القول في تأويل قوله تعالى : (
قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا )
[ ص: 580 ] يقول تعالى ذكره لنبيه : قل يا
محمد لمشركي قومك المنكرين دعاء الرحمن (
ادعوا الله ) أيها القوم (
أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) بأي أسمائه جل جلاله تدعون ربكم ، فإنما تدعون واحدا ، وله الأسماء الحسنى ، وإنما قيل ذلك له صلى الله عليه وسلم ، لأن
المشركين فيما ذكر سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه : يا ربنا الله ، ويا ربنا الرحمن ، فظنوا أنه يدعو إلهين ، فأنزل الله على نبيه عليه الصلاة والسلام هذه الآية احتجاجا لنبيه عليهم .
ذكر الرواية بما ذكرنا : حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
محمد بن كثير ، عن
عبد الله بن واقد ، عن
أبي الجوزاء عن
ابن عباس . قال :
كان النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا يدعو : يا رحمن يا رحيم ، فقال المشركون : هذا يزعم أنه يدعو واحدا ، وهو يدعو مثنى مثنى ، فأنزل الله تعالى ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) . . . . الآية .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
عيسى ; عن
الأوزاعي ، عن
مكحول ، أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يتهجد بمكة ذات ليلة ، يقول في سجوده : يا رحمن يا رحيم ، فسمعه رجل من المشركين ، فلما أصبح قال لأصحابه : انظروا ما قال ابن أبي كبشة ، يدعو الليلة الرحمن الذي باليمامة ، وكان باليمامة رجل يقال له الرحمن : فنزلت ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) . "
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) .
[ ص: 581 ]
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله (
أيا ما تدعوا ) بشيء من أسمائه .
حدثني
موسى بن سهل ، قال : ثنا
محمد بن بكار البصري ، قال : ثني
حماد بن عيسى ; عن
عبيد بن الطفيل الجهني ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن
مكحول ، عن
عراك بن مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810770إن لله تسعة وتسعين اسما كلهن في القرآن ، من أحصاهن دخل الجنة " .
قال
أبو جعفر : ولدخول " ما " في قوله (
أيا ما تدعوا ) وجهان : أحدهما أن تكون صلة ، كما قيل : (
عما قليل ليصبحن نادمين ) والآخر أن تكون في معنى إن : كررت لما اختلف لفظاهما ، كما قيل : ما إن رأيت كالليلة ليلة .
وقوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) اختلف أهل التأويل في الصلاة ، فقال بعضهم : عنى بذلك : ولا تجهر بدعائك ، ولا تخافت به ، ولكن بين ذلك ، وقالوا : عنى بالصلاة في هذا الموضع : الدعاء .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يحيى بن عيسى الدامغاني ، قال : ثنا
ابن المبارك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة ، في قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قالت : في الدعاء .
حدثنا
بشار ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة ، قالت : نزلت في الدعاء .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة مثله .
حدثنا
الحسن بن عرفة ، قال : ثنا
عباد بن العوام ، عن
أشعث بن سوار ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس في قول الله تعالى (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : كانوا يجهرون بالدعاء ، فلما نزلت هذه الآية أمروا أن لا يجهروا ، ولا يخافتوا .
[ ص: 582 ]
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
حماد ، عن
عمرو بن مالك البكري ، عن
أبي الجوزاء عن
عائشة ، قالت : نزلت في الدعاء .
حدثني
مطر بن محمد الضبي ، قال : ثنا
عبد الله بن داود ، قال : ثنا
شريك ، عن
زياد بن فياض ، عن
أبي عياض ، في قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : الدعاء .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
إبراهيم الهجري ، عن
أبي عياض (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : نزلت في الدعاء .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
شريك ، عن
زياد بن فياض ، عن
أبي عياض مثله .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان عمن ذكره عن
عطاء (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : نزلت في الدعاء .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مجاهد في الآية (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : في الدعاء .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
شعبة ، عن
الحكم ، عن
مجاهد ، قال : نزلت في الدعاء .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) في الدعاء والمسألة .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
جرير ، عن
ليث ، عن
مجاهد ، قال : نزلت في الدعاء والمسألة .
[ ص: 583 ]
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
يحيى ، قال : ثني
سفيان ، قال : ثني
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم ، عن
سعيد بن جبير في قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : في الدعاء .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
أبو أحمد الزبيري ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن عياش العامري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد قال : كان أعراب إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : اللهم ارزقنا إبلا وولدا ، قال : فنزلت هذه الآية (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) .
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، في قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : في الدعاء .
حدثني ابن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، (
ولا تجهر بصلاتك ) . . . . الآية ، قال : في الدعاء والمسألة .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
عيسى ; عن
الأوزاعي ، عن
مكحول (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : ذلك في الدعاء .
وقال آخرون : عنى بذلك الصلاة .
واختلف قائلو هذه المقالة في المعنى الذي عنى بالنهي عن الجهر به ، فقال بعضهم : الذي نهى عن الجهر به منها القراءة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
هشيم ، قال : أخبرنا
أبو بشر ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810771نزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوار ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن ، فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ، ومن جاء به ، قال : فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ( ولا تجهر بصلاتك ) [ ص: 584 ] فيسمع المشركون ( ولا تخافت بها ) عن أصحابك ، فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوا عنك .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا عثمان بن سعيد ، قال : ثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس ، في قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812393كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا جهر بالصلاة بالمسلمين بالقرآن ، شق ذلك على المشركين إذا سمعوه ، فيؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشتم والعيب به ، وذلك بمكة ، فأنزل الله : يا محمد ( ولا تجهر بصلاتك ) يقول : لا تعلن بالقراءة بالقرآن إعلانا شديدا يسمعه المشركون فيؤذونك ، ولا تخافت بالقراءة بالقرآن : يقول : لا تخفض صوتك حتى لا تسمع أذنيك ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) يقول : اطلب بين الإعلان والجهر وبين التخافت والخفض طريقا ، لا جهرا شديدا ، ولا خفضا لا تسمع أذنيك ، فذلك القدر ، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة سقط هذا كله ، يفعل الآن أي ذلك شاء .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول
nindex.php?page=hadith&LINKID=811653في قوله ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) . . . . الآية ، هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة كان إذا صلى بأصحابه ، فرفع صوته بالقراءة أسمع المشركين ، فآذوه ، فأمره الله أن لا يرفع صوته ، فيسمع عدوه ، ولا يخافت فلا يسمع من خلفه من المسلمين ، فأمره الله أن يبتغي بين ذلك سبيلا .
حدثنا
ابن وكيع ، قال : ثنا
جرير ، عن
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11937جعفر بن إياس ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810772كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالقرآن ، فكان المشركون إذا سمعوا صوته سبوا القرآن ، ومن جاء به ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخفي القرآن فما يسمعه أصحابه ، فأنزل الله ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) .
حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ، قال : سمعت أبي ، يقول : أخبرنا أبو حمزة عن
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11937جعفر بن إياس ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811654كان رسول الله صلى [ ص: 585 ] الله عليه وسلم إذا رفع صوته وسمع المشركون ، سبوا القرآن ، ومن جاء به ، وإذا خفض لم يسمع أصحابه ، قال الله ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
يونس : ثنا
محمد بن إسحاق ، قال : ثني
nindex.php?page=showalam&ids=15855داود بن الحصين ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ، قال : كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي تفرقوا ، وأبوا أن يستمعوا منه ، فكان الرجل إذا أراد أن يستمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو ، وهو يصلي ، استرق السمع دونهم فرقا منهم ، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ، ذهب خشية أذاهم ، فلم يستمع ، فإن خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته ، لم يستمع الذين يستمعون من قراءته شيئا ، فأنزل الله عليه ( ولا تجهر بصلاتك ) فيتفرقوا عنك (
ولا تخافت بها ) فلا تسمع من أراد أن يسمعها ، ممن يسترق ذلك دونهم ، لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع ، فينتفع به ، (
وابتغ بين ذلك سبيلا ) .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
يعقوب ، عن
جعفر ، عن
سعيد ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812395كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بقراءة القرآن في المسجد الحرام ، فقالت قريش : لا تجهر بالقراءة فتؤذي آلهتنا ، فنهجو ربك ، فأنزل الله ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) . . . . الآية .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
هشيم ، قال : أخبرنا
أبو بشر ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، في قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810773نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مختف بمكة ، فكان إذا صلى بأصحابه رفع الصوت بالقرآن ، فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ، ومن جاء به ، فقال الله لنبيه ( ولا تجهر بصلاتك ) : أي بقراءتك ، فيسمع المشركون ، فيسبوا القرآن ( ولا تخافت بها ) عن أصحابك ، فلا تسمعهم ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
أبو أحمد ، قال : ثنا
سفيان ، عن
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11937جعفر بن إياس ، عن
سعيد بن جبير ، في قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : في القراءة .
[ ص: 586 ]
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
سعيد ، عن
أبي بشر ، عن
سعيد بن جبير ، في هذه الآية (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811655كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع صوته أعجب ذلك أصحابه ، وإذا سمع ذلك المشركون سبوه ، فنزلت هذه الآية .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
سلمة ، عن
علقمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، قال : نبئت
nindex.php?page=hadith&LINKID=812396أن أبا بكر كان إذا صلى فقرأ خفض صوته ، وأن عمر كان يرفع صوته ، قال : فقيل لأبي بكر : لم تصنع هذا؟ فقال : أناجي ربي ، وقد علم حاجتي ، قيل : أحسنت ، وقيل لعمر : لم تصنع هذا؟ قال : أطرد الشيطان ، وأوقظ الوسنان ، قيل : أحسنت ، فلما نزلت ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) قيل لأبي بكر : ارفع شيئا ، وقيل لعمر : اخفض شيئا .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : ثنا
حسان بن إبراهيم ، عن
إبراهيم الصائغ ، عن
عطاء ، في قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : يقول ناس إنها في الصلاة ، ويقول آخرون إنها في الدعاء .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) وكان نبي الله وهو بمكة ، إذا سمع المشركون صوته رموه بكل خبث ، فأمره الله أن يغض من صوته ، وأن يجعل صلاته بينه وبين ربه ، وكان يقال : ما سمعته أذنك فليس بمخافتة .
حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، في قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=811656كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالصلاة ، فيرمى بالخبث ، فقال : لا ترفع صوتك فتؤذى ولا تخافت بها ، وابتغ بين ذلك سبيلا .
وقال آخرون : إنما عني بذلك : ولا تجهر بالتشهد في صلاتك ، ولا تخافت بها .
[ ص: 587 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني
أبو السائب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة ، قالت : نزلت هذه الآية في التشهد (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) .
حدثني
أبو السائب ، قال : ثنا
حفص ، عن
أشعث ، عن
ابن سيرين مثله . وزاد فيه : وكان الأعرابي يجهر فيقول : التحيات لله ، والصلوات لله ، يرفع فيها صوته ، فنزلت (
ولا تجهر بصلاتك ) .
وقال آخرون : بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي
بمكة جهارا ، فأمر بإخفائها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : ثنا
الحسين ، عن
يزيد ، عن
عكرمة والحسن البصري قالا قال في بني إسرائيل (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا )
nindex.php?page=hadith&LINKID=811657وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى يجهر بصلاته ، فآذى ذلك المشركين بمكة ، حتى أخفى صلاته هو وأصحابه ، فلذلك قال ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) وقال في الأعراف ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين ) .
وقال آخرون : معنى ذلك : ولا تجهر بصلاتك تحسنها من إتيانها في العلانية ، ولا تخافت بها : تسيئها في السريرة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، عن
الحسن أنه كان يقول (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) : أي لا تراء بها علانية ، ولا تخفها سرا (
وابتغ بين ذلك سبيلا ) .
حدثنا
الحسن ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، قال : كان
الحسن يقول في قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : لا تحسن علانيتها ، وتسئ سريرتها .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
هشيم ، عن
عوف ، عن
الحسن ، في قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : لا تراء بها في العلانية ، ولا تخفها في السريرة .
[ ص: 588 ]
حدثني
علي بن الحسن الأزرقي ، قال : ثنا
الأشجعي ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
الحسن (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : تحسن علانيتها ، وتسيء سريرتها .
حدثني
علي ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : لا تصل مراءاة الناس ولا تدعها مخافة .
وقال آخرون في ذلك ما حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد في قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) قال : السبيل بين ذلك الذي سن له جبرائيل من الصلاة التي عليها المسلمون . قال : وكان أهل الكتاب يخافتون ، ثم يجهر أحدهم بالحرف ، فيصيح به ، ويصيحون هم به وراءه ، فنهي أن يصيح كما يصيح هؤلاء ، وأن يخافت كما يخافت القوم ، ثم كان السبيل الذي بين ذلك ، الذي سن له جبرائيل من الصلاة .
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة ، ما ذكرنا عن
ابن عباس في الخبر الذي رواه
أبو جعفر ، عن
سعيد ، عن
ابن عباس ، لأن ذلك أصح الأسانيد التي روي عن صحابي فيه قول مخرجا ، وأشبه الأقوال بما دل عليه ظاهر التنزيل ، وذلك أن قوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) عقيب قوله (
قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) وعقيب تقريع الكفار بكفرهم بالقرآن ، وذلك بعدهم منه ومن الإيمان . فإذا كان ذلك كذلك ، فالذي هو أولى وأشبه بقوله (
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) أن يكون من سبب ما هو في سياقه من الكلام ، ما لم يأت بمعنى يوجب صرفه عنه ، أو يكون على انصرافه عنه دليل يعلم به الانصراف عما هو في سياقه .
فإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : قل ادعوا الله ، أو ادعوا الرحمن ، أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ، ولا تجهر يا
محمد بقراءتك في صلاتك ودعائك فيها ربك ومسألتك إياه ، وذكرك فيها ، فيؤذيك بجهرك بذلك المشركون ، ولا تخافت بها فلا يسمعها أصحابك (
وابتغ بين ذلك سبيلا )
[ ص: 589 ] ولكن التمس بين الجهر والمخافتة طريقا إلى أن تسمع أصحابك ، ولا يسمعه المشركون فيؤذوك . ولولا أن أقوال أهل التأويل مضت بما ذكرت عنهم من التأويل ، وأنا لا نستجير خلافهم فيما جاء عنهم ، لكان وجها يحتمله التأويل أن يقال : ولا تجهر بصلاتك التي أمرناك بالمخافتة بها ، وهي صلاة النهار لأنها عجماء ، لا يجهر بها ، ولا تخافت بصلاتك التي أمرناك بالجهر بها ، وهي صلاة الليل ، فإنها يجهر بها (
وابتغ بين ذلك سبيلا ) بأن تجهر بالتي أمرناك بالجهر بها ، وتخافت بالتي أمرناك بالمخافتة بها ، لا تجهر بجميعها ، ولا تخافت بكلها ، فكان ذلك وجها غير بعيد من الصحة ، ولكنا لا نرى ذلك صحيحا لإجماع الحجة من أهل التأويل على خلافه . فإن قال قائل : فأية قراءة هذه التي بين الجهر والمخافتة؟
قيل : حدثني
مطر بن محمد ، قال : ثنا
قتيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=17282ووهب بن جرير ، قالا ثنا
شعبة ، عن
الأشعث بن سليم ، عن
الأسود بن هلال ، قال : قال
عبد الله : لم يخافت من أسمع أذنيه .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
شعبة ، عن
الأشعث ، عن
الأسود بن هلال ، عن
عبد الله ، مثله .