القول في تأويل قوله تعالى : (
وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ( 111 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم ( وقل ) يا
محمد (
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ) فيكون مربوبا لا ربا ، لأن رب الأرباب لا ينبغي أن يكون له ولد (
ولم يكن له شريك في الملك ) فيكون عاجزا ذا حاجة إلى معونة غيره ضعيفا ، ولا يكون إلها من يكون محتاجا إلى معين على ما حاول ، ولم يكن منفردا بالملك والسلطان (
ولم يكن له ولي من الذل ) يقول : ولم يكن له حليف حالفه من الذل الذي به ، لأن من كان ذا حاجة إلى نصرة غيره ، فذليل مهين ، ولا يكون من كان ذليلا مهينا يحتاج إلى ناصر إلها يطاع (
وكبره تكبيرا )
[ ص: 590 ] يقول : وعظم ربك يا
محمد بما أمرناك أن تعظمه به من قول وفعل ، وأطعه فيما أمرك ونهاك .
وبنحو الذي قلنا في قوله (
ولم يكن له ولي من الذل ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
ولم يكن له ولي من الذل ) قال : لم يحالف أحدا ، ولا يبتغي نصر أحد .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم أهله هذه الآية ( الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ) الصغير من أهله والكبير .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
حكام ، قال : ثنا
أبو الجنيد ، عن
جعفر ، عن
سعيد ، عن
ابن عباس ، قال : إن التوراة كلها في خمس عشرة آية من بني إسرائيل ، ثم تلا (
لا تجعل مع الله إلها آخر ) .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
أبو صخر ، عن
القرظي ، أنه كان يقول في هذه الآية (
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ) . . . . الآية . قال :
إن اليهود والنصارى قالوا : اتخذ الله ولدا ، وقالت العرب : لبيك ، لبيك ، لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، وقال الصابئون والمجوس : لولا أولياء الله لذل الله ، فأنزل الله (
وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره ) أنت يا محمد على ما يقولون ( تكبيرا ) .
آخر تفسير سورة بني إسرائيل ، والحمد لله رب العالمين .