه التهجد الذي أمره الله .
حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : ثنا
محمد بن جعفر وعبد الرحمن ، قالا ثنا
سعيد ، عن
أبي إسحاق ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن
علقمة والأسود أنهما قالا : التهجد بعد نومة .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
أبو عامر ، قال : ثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16333عبد الرحمن بن الأسود ، قال : التهجد : بعد نومة .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
يحيى بن سعيد ، عن
شعبة ، قال : ثني
أبو إسحاق ، عن
محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ، عن
علقمة والأسود ، بمثله .
حدثني
الحارث ، قال : ثنا
القاسم ، قال : ثنا
هشيم ، عن
الأعمش ، عن
إبراهيم ، عن
علقمة ، قال : التهجد : بعد النوم .
حدثني
الحارث ، قال : ثنا
القاسم ، قال : ثنا
يزيد ، عن
هشام ، عن
الحسن ، قال : التهجد : ما كان بعد العشاء الآخرة .
حدثت عن
عبد الله بن صالح ، عن
الليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15632جعفر بن ربيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=347كثير بن العباس ، عن
الحجاج بن عمرو ، قال : إنما التهجد بعد رقدة .
وأما قوله (
نافلة لك ) فإنه يقول : نفلا لك عن فرائضك التي فرضتها عليك .
واختلف في المعنى الذي من أجله خص بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع كون صلاة كل مصل بعد هجوده ، إذا كان قبل هجوده قد كان أدى فرائضه نافلة نفلا إذ كانت غير واجبة عليه ، فقال بعضهم : معنى خصوصه بذلك : هو أنها كانت فريضة عليه ، وهي لغيره تطوع ، وقيل له : أقمها نافلة لك : أي فضلا لك من الفرائض التي فرضتها عليك عما فرضت على غيرك .
[ ص: 525 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
ومن الليل فتهجد به نافلة لك ) يعني بالنافلة أنها للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، أمر بقيام الليل وكتب عليه .
وقال آخرون : بل قيل ذلك له صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن فعله ذلك يكفر عنه شيئا من الذنوب ، لأن الله تعالى كان قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فكان له نافلة فضل ، فأما غيره فهو له كفارة ، وليس هو له نافلة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عبد الله بن كثير ، عن
مجاهد ، قال : النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة من أجل أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فما عمل من عمل سوى المكتوبة ، فهو نافلة من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب ، فهي نوافل وزيادة ، والناس يعملون ما سوى المكتوبة لذنوبهم في كفارتها ، فليست للناس نوافل .
وأولى القولين بالصواب في ذلك ، القول الذي ذكرنا عن
ابن عباس ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الله تعالى قد خصه بما فرض عليه من قيام الليل ، دون سائر أمته ، فأما ما ذكر عن
مجاهد في ذلك ، فقول لا معنى له ، لأن رسول الله فيما ذكر عنه أكثر ما كان استغفارا لذنوبه بعد نزول قول الله عز وجل عليه (
ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) وذلك أن هذه السورة أنزلت عليه بعد منصرفه من
الحديبية ، وأنزل عليه (
إذا جاء نصر الله والفتح ) عام قبض . وقيل له فيها (
فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا )
nindex.php?page=hadith&LINKID=810761فكان يعد له صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد استغفار مائة مرة ومعلوم أن الله لم يأمره أن يستغفر إلا لما يغفر له باستغفاره ذلك ، فبين إذن وجه فساد ما قاله
مجاهد .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن
الأعمش ، عن
شمر عن
عطية ، عن
شهر ، عن
أبي أمامة ، قال : إنما كانت النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 526 ]
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
نافلة لك ) قال : تطوعا وفضيلة لك .
وقوله (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) وعسى من الله واجبة ، وإنما وجه قول أهل العلم : عسى من الله واجبة ، لعلم المؤمنين أن الله لا يدع أن يفعل بعباده ما أطمعهم فيه من الجزاء على أعمالهم والعوض على طاعتهم إياه ليس من صفته الغرور ، ولا شك أنه قد أطمع من قال ذلك له في نفعه ، إذا هو تعاهده ولزمه ، فإن لزم المقول له ذلك وتعاهده ثم لم ينفعه ، ولا سبب يحول بينه وبين نفعه إياه مع الأطماع الذي تقدم منه لصاحبه على تعاهده إياه ولزومه ، فإنه لصاحبه غار بما كان من إخلافه إياه فيما كان أطمعه فيه بقوله الذي قال له . وإذ كان ذلك كذلك ، وكان غير جائز أن يكون جل ثناؤه من صفته الغرور لعباده صح ووجب أن كل ما أطمعهم فيه من طمع على طاعته ، أو على فعل من الأفعال ، أو أمر أو نهي أمرهم به ، أو نهاهم عنه ، فإنه موف لهم به ، وإنهم منه كالعدة التي لا يخلف الوفاء بها ، قالوا : عسى ولعل من الله واجبة .
وتأويل الكلام : أقم الصلاة المفروضة يا
محمد في هذه الأوقات التي أمرتك بإقامتها فيها ، ومن الليل فتهجد فرضا فرضته عليك ، لعل ربك أن يبعثك يوم القيامة مقاما تقوم فيه محمودا تحمده ، وتغبط فيه .
ثم اختلف أهل التأويل في معنى ذلك المقام المحمود ، فقال أكثر أهل العلم : ذلك هو المقام الذي هو يقومه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16238صلة بن زفر ، عن
حذيفة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811641يجمع الناس في صعيد واحد ، فيسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، حفاة عراة كما خلقوا ، قياما لا تكلم نفس إلا بإذنه ، ينادى : يا محمد ، فيقول : لبيك وسعديك والخير في يديك ، والشر ليس إليك ، والمهدي من هديت ، عبدك بين يديك ، وبك وإليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك رب هذا البيت ; فهذا المقام المحمود الذي ذكره الله تعالى .
[ ص: 527 ]
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
شعبة ، عن
أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16238صلة بن زفر ، عن
حذيفة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812386يجمع الناس في صعيد واحد . فلا تكلم نفس ، فأول ما يدعو محمد النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقوم محمد النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : لبيك ، ثم ذكر مثله .
حدثنا
سليمان بن عمرو بن خالد الرقي ، قال : ثنا
عيسى بن يونس ، عن
رشدين بن كريب ، عن أبيه عن
ابن عباس ، قوله (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال : المقام المحمود : مقام الشفاعة .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
سلمة بن كهيل ، قال : ثنا
أبو الزعراء ، عن
عبد الله في قصة ذكرها ، قال : ثم يؤمر بالصراط فيضرب على جسر جهنم ، فيمر الناس بقدر أعمالهم ; يمر أولهم كالبرق ، وكمر الريح ، وكمر الطير ، وكأسرع البهائم ، ثم كذلك حتى يمر الرجل سعيا ، ثم مشيا ، حتى يجيء آخرهم يتلبط على بطنه ، فيقول : رب لما أبطأت بي ، فيقول : إني لم أبطأ بك ، إنما أبطأ بك عملك ، قال : ثم يأذن الله في الشفاعة ، فيكون
أول شافع يوم القيامة جبرائيل عليه السلام ، روح القدس ، ثم إبراهيم خليل الرحمن ، ثم موسى ، أو
عيسى قال
أبو الزعراء : لا أدري أيهما قال ، قال : ثم يقوم نبيكم صلى الله عليه وسلم رابعا ، فلا يشفع أحد بعده فيما يشفع فيه ، وهو المقام المحمود الذي ذكر الله (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : ثنا
ابن أبي عدي ، عن
عوف ، عن
الحسن في قول الله تعالى (
ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال : المقام المحمود : مقام الشفاعة يوم القيامة .
حدثنا
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى : وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله تعالى (
مقاما محمودا ) قال : شفاعة محمد يوم القيامة .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
[ ص: 528 ]
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا أبو
معاوية ، عن
عاصم الأحول ، عن أبي
عثمان ، عن
سلمان ، قال : هو الشفاعة ، يشفعه الله في أمته ، فهو المقام المحمود .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=812762ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم خير بين أن يكون نبيا عبدا ، أو ملكا نبيا ، فأومأ إليه جبرائيل عليه السلام : أن تواضع ، فاختار نبي الله أن يكون عبدا نبيا ، فأعطي به نبي الله ثنتين : أنه أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع . وكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود الذي قال الله تبارك وتعالى (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) شفاعة يوم القيامة .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
مقاما محمودا ) قال : هي الشفاعة ، يشفعه الله في أمته .
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، عن
أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16238صلة بن زفر ، قال : سمعت
حذيفة يقول في قوله (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811642يجمع الله الناس في صعيد واحد حيث يسمعهم الداعي ، فينفذهم البصر حفاة عراة ، كما خلقوا سكوتا لا تكلم نفس إلا بإذنه ، قال : فينادى محمد ، فيقول : لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشر ليس إليك ، والمهدي من هديت ، وعبدك بين يديك ، ولك وإليك ، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك رب البيت ، قال : فذلك المقام المحمود الذي ذكر الله (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16238صلة بن زفر ، قال
حذيفة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811643يجمع الله الناس في صعيد واحد ، حيث ينفذهم البصر ، ويسمعهم الداعي ، حفاة عراة كما خلقوا أول مرة ، ثم يقوم النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : " لبيك وسعديك " ، ثم ذكر نحوه ، إلا أنه قال : هو المقام المحمود .
[ ص: 529 ]
وقال آخرون : بل ذلك
المقام المحمود الذي وعد الله نبيه أن يبعثه إياه ، هو أن يقاعده معه على عرشه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14392عباد بن يعقوب الأسدي ، قال : ثنا
ابن فضيل ، عن
ليث ، عن
مجاهد ، في قوله (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال : يجلسه معه على عرشه .
وأولى القولين في ذلك بالصواب ما صح به الخبر عن رسول الله .
وذلك ما حدثنا به
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
داود بن يزيد ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810762قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) سئل عنها ، قال : " هي الشفاعة " .
حدثنا
علي بن حرب ، قال : ثنا
مكي بن إبراهيم ، قال : ثنا
داود بن يزيد الأودي ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=810763في قوله ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قال : " هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي " .
حدثنا
أبو عتبة الحمصي أحمد بن الفرج ، قال : ثنا
بقية بن الوليد ، عن
الزبيدي ، عن
الزهري ، عن
عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810764يحشر الناس يوم القيامة ، فأكون أنا وأمتي على تل فيكسوني ربي حلة خضراء ، ثم يؤذن لي ، فأقول ما شاء الله أن أقول ، فذاك المقام المحمود " .
حدثني
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا
شعيب بن الليث ، قال : ثني
الليث ، عن
عبيد الله بن أبي جعفر ، أنه قال : سمعت
حمزة بن عبد الله بن عمر يقول : سمعت
عبد الله بن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=811644إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن ، فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم عليه السلام ، فيقول لست صاحب ذلك ثم بموسى عليه السلام ، فيقول كذلك ، ثم بمحمد فيشفع بين الخلق حتى يأخذ بحلقة الجنة فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا " .
[ ص: 530 ]
حدثني
أبو زيد عمر بن شبة ، قال : ثنا
موسى بن إسماعيل ، قال : ثنا
سعيد بن زيد ، عن
علي بن الحكم ، قال : ثني
عثمان ، عن
إبراهيم ، عن الأسود
وعلقمة ، عن
ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810765إني لأقوم المقام المحمود " فقال رجل : يا رسول الله ، وما ذلك المقام المحمود ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذاك إذا جيء بكم حفاة عراة غرلا فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام ، فيؤتى بريطتين بيضاوين ، فيلبسهما ، ثم يقعد مستقبل العرش ، ثم أوتى بكسوتي فألبسها ، فأقوم عن يمينه مقاما لا يقومه غيري يغبطني فيه الأولون والآخرون ، ثم يفتح نهر من الكوثر إلى الحوض " .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
الزهري ، عن
علي بن الحسين ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812387 " إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : فأكون أول من يدعى وجبرائيل عن يمين الرحمن ، والله ما رآه قبلها ، فأقول : أي رب إن هذا أخبرني أنك أرسلته إلي ، فيقول الله عز وجل : صدق ، ثم أشفع ، قال : فهو المقام المحمود " .
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
الزهري ، عن
علي بن الحسين ، قال : قال النبي : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=811645إذا كان يوم القيامة " ، فذكر نحوه ، وزاد فيه : " ثم أشفع فأقول : يا رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض ، وهو المقام المحمود " .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
أبو عامر ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان ، عن
آدم ، عن
علي ، قال : سمعت
ابن عمر يقول :
إن الناس يحشرون يوم القيامة ، فيجيء مع كل نبي أمته ، ثم يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الأمم هو وأمته ، فيرقى هو وأمته على كوم فوق الناس ، فيقول : يا فلان اشفع ، ويا فلان اشفع ، ويا فلان اشفع ، فما زال يردها بعضهم على بعض يرجع ذلك إليه ، وهو المقام المحمود الذي وعده الله إياه .
[ ص: 531 ]
حدثنا
محمد بن عوف ، قال : ثنا
حيوة وربيع ، قالا ثنا
محمد بن حرب ، عن
الزبيدي ، عن
الزهري عن
عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810764يحشر الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل ، فيكسوني ربي عز وجل حلة خضراء ، ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول ، فذاك المقام المحمود " .
وهذا وإن كان هو الصحيح من القول في تأويل قوله (
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) لما ذكرنا من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ، فإن ما قاله
مجاهد من أن الله يقعد
محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه ، قول غير مدفوع صحته ، لا من جهة خبر ولا نظر ، وذلك لأنه لا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه ، ولا عن التابعين بإحالة ذلك . فأما من جهة النظر ، فإن جميع من ينتحل الإسلام إنما اختلفوا في معنى ذلك على أوجه ثلاثة : فقالت فرقة منهم : الله عز وجل بائن من خلقه كان قبل خلقه الأشياء ، ثم خلق الأشياء فلم يماسها ، وهو كما لم يزل ، غير أن الأشياء التي خلقها ، إذ لم يكن هو لها مماسا ، وجب أن يكون لها مباينا ، إذ لا فعال للأشياء إلا وهو مماس للأجسام أو مباين لها . قالوا : فإذا كان ذلك كذلك ، وكان الله عز وجل فاعل الأشياء ، ولم يجز في قولهم : إنه يوصف بأنه مماس للأشياء ، وجب بزعمهم أنه لها مباين ، فعلى مذهب هؤلاء سواء أقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه ، أو على الأرض إذ كان من قولهم إن بينونته من عرشه ، وبينونته من أرضه بمعنى واحد في أنه بائن منهما كليهما ، غير مماس لواحد منهما .
وقالت فرقة أخرى : كان الله تعالى ذكره قبل خلقه الأشياء ، لا شيء يماسه ، ولا شيء يباينه ، ثم خلق الأشياء فأقامها بقدرته ، وهو كما لم يزل قبل خلقه الأشياء لا شيء يماسه ولا شيء يباينه ، فعلى قول هؤلاء أيضا سواء أقعد
محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه ، أو على أرضه ، إذ كان سواء على قولهم عرشه وأرضه في أنه لا مماس ولا مباين لهذا ، كما أنه لا مماس ولا مباين لهذه .
وقالت فرقة أخرى : كان الله عز ذكره قبل خلقه الأشياء لا شيء ولا شيء يماسه ،
[ ص: 532 ] ولا شيء يباينه ، ثم أحدث الأشياء وخلقها ، فخلق لنفسه عرشا استوى عليه جالسا ، وصار له مماسا ، كما أنه قد كان قبل خلقه الأشياء لا شيء يرزقه رزقا ، ولا شيء يحرمه ذلك ، ثم خلق الأشياء فرزق هذا وحرم هذا ، وأعطى هذا ، ومنع هذا ، قالوا : فكذلك كان قبل خلقه الأشياء يماسه ولا يباينه ، وخلق الأشياء فماس العرش بجلوسه عليه دون سائر خلقه ، فهو مماس ما شاء من خلقه ، ومباين ما شاء منه ، فعلى مذهب هؤلاء أيضا سواء أقعد محمدا على عرشه ، أو أقعده على منبر من نور ، إذ كان من قولهم : إن جلوس الرب على عرشه ، ليس بجلوس يشغل جميع العرش ، ولا في إقعاد
محمد صلى الله عليه وسلم موجبا له صفة الربوبية ، ولا مخرجه من صفة العبودية لربه ، كما أن مباينة
محمد صلى الله عليه وسلم ما كان مباينا له من الأشياء غير موجبة له صفة الربوبية ، ولا مخرجته من صفة العبودية لربه من أجل أنه موصوف بأنه له مباين ، كما أن الله عز وجل موصوف على قول قائل هذه المقالة بأنه مباين لها ، هو مباين له . قالوا : فإذا كان معنى مباين ومباين لا يوجب
لمحمد صلى الله عليه وسلم الخروج من صفة العبودة والدخول في معنى الربوبية ، فكذلك لا يوجب له ذلك قعوده على عرش الرحمن ، فقد تبين إذا بما قلنا أنه غير محال في قول أحد ممن ينتحل الإسلام ما قاله
مجاهد من أن الله تبارك وتعالى يقعد
محمدا على عرشه .
فإن قال قائل : فإنا لا ننكر إقعاد الله
محمدا على عرشه ، وإنما ننكر إقعاده .
حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=14748عباس بن عبد العظيم ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17330يحيى بن كثير ، عن
الجريري ، عن
سيف السدوسي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، قال : إن محمدا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على كرسي الرب بين يدي الرب تبارك وتعالى ، وإنما ينكر إقعاده إياه معه ، قيل : أفجائز عندك أن يقعده عليه لا معه . فإن أجاز ذلك صار إلى الإقرار بأنه إما معه ، أو إلى أنه يقعده ، والله للعرش مباين ، أو لا مماس ولا مباين ، وبأي ذلك قال كان منه دخولا في بعض ما كان ينكره وإن قال : ذلك
[ ص: 533 ] غير جائز ؛ كان منه خروجا من قول جميع الفرق التي حكينا قولهم ، وذلك فراق لقول جميع من ينتحل الإسلام ، إذ كان لا قول في ذلك إلا الأقوال الثلاثة التي حكيناها ، وغير محال في قول منها ما قال
مجاهد في ذلك .