القول في
تأويل قوله تعالى : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ( 88 ) )
يقول جل ثناؤه : قل يا
محمد للذين قالوا لك : إنا نأتي بمثل هذا القرآن : لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ، لا يأتون أبدا بمثله ، ولو كان
[ ص: 547 ] بعضهم لبعض عونا وظهيرا . وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب قوم من
اليهود جادلوه في القرآن ، وسألوه أن يأتيهم بآية غيره شاهدة له على نبوته ، لأن مثل هذا القرآن بهم قدرة على أن يأتوا به .
ذكر الرواية بذلك حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ، قال : ثنا
محمد بن إسحاق ، قال : ثنا
محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، قال : ثني
سعيد بن جبير أو
عكرمة ، عن
ابن عباس ، قال :
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمود بن سيحان وعمر بن أضا وبحري بن عمرو ، وعزيز بن أبي عزيز ، وسلام بن مشكم ، فقالوا : أخبرنا يا محمد بهذا الذي جئتنا به ، حق من عند الله عز وجل ، فإنا لا نراه متناسقا كما تناسق التوراة ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما والله إنكم لتعرفون أنه من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم ، ولو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ما جاءوا به ، فقال عند ذلك ، وهم جميعا : فنحاص ، وعبد الله بن صوريا ، وكنانة بن أبي الحقيق ، وأشيع ، وكعب بن أسد ، وسموءل بن زيد ، وجبل بن عمرو : يا محمد ما يعلمك هذا ، إنس ولا جان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما والله إنكم لتعلمون أنه من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل ، فقالوا : يا محمد ، إن الله يصنع لرسوله إذا بعثه ما شاء ، ويقدر منه على ما أراد ، فأنزل علينا كتابا تقرؤه ونعرفه ، وإلا جئناك بمثل ما تأتي به ، فأنزل الله عز وجل فيهم وفيما قالوا ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قوله (
لئن اجتمعت الإنس والجن ) . . . . إلى قوله (
ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) قال : معينا ، قال : يقول : لو برزت الجن وأعانهم الإنس ، فتظاهروا لم يأتوا بمثل هذا القرآن . وقوله عز وجل (
لا يأتون بمثله ) رفع ، وهو جواب لقوله
[ ص: 548 ] " لئن " ، لأن العرب إذا أجابت " لئن " بلا رفعوا ما بعدها ، لأن " لئن " كاليمين وجواب اليمين بلا مرفوع ، وربما جزم لأن التي يجاب بها زيدت عليه لام ، كما قال
الأعشى :
لئن منيت بنا عن غب معركة لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل